أعلنت الولايات المتحدة قانونا لدعم الاستقرار في ليبيا، يقضي بإقرار موازنة مالية عامة للدولة بين حكومتي شرق ليبيا وغربها، إلى أن يتم الاتفاق على تشكيل حكومة موحدة توافقية، في خطوة يرى مراقبون أنها أكدت بداية بسط واشنطن فعليا لنفوذها على مراكز القرار الليبي. طرابلس - رجحت كتلة التوافق بمجلس الدولة الاستشاري، الأربعاء، أن تعمل البنود الواردة في القانون الأميركي لدعم استقرار ليبيا، على حل الأزمة في البلاد. ورحبت الكتلة بالقانون ودعت لاستثماره في الانتقال السياسي، مشيرة إلى أنه تضمن عدة نقاط من شأنها أن تدعم الجهود المبذولة في اتجاه الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والمؤسساتي. وذكرت الكتلة، في بيان لها، أن حل الأزمة الليبية يتجاوز النصوص القانونية والنوايا الدولية إلى الأدوات الكفيلة بإنفاذها وقدرة الليبيين على بناء التوافقات الكفيلة بإنهاء الانقسام والاحتراب والتدخل الخارجي، وأضافت: “حريصون على العمل مع كل الشركاء في الداخل والخارج بما يخدم المصلحة الليبية العليا خاصة بناء التوافقات ومحاربة الجريمة العابرة للحدود والتدخل الخارجي ونرحب بما تضمنه القانون من إشارات واضحة على توجه جديد للإدارة الأميركية تجاه ليبيا بشكل عام وتجاه بناء شراكات فاعلة ومستديمة بعيدا عن الوساطات والوكالات. وفي 27 مايو الماضي، أصدر الكونغرس الأميركي النسخة المعدلة من قانون دعم الاستقرار في ليبيا، والتي يكلف بموجبها الرئيس جو بايدن بإعداد قائمة بأسماء منتهكي القانون الدولي لحقوق الإنسان في ليبيا في مدة أقصاها 6 أشهر من تاريخ إصدار القانون. ويرى مراقبون، أن واشنطن بدأت فعليا في بسط نفوذها على مراكز القرار الليبي، حيث تولت الأربعاء الإشراف من خلال وكيل الخزانة على اجتماع موسع شارك فيه محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، ورئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك، وأعضاء من اللجنة المالية بمجلس النواب، ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة. في أبريل 2022 أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن بلاده ستعطي الأولوية للمشاركة مع ليبيا في إطار إستراتيجية منع الصراع كما شارك من طرف حكومة الدبيبة وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء عادل جمعة، ووكيل وزارة الاقتصاد سهيل بوشيحة، والناطق باسم الحكومة محمد حمودة، ومن طرف حكومة حماد رئيس صندوق إعادة إعمار ليبيا بلقاسم حفتر، ومسؤول من وزارة المالية بحكومة حماد. وقالت مصادر مطلعة إن وفد حكومة الدبيبة انسحب في وقت مبكر بعد مشاركة بلقاسم حفتر في الاجتماع، ولكن استمر اللقاء دون وفد حكومة الدبيبة، واتفق الحضور على إحالة ميزانية عامة موحدة بين حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة والحكومة المنبثقة عن مجلس النواب برئاسة أسامة حماد لاعتمادها من مجلس النواب. وكان الدبيبة، رحب بإقرار مجلس النواب الأميركي قانون دعم الاستقرار في ليبيا، وقال إن الكونغرس الأميركي أكد دعمه لتحقيق الاستقرار في ليبيا بإقراره قانون الاستقرار، موضحًا أن القانون يمكن السلطات الأميركية من ملاحقة الجهات المعرقلة لتحقيق الاستقرار في ليبيا. ويعتبر الإعلان رسميا عن إصدار القانون منطلقا لمرحلة جديدة من الدور الأميركي في ليبيا حيث ستعمل واشنطن على تحقيق جملة أهدافها وفي مقدمتها احتواء الحضور التركي ومواجهة التمدد الروسي الذي بات يشكل أزمة معقدة أمام الإدارة الأميركية. ويرى محللون إلى أن الضغوط التي مارستها واشنطن من أجل التوافق على ميزانية موحدة بين حكومتي طرابلس وبنغازي، يشير إلى أن الجانب الأميركي غير معني حاليا بكل ما قيل حول إمكانية الدفع نحو تشكيل حكومة موحدة تتولى قيادة مرحلة تنظيم الانتخابات على كامل الجغرافيا الليبية. وسبق لرئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب يوسف العقوري أن استمع في لقاء تشاوري عبر التقنية الافتراضية مع فريق من المتخصصين في السفارة الأميركية، لمعطيات ضافية حول قانون الاستقرار الأميركي وأهدافه وأبرزها مساعدة الدول التي تمر بظروف صعبة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والتحول الديمقراطي، بالاستفادة من الخبرات الأميركية والدولية، وأكد حرص لجنة الخارجية على إنجاح جميع البرامج التي تهدف لمساعدة الشعب الليبي بشرط أن تلبي الاحتياجات وتكون بنتيجة تشاور وتبادل وجهات النظر مع جميع الليبيين من الأقاليم الثلاثة، وأن تحترم تلك البرامج سيادة البلاد وتراعي التنسيق مع السلطات المحلية، مبديا حرص لجنة الشؤون الخارجية على متابعة جميع البرامج الدولية وضمان أن تشمل جميع مناطق ليبيا، وأن تدار بطريقة شفافة لتحقيق الأهداف بفعالية. قانون استقرار ليبيا يفرض عقوبات على أولئك الذين يسعون إلى الوقوف في طريق الحل الدبلوماسي في ليبيا وفي أبريل 2022 أعلن الرئيس بايدن أن الولايات المتحدة ستعطي الأولوية للمشاركة مع ليبيا في إطار الإستراتيجية الأميركية لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار التي تمثل التزامًا أميركيًا كبيرا لدعم صمود ليبيا وتقدمها نحو مستقبل أكثر سلاما. ومن أجل دعم ليبيا في كسر حلقة عدم الاستقرار، قالت الولايات المتحدة، إنها وضعت بالتشاور الوثيق مع الشركاء الليبيين والمجتمع الدولي، خطة إستراتيجية مدتها 10 سنوات على أن يتم توجيه جهودها المتضافرة نحو هدف مشترك ألا وهو: “ليبيا تحكمها سلطة منتخبة ديمقراطيا وموحدة وممثلة ومعترف بها دوليا، وهي قادرة على ضمان حقوق الإنسان، وتقديم الخدمات العامة، وتعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، وتأمين حدودها، والشراكة مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في الأولويات المشتركة”. ومن خلال هذه الخطة، ستطبق الولايات المتحدة نهجا قابلا للتطوير ومتسلسلًا عبر أربعة أهداف شاملة لدعم السلام والاستقرار على المدى الطويل الذي يستحقه الشعب الليبي: أن تمضي ليبيا قدمًا في انتقالها إلى نظام سياسي موحد ومنتخب ديمقراطيا ومستقر يتمتع بمشاركة واسعة من المجتمع الليبي ويحظى بقبوله، ويمكنه تقديم خدمات عامة موجّهة بشكل فعال ومنصف وحماية حقوق الإنسان لجميع الليبيين، وأن تدمج ليبيا بشكل أفضل الجنوب المهمش تاريخيًا في الهياكل الوطنية، مما يؤدي إلى توحيد أوسع وتأمين الحدود الجنوبية، وأن تتقدم ليبيا نحو تأسيس جهاز عسكري وأمني موحد خاضع للسيطرة المدنية مع احتكار الاستخدام المشروع للقوة القادر على الحفاظ على الاستقرار والمساهمة في تحقيق أهداف الأمن الإقليمي، فضلا عن تعزيز البيئة الاقتصادية والتجارية في ليبيا النمو الاقتصادي المستدام والمنصف، وتحدّ من الفساد، وتتيح إدارة أفضل للإيرادات. وتشير الإدارة الأميركية إلى أن خطة الاستقرار في ليبيا تنبني على الشراكات البناءة وتعززها لتحقيق هذه الأهداف ولدعم الشعب الليبي في تطلعاته الأوسع نحو الاستقرار والمساءلة والحوكمة المستجيبة، تشمل مجالات التركيز الأولية برامج على مستوى المجتمع يمكن توسيع نطاقها لدعم الانتخابات الوطنية، والمصالحة التي يقودها الليبيون، والتكامل الأفضل للمناطق المهمشة تاريخيًا والتي تعتبر ضرورية لاستقرار ليبيا والمنطقة الأوسع. الإعلان رسميا عن إصدار القانون يعتبر منطلقا لمرحلة جديدة من الدور الأميركي في ليبيا وفي سبتمبر 2022 صادق الكونغرس الأميركي، على ”قانون دعم الاستقرار في ليبيا” الذي ينص على إعداد قائمة بأسماء المخترقين للقانون الدولي ولحقوق الإنسان في ليبيا من كل الأطراف في مدة أقصاها 180 يوما من تاريخ إصداره. ويُمكن القانون السلطات الأميركية من ملاحقة من تعتبرهم معرقلين، من خلال فرض حزمة من العقوبات ضد من ارتكبوا جرائم حرب أو جرائم مالية أو ساهموا في تسهيل التدخلات الإقليمية أو شاركوا في غسيل الأموال وتهريب وبيع النفط خارج المؤسسات. وكان مجلس النواب الأمريكي، صادق في سبتمبر 2021 على قانون دعم الاستقرار في ليبيا وتعديلاته، وذلك عقب قيام 385 عضوا بالتصويت بنعم مقابل 35 صوتًا بلا، وامتناع 12 عضوا آخرين عن التصويت. وقد مرّ القانون بسلسلة من المناقشات والتعديلات قبل أن يصل إلى صيغة الاعتماد النهائية حيث قامت لجنة الشؤون الخارجية بالكونجرس في نهاية يوليو 2020 بإقرار 13 تعديلا على مشروع هذا القانون، وركزت التعديلات على الحل السلمي للأزمة في ليبيا، ودعم القرارات الأممية بشأن فرض حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، إضافة إلى دعم سيادة ليبيا واستقلالها وسلامتها الإقليمية ووحدتها الوطنية. ونصت التعديلات على “اتخاذ إجراءات لإنهاء العنف وتدفق الأسلحة، ورفض محاولات أي طرف تصدير النفط الليبي بصورة غير مشروعة وحث الأطراف الليبية على طرد القوات الأجنبية والمرتزقة الأجانب” ، و“معارضة الهجمات على المدنيين والعاملين في المجال الطبي والبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك إمدادات المياه في ليبيا، ودعم المساءلة عن المشاركين في مثل هذه الأعمال الشنيعة”، والدعوة إلى” الاستفادة من العلاقات الدبلوماسية لإقناع أطراف النزاع في ليبيا بوقف تصعيد القتال الحالي ووقفه، وإقناع القوى الأجنبية بالتوقف عن توفير الأفراد، بما في ذلك المرتزقة والأسلحة والتمويل ما يفاقم النزاع”. القانون يتضمن تقديم حل سلمي للصراع في ليبيا من خلال عملية سياسية كأفضل طريقة لتأمين مصالح واشنطن كما نصت على “دعم البناء على الاتفاق السياسي الليبي كإطار قابل للتطبيق للحل السياسي في ليبيا، وحث جميع الأطراف الليبية على استئناف العملية السياسية الشاملة بملكية وقيادة ليبية تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا”. وبحسب السيناتور كريس ميرفي فإن” قانون استقرار ليبيا يعاقب أولئك الذين يرتكبون انتهاكات حقوق الإنسان، أو يدعمون التدخل العسكري الأجنبي أو يهددون السلام والأمن والاستقرار في ليبيا” وأشار إلى أن مشروع القانون سيحشد أيضًا الموارد الأميركية، بما في ذلك المساعدات الإنسانية، لتعزيز الحكم الرشيد، ومحاربة الفساد، ودعم الانتخابات الحرة والنزيهة، وتعزيز الانتعاش الاقتصادي في ليبيا، معتبرا أن الحرب في ليبيا أدخلت البلاد في أزمة إنسانية ووفرت بيئة مناسبة للجماعات المتطرفة. وأضاف أن الجهات الخارجية زادت من تعقيد الوضع من خلال ضخ الأموال والأسلحة في البلد الذي مزقته الحرب ، مشددا على ضرورة محاسبة كل من يسعى لإفساد التحول الديمقراطي في ليبيا. ويرى أيضًا أنه من المهم تزويد المؤسسات الديمقراطية بالدعم المالي والخبرة الدبلوماسية الواسعة حتى تنجح. ويعتبر السيناتور كريس كونز، أن قانون استقرار ليبيا يفرض عقوبات على أولئك الذين يسعون إلى الوقوف في طريق الحل الدبلوماسي في ليبيا. وأكد مجددًا للأطراف على الأرض أن الولايات المتحدة ملتزمة بدعم السلام والاستقرار في ليبيا، فيما كان السيناتور ليندسي غراهام أوضح أن هدفهم هو منع انتشار الصراع قبل أن تصبح المنطقة بأكملها أرضًا خصبة للإرهابيين، وتابع أن “من مصلحة أمريكا وحلفائنا أن نرى ليبيا مستقرة وآمنة”، مشددًا على ضرورة مواصلة العمل لمحاسبة المسؤولين عن تأجيج الصراع وفرض عقوبات على من يزعزع استقرار ليبيا. ويتضمن القانون تقديم حل سلمي للصراع في ليبيا من خلال عملية سياسية كأفضل طريقة لتأمين مصالح الولايات المتحدة، وضمان ليبيا مستقرة وموحدة، والحد من خطر الإرهاب، وتوفير السلام والفرص للشعب الليبي، والتشديد على ضرورة إنفاذ الأمر التنفيذي المتعلق بحظر الممتلكات، وتعليق دخول الأشخاص الذين يساهمون في تفاقم الوضع في ليبيا إلى الولايات المتحدة، والمصمم لاستهداف الأفراد أو الكيانات التي تهدد السلام والأمن والاستقرار في ليبيا.
مشاركة :