•من النادر جداً أن تجد سعودياً لا يعرف داوود الشريان ، خصوصاً ، هذه الأيام ، لكن الأكثر ندرة هو أن تجد من يعرفه جيداً دون أن يراه ! . قبل أيام زارني أحد المعارف من كبار السن ، وما أن جلس حتى بادرني بالسؤال : وش يشتغل داوود الشريان ؟! ولأنني أكيدٌ من سلامة نوايا الرجل أجبته بسرعة : إعلامي .. قال وكأنه كان يتوقع الإجابة : لماذا حقق كل هذه الشهرة بين الناس ؟! قلت : لأنه يتحدث من خلال قناة لها جماهيريتها ، كما إنها طبيعة برامج «talk show» التي تجترّ هموم الناس ، فلا شيء يوّحد الناس مثل الهموم والمشاكل المشتركة .. قال :»و لماذا يحظى وحده بهذه الحرية في نقد مؤسسات الدولة ومسؤوليها ؟!» .. حينها شعرت بأن الرجل يريد أن يقول شيئاً من خلال أسئلته المفخخة ، وحتى لا أقع في إثم نقل أحاديث (إبر البنج ) و(التخدير ) و( التنفيس ) ، أعدت إليه الكرة بإعادة سؤاله : طيب وش يشتغل داوود الشريان ؟! •قال : أنا لا أعرف داوود ، ولا أشاهد التلفزيون أصلاً .. لكن برنامجه -كما أسمع - يقلّل المسافة بين المواطن والمسئول ،وهذا نجاح كبير ، لأنه يكسر الروتين ويرفع عن المواطن معاناة سنوات من الركض العبثي .. خذ قضيتي مثالاً .. فبعد أن تظلمت لأحد الوزراء ضد إدارة تابعة لوزارته ، قام بإحالتها لوكيله ، الذي أحالها هو الآخر لوكيله.. وهكذا استمرت معاملتي في النزول درجة درجة طوال 8 أشهر حتى وصلت -و يا للعجب- إلى الإدارة التي قمت بشكواها ، و( كأنك يا بو زيد ماغزيت) .. ولو أسعفني الحظ بلقاء (أبو زيد ) أقصد (داوود) فان صوتي كان سيصل لأعلى جهة خلال ساعة . وسيكفيني هذا عناء شهور من الهرولة والانتظار الذي لا طائل منه . •أن يكون التدخل الإعلامي شرطاً لقضاء مصلحة مواطن فهذه كارثة .. إلا أن الكارثة الأكبر هي في اقتناع الناس بحاجتهم إلى واسطة لتجاوز غول (البيروقراطية) القبيح , ذلك الغول الذي صنعناه بأيدينا كي ينظم العلاقة بين المواطن والمسئول، فأصبح هو العائق الأكبر الذي يظلم الناس، ويضّيع حقوقهم بين ثنايا قوانينه ولوائحه التي تضخمت بشكل مفزع ! . •تحت إلحاح وإصرار الرجل أرسلت قضيته لبرنامج الثامنة بعد أن فشلت في إقناعه أن الشريان مجرد إعلامي .. لكن.. من مِن صُنّاع البيروقراطية يستطيع أن يقنع هذا المواطن وكثيرين أمثاله من أصحاب التجارب المريرة أن حوائجهم يمكن أن تقضى دون الحاجة إلى تدخل وسيط ؟! . Twitter: @m_albeladi m.albiladi@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (61) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain