خلال الأسبوع الحالي، أعلنت إحدى الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودي، شركة صافولا الرائدة في مجال التجزئة، نتائجها الربعية للسنة الحالية 2016م، حيث ظهرت النتائج مخيبة للآمال بعد أن انخفضت أرباح الشركة بنسبة 80% مقارنة بالربع الأول من السنة الماضية 2015م من 470.5 مليون ريال إلى 92.9 مليون ريال. الشركة أشارت لسبب الخسائر في إعلانها ما نصه " كما يعود سبب زيادة المصروفات التشغيلية بشكل رئيس إلى افتتاح مراكز تجارية جديدة في قطاع التجزئة (أسواق بندة) والقيام بعدد من الأنشطة التسويقية، بالإضافة إلى ...". إعلان الشركة لم يوضح بالضبط المراكز التجارية الجديدة هل هي مراكز بندة الكبيرة أو سلسلة "بندتي" الصغيرة التي توسعت الشركة فيها خلال الفترة الماضية، فإن كانت مراكز بندة الكبيرة فأعتقد أنه يمكن للشركة التعامل مع هذه التغيرات كما تعاملت معها السنوات السابقة، ولكن إن كانت مراكز "بندتي" الصغيرة الجديدة، وهو ما أرجحه، فهو أمر طبيعي حدوثه بسبب التعقيدات التي يحتوي عليها قطاع التجزئة في السعودية. بالنسبة لشركة صافولا، اسواق "بندتي" لا تعتبر خطوة استثمارية حكيمة لتطبيقها في قطاع التجزئة أولا، وثانيا تطبيقها في السعودية التي ستمر بتحول استراتيجي مرتقب يغير في تشريعات القطاع. أحد مؤشرات النجاح الرئيسية في قطاع التجزئة بشكل عام هو حجم المبيعات لكل متر مربع مستخدم لعرض المنتجات وبيعها، لهذا تركز شركات التجزئة عادة على زيادة مبيعاتها عن طريق تحسين كفاءتها الانتاجية وتدوير المخزون مرات عديدة خلال السنة لاستهلاك الأصول الثابتة الكبيرة للنشاط. لذا، من الخطأ الفادح أن تقوم شركة تجزئة بزيادة مبيعاتها عن طريق معارض صغيرة في مناطق مترامية كالبقالات لأنه سيزيد حتما من المصاريف التشغيلية مقارنة بالزيادة في الايرادات ما يؤدي لاحقا إلى تآكل أرباح الشركة تدريجيا ومن ثم تعرض الشركة للخسارة وتآكل رأس المال. هذا الأمر الذي يجعلنا نقف طويلا عند المقترح الذي طرح في مجلس الشورى لإغلاق البقالات الصغيرة لصالح شركات التجزئة الكبيرة. أشارك صاحب مقترح إغلاق البقالات الحالية همومَه بخصوص جودتها وإغراقها لقطاع التجزئة ولكنه لا يعتبر خيارا جيدا أبدا لأنه مقترح غير مستدام ويعتبر تدخلا حكوميا مباشرا في ديناميكية القطاع وهو مخالف للتوجه الاستراتيجي الجديد الذي ينظر للتشريعات كمحفز لنمو القطاع وتحسن جودة خدماته بدون اتخاذ خطوات تتدخل مباشرة في نمو أو انكماش القطاع بل تركهما لديناميكية السوق. قطاع التجزئة بشكل عام بما فيه البقالات يتعرض للإغراق من قبل العمالة الرخيصة بسبب كثرة الشوارع التجارية في المدن الحالية بشكل يتجاوز طاقتها الأساسية، لذا فالأجدى من التوجه مباشرة لإغلاق البقالات من المفترض أن يهتم مجلس الشورى بحث وزارة البلديات على تحسين تخطيط المدن الحالية سواء القديمة أو الجديدة وإعادة تنظيمها بحيث تقلص الأجزاء التجارية في كل حي ليكون أقل من 10% من مجمل مساحة الحي وجعلها في أماكن محددة كما نشاهده اليوم في بعض الأحياء الجديدة. المراهنة على أن شركات التجزئة الكبيرة ستقوم بأخذ دور البقالات الصغيرة يعتبر غير مجد لأن هذا التوجه في الأساس غير مربح ماليا لشركات التجزئة الكبيرة لأنه يزيد من مصاريفها التشغيلية ويضعف من فعالية أعمالها كما يحدث حاليا مع صافولا. أعتقد أن على مجلس الشورى بحث سعودة البقالات بشكل كامل، كقطاع الاتصالات، فهي تعتبر من أنشطة المؤسسات الصغيرة التي من المفترض أن يقوم ملاكها بتشغيلها بدون الاستعانة بالعمالة سواء أكان موقعها في المدن الرئيسية أم في الضواحي والقرى.
مشاركة :