اعتادت يان بي ون، البالغة من العمر 26 عاما على قضاء أكثر من نصف ساعة يوميا في الاستماع إلى البودكاست (المدونات الصوتية) أثناء التنزه في الخارج أو الطهي في المنزل، وتحول اهتمامها من البودكاست باللغة الإنجليزية في البداية إلى البودكاست الصيني الآن. وقالت يان، وهي موظفة في مقاطعة تشجيانغ بشرقي الصين، "إن البودكاست يقدم لي الرفقة. إن الاستماع إلى الآراء التي ترد في برامج البودكاست يشحذ مهاراتي في التفكير أيضا". ويان واحدة من بين عدد متزايد من الشباب الذين يستمتعون بشكل متزايد بالاستماع إلى برامج البودكاست الصينية. وتظهر بيانات صادرة عن "شيمالايا"، وهي منصة لمشاركة المواد الصوتية عبر الإنترنت، أن عدد مستمعي البودكاست الصينيين تجاوز 220 مليونا في عام 2023، وأن أكثر من 60 في المائة من مستخدميها تتراوح أعمارهم بين 24 و40 عاما. وقالت وو آن، وهي موظفة في "شيمالايا"، "إن مجموعات صانعي المحتوى والمستمعين للبودكاست أصبحت أصغر سنا"، مضيفة أن المحتويات المتعلقة بالتعليقات على القضايا الساخنة والتاريخ الثقافي والترفيه تحظى بشعبية بين المستخدمين. ووفقا لمصادر مطلعة على الصناعة، يمكن ربط شعبية البودكاست في الصين بقدرتها على تلبية الاحتياجات العاطفية والمعرفية والاجتماعية للشباب. وقال تشيان جيان، الأستاذ في جامعة جنوب غربي الصين للعلوم السياسية والقانون: "إن مذيع البودكاست يشبه ’صديقا في الأذن‘، فهو يخلق حيزا خاصا للمستمعين، حيث يمكنهم التمتع بتجربة عاطفية وتطوير اتصال شخصي". وتفضل ليو شياو شياو، 32 عاما، الاستماع إلى القصص الملهمة أثناء ساعات الذروة، وقالت: "للبودكاست قيمة عاطفية. وتذكرني المحتويات أحيانا بتجاربي الخاصة، وذلك يمنحني القوة". ويعمل البودكاست أيضا كقناة لتبادل المعلومات. قالت طالبة دكتوراه ولقبها لي، وهي صاحبة بودكاست تكنولوجي متخصص في تحليل اتجاهات الصناعة ويستهدف الأشخاص المهتمين بالذكاء الاصطناعي، قالت إنه من خلال البرامج، يمكن للمستمعين اكتساب المزيد من المعارف حول الصناعة، كما أنها طورت نظرة ثاقبة لاتجاهات الصناعة. كما أنشأ تساو نينغ، وهو مذيع بودكاست على"شياويويتشو إف إم"، وهو تطبيق صيني شهير للبودكاست، برنامجا من أكثر من 220 حلقة تشمل مقابلات والتعليقات على الأفلام والكتب، واكتسب البرنامج نحو 140 ألف متابع. وقال تساو إنه حصد متابعين من المعجبين والأصدقاء ذوي الميول المماثلة، مضيفا "أن التفاعل مع ضيوفي بمثابة عملية تعلم مع المتمرسين في مختلف المجالات، وقد ساعد البودكاست في إعادة بناء الثقة بين الناس من خلال التواصل الشفهي". وقالت يوان يينغ، منشئة بودكاست متمرسة: "في الصين، تعد صناعة البودكاست بمثابة محيط أزرق يتمتع بإمكانات تنموية كبيرة"، مشيرة إلى أنه على الرغم من أن صناعات مقاطع الفيديو القصيرة والبث المباشر في الصين تطورت بسرعة أكبر من الصناعة السمعية، إلا أن البودكاست سوف يجذب انتباه المستخدمين عندما لا تلبي مقاطع الفيديو احتياجاتهم. وقال خه جينغ، رئيس منصة "ليتشي إف إم"، وهي منصة إذاعية صينية شهيرة، إن "صناعة البودكاست في الصين لا تزال في مراحلها الأولى، ويبدو أن معظم المبدعين لا يحصدون مكافآت مجزية"، مضيفا أن المنصة بذلت جهودا لتعزيز تسويق البودكاست. وقال وانغ يه، أحد مدوني البودكاست لأكثر من عقد من الزمن، إن التكنولوجيات الجديدة، مثل الذكاء الاصطناعي وبرامج المؤتمرات عبر دائرة الفيديو، ساعدت على تسهيل عملية إنتاج البودكاست وترويجه للمستمعين المحتملين، مما عزز تطوير صناعة البودكاست في الصين.■
مشاركة :