مقالة خاصة: كيف ولماذا يقوم السياسيون الأمريكيون بفبركة التهديدات الخارجية

  • 6/24/2024
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بكين 24 يونيو 2024 (شينخوا) في نظر السياسيين الأمريكيين، فإن الثوم والبطاريات والرافعات والسيارات الكهربائية وتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي - وهي أشياء لا يجمعها قاسم مشترك في نظر الناس العاديين - تشترك في سمة واحدة بارزة ومريبة إذا كانت قادمة من الصين تلخصها جملة واحدة مفادها: تشكل تهديدا محتملا للأمن القومي الأمريكي. في السنوات الأخيرة، وسعت واشنطن بشكل متعمد مفهوم "الأمن القومي" عند التعامل مع الصين، واستحضرت تهديدات سخيفة وضخمتها. وأطلق باحثون على هذا النوع من العقلية مسمى "أي شيء عدا الصين"، مما يعني معارضة كل شيء متعلق بالصين. ولدى حكومة الولايات المتحدة هوس المغالاة في التهديدات الخارجية لحماية مصالح مجموعات خاصة في الداخل، كالمجمع الصناعي العسكري، على سبيل المثال، مع السعي إلى فرض الهيمنة الأمريكية. وهذا النهج لا يقوض مصالح الشعب الأمريكي فحسب، وإنما يعرض السلام والتنمية العالميين للخطر. -- "بارانويا" الولايات المتحدة تجاه الصين لقد صعدت الولايات المتحدة من خطابها حول ما يسمى بـ"التهديد الأمني الصيني" في السنوات الأخيرة، مع افتراءاتها التي تضمنت "بالونات التجسس" و"التوسع السريع للقوة النووية الصينية" و"استثمارات الصين في الموانئ الخارجية". خلال حوار شانغريلا الـ21 الذي عقد في سنغافورة في أوائل يونيو، حاول وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن مرة أخرى تحويل التركيز إلى "التهديد الصيني"، متحدثا عن مزاعم "السلوك القسري" للصين تجاه الفلبين وقوتها النووية المتنامية وقدراتها الفضائية والسيبرانية. ونيته الحقيقية ما هي إلا التحريض على المواجهة في جوار الصين وخلق ذريعة للولايات المتحدة للتدخل في شؤون منطقة آسيا-الباسيفيك. في مارس من هذا العام، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عن ميزانية الدفاع للسنة المالية 2025، مسجلة إجمالي 849.8 مليار دولار أمريكي، وهو ما يمثل رقما قياسيا آخر. وبلغت ميزانية القوات الجوية 188.1 مليار دولار، متجاوزة ميزانية الجيش لأول مرة منذ عقود. لكن وزير القوات الجوية فرانك كيندال ظل غير راض، واشتكى في جلسة استماع في مجلس الشيوخ في أبريل من أن الاعتمادات "غير كافية"، مشيرا إلى ما يسمى بـ"التهديد الصيني". كما وجه السياسيون الأمريكيون سهام الانتقاد لقطاعي الطاقة المتجددة والبنية التحتية في الصين، متهمين أنظمة التشغيل في السيارات الكهربائية الصينية بنقل معلومات حساسة إلى الحكومة الصينية واتخذوا ذلك كمبرر لحظرها. وزعمت وزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو في مارس أن الصين يمكنها الوصول إلى بيانات حول الموقع أو الرسائل الشخصية المنقولة عبر السيارات الصينية الصنع، قائلة إن الولايات المتحدة لن تسمح للسيارات الكهربائية الصينية بالسير على الطرق الأمريكية إلا إذا "كانت هناك ضوابط حكومية كافية على البرامج وأجهزة الاستشعار". في الوقت نفسه، على الرغم من أن الرابطة الأمريكية لسلطات الموانئ ذكرت في مارس 2023 أنه لا يوجد دليل على استخدام الرافعات الصينية الصنع كأدوات تجسس وأن الرافعات الحديثة "لا يمكنها تتبع أصل أو وجهة أو طبيعة" البضائع المشحونة في الموانئ الأمريكية، لا تزال الحكومة الأمريكية عازمة على استبدال الرافعات الصينية الصنع في الموانئ على الصعيد الوطني. مع درجة مماثلة من جنون الارتياب ودون أي دليل، اتهمت الحكومة الأمريكية أيضا "تيك توك"، وهي منصة وسائط اجتماعية مملوكة لشركة الإنترنت الصينية "بايت دانس"، بتقويض الأمن القومي والقيم الديمقراطية. ومع ذلك، في مفارقة ساخرة، يعكف كلا المرشحين لانتخابات الرئاسة الأمريكية الآن على استقطاب الناخبين على التطبيق الذي دفعا لحظره. حتى الثوم المستورد من الصين تحول إلى أحد المكونات المستخدمة لاختلاق ما يسمى بـ"التهديد الصيني". في ديسمبر من العام الماضي، ادعى السيناتور الأمريكي ريك سكوت أن الثوم القادم من الصين يستخدم النفايات البشرية كسماد، ويشكل مخاطر أمنية على الولايات المتحدة. وكتب روري تروكس، وهو أستاذ مشارك في مجال السياسة والشؤون الدولية في جامعة برينستون، في افتتاحية بصحيفة ((نيويورك تايمز))، أن "الهيئة الوطنية الجماعية لأمريكا تعاني من حالة مزمنة من القلق تجاه الصين"، مشيرا إلى أن "أي شيء تقريبا مع كلمة "صيني" قبله الآن يؤدي إلى استجابة تثير المخاوف في نظامنا السياسي، ما يشوش قدرتنا على قياس التهديدات ووضعها في سياقها بشكل صحيح". -- "بث الذعر لدى الشعب الأمريكي" لقد كانت فبركة التهديدات مكونا هاما ضمن الإستراتيجيات الخارجية للولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، والصين ليست الهدف الوحيد. وكثيرا ما استخدمت الحكومة الأمريكية تكتيك اختلاق التهديدات كوسيلة لتبرير قراراتها وحشد الدعم الشعبي للتدخل العسكري. وينطوي هذا النهج على التضخيم المتعمد والتلاعب بالمخاطر المتصورة التي تشكلها الكيانات أو الأيديولوجيات الأجنبية. في فبراير 1947، ومع معاناة بريطانيا من صعوبات اقتصادية جمة، أبلغت الولايات المتحدة أنها لم تعد قادرة على مساعدة اليونان وتركيا اقتصاديا. ولمواجهة ما أطلق عليه مصطلح "انتشار الشيوعية"، قررت الحكومة الأمريكية السعي للحصول على موافقة الكونغرس على مشروع قانون لدعم البلدين. ونصح آرثر فاندنبرغ، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي آنذاك، الرئيس الأمريكي الأسبق هاري إس.ترومان بأن أفضل طريقة لضمان تمرير مشروع القانون هي من خلال خطاب عام يهدف إلى "بث الذعر لدى الشعب الأمريكي". وغالبا ما ينظر إلى هذا الخطاب على أنه مقدمة لجدلية الحرب الباردة، حيث نجح في حشد الدعم العام لمشروع قانون المساعدات. -- من المنتفع قال كولن باول، وزير الخارجية الأمريكي في الفترة من 2001 إلى 2005، في عام 2012، إن "أحد أكبر التحديات التي واجهتها على الإطلاق كان عندما انتهت الحرب الباردة ... لقد فقدنا أفضل عدو لنا في ذلك الوقت"، مضيفا "هيكلنا بأكمله كان يعتمد على وجود اتحاد سوفيتي قد يهاجمنا، وقد ذهب". وأفاد ويليام هارتونغ، وهو زميل باحث بارز في معهد كوينسي لفنون الحكم المسؤول، أن الصين هي "التهديد السريع" اليوم، كما يسميها البنتاغون، وهي دولة ذات عدد سكان أكبر بكثير، واقتصاد أكثر قوة، وقطاع تقني أكثر تطورا بكثير مما وصل إليه الاتحاد السوفيتي. لقد أثرى تلفيق التهديدات الخارجية عددا صغيرا من الجماعات في الولايات المتحدة، لكن الضحايا النهائيين ليسوا فقط دولا مثل العراق، التي تعاني من العدوان والتدخل الأمريكي، ولكن أيضا الشعب الأمريكي نفسه. وقال ستيفن والت، أستاذ الشؤون الدولية في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، في مقابلة مع مجلة ييل للشؤون الدولية، إن "أحد المخاطر الرئيسية على أمن الولايات المتحدة هو ميلنا للمغالاة في التهديدات التي نواجهها بشكل كبير". وأضاف "يبدو أننا نعيش في حالة استثنائية من جنون الارتياب. فعلى أقل تقدير، تقودنا المغالاة في التهديدات بهذه الطريقة إلى إهدار الموارد؛ وعلى أقصى تقدير، يؤدي ذلك إلى حماقات كبيرة مثل غزو العراق عام 2003".

مشاركة :