طرحت الولايات المتحدة فكرة توحيد الجيش وضمان السيادة الليبية لمواجهة التمدد الروسي في ليبيا، وسط تأكيد على التزامها بتعزيز التعاون الأمني بالتعاون مع ضباط عسكريين ليبيين محترفين في جميع مناطق البلاد. أعلنت السفارة الأميركية في ليبيا أن قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا الجنرال مايكل لانغلي ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال براون جونيور التقيا الفريق أول ركن محمد الحداد والفريق أول عبدالرازق الناظوري خلال مؤتمر رؤساء الدفاع الأفارقة 2024 في غابورون ببوتسوانا. وقالت السفارة إن الولايات المتحدة تدعم بشكل كامل الحلول التي يقودها الليبيون لتوحيد الجيش الليبي وضمان السيادة الليبية، وأضافت “نؤكد مجددا التزامنا بتعزيز التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وليبيا بالتعاون مع ضباط عسكريين ليبيين محترفين في جميع المناطق لبناء ليبيا مستقرة وموحدة للشعب الليبي”. وخلال اجتماع بوتسوانا، قال لانغلي إن كل بلد أفريقي لديه تهديدات متعددة الطبقات، خاصة عبر منطقة الساحل فلدى كل دولة أنواع مختلفة من التحديات ودوافع عدم الاستقرار. وأكد لانغلي أن الدول الأفريقية في الغرب والشمال وعبر منطقة الساحل اتصلت بالولايات المتحدة لإجراء مناقشات حول كيفية تحقيق أهدافها الأمنية، لأنها تعرف “القيمة الجوهرية” التي تجلبها الولايات المتحدة. وقال إن إحدى هذه الدول هي ليبيا. وأضاف “إننا نعمل من خلال الوسائل الدبلوماسية وكذلك وسائل الدفاع مع ليبيا”، مردفا “سيكون لدينا تمثيل في هذا المؤتمر من جانبي الدولة الليبية”، مشيرا إلى ممثلي القيادة العامة للجيش الوطني ورئاسة أركان قوات حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها. دعوة رئيسي أركان بنغازي وطرابلس من قبل الجانب الأميركي لحضور مؤتمر رؤساء الدفاع الأفارقة تمثل اعترافا رسميا بالطرفين وتطرق المسؤول العسكري الأميركي إلى لقائه بممثلين من الطرفين العام الماضي، مشيرا إلى أنهم يريدون الوصول إلى الهدف النهائي، ويطلبون من أميركا أن تتعاون معهم حتى يتمكنوا من تحقيق هذه الغايات. وذكرت وزارة الدفاع الأميركية أن هذه هي السنة الأولى التي تشارك فيها الولايات المتحدة في استضافة المؤتمر مع دولة أفريقية، والمرة الأولى التي يعقد فيها المؤتمر في أفريقيا. وناقش لانغلي وهو جنرال في مشاة البحرية يتولى القيادة الأميركية في أفريقيا، أبرز نقاط المؤتمر مع وسائل الإعلام اليوم، والذي قال إنه كان غنيا بالمعلومات ومثمرا. وتابع إن موضوعات المؤتمر كانت تبادل الأفكار لتعزيز الاستقرار والأمن وحقوق الإنسان والرخاء بين الدول الـ53 في منطقة مسؤولية “أفريكوم”، مضيفا أن المناقشات شملت التحديات في ردع التهديدات وبناء الاستجابة للأزمات. وأوضح أن التهديدات التي يجب ردعها تشمل التنظيمات الإرهابية مثل داعش وحركة الشباب وبوكو حرام، التي تزدهر في المناطق التي تعاني من عدم الاستقرار، لافتا إلى أن الحل هو التعامل مع كل دولة وتحديد احتياجاتها والتوصل إلى حل دائم من خلال نهج يشمل خدمات الحكومة الأميركية بأكملها، بما في ذلك الوكالات الأميركية والحكومات الإقليمية والمجتمع المدني وليس وزارة الدفاع فقط. مخاوف واقعية من محاولة عواصم غربية الدفع بالفرقاء الليبيين إلى حرب جديدة يكون الهدف الأساسي منها هو إجبار المسلحين الروس على مغادرة البلاد وناقش لانغلي أيضا ما وصفه بالتأثير السلبي لحملات التضليل التي تقوم بها روسيا في القارة، حيث قال “إن نشر الحقيقة لمواجهة المعلومات المضللة أمر ضروري”، مبرزا أنه وفقا للمركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية، فإن حملات التضليل أدت بشكل مباشر إلى أعمال عنف مميتة، وشجعت الانقلابات العسكرية وأثبتت صحتها، وأجبرت أعضاء المجتمع المدني على الصمت وكانت بمثابة ستار من الدخان للفساد والاستغلال، وفق تقديره، وعلى هذا النحو شملت المناقشات إطلاق حملات إعلامية فعالة لمواجهة حملات التضليل والمعلومات المضللة. وبحسب المراقبين، فإن دعوة رئيسي أركان بنغازي وطرابلس من قبل الجانب الأميركي لحضور مؤتمر رؤساء الدفاع الأفارقة 2024 تمثل اعترافا رسميا بالطرفين ومحاولة لاحتواء القيادة العامة للجيش الوطني المتحالفة مع موسكو إلى جانب رئاسة أركان الحكومة المنتهية ولايتها بطرابلس التي تعتبر حليفا أساسيا لواشنطن والعواصم الغربية. ويرى المراقبون أن جهود واشنطن خلال الفترة الماضية أكدت محدودية تأثيرها على مواقع القرار في شرق ليبيا مقابل الحضور الروسي الفاعل، ويضيفون أن الحديث عن توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا لم يعد يثير حماس أيّ من الأطراف الفاعلة بعد شبه تجميد متعمد لأعمال اللجنة العسكرية المشتركة 5+5. ووفق مصادر ليبية، فإن مسؤولين أميركيين طالبوا خلال الفترة الماضية الجنرال خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني بالحد من علاقات التحالف التي تربطه بموسكو وطرد المسلحين الروس، فكان رده واضحا وهو أن يتم أولا سحب القوات التركية ومرتزقتها من غرب البلاد. وأكدت المصادر وجود مخاوف واقعية من محاولة عواصم غربية الدفع بالفرقاء الليبيين إلى حرب جديدة يكون الهدف الأساسي منها هو إجبار المسلحين الروس على مغادرة البلاد، لكن ذلك سيكون صعبا باعتبار أن الطرف المقابل لن يقف صامتا، كما أن الأتراك يرفضون الدخول في مواجهة مع قيادة الجيش أو مع الروس والمصريين في حرب جديدة بالوكالة تشهدها ليبيا.
مشاركة :