سعي روسي للالتفاف على «جنيف» بمقترح وفد موحد للمعارضة السورية

  • 4/23/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

كشفت مصادر في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» عما قالت: «إنه مخطط روسي لإفشال المفاوضات الجارية برعاية الأمم المتحدة بين النظام السوري ومعارضيه في مدينة جنيف السويسرية». وقالت المصادر إن معلومات وصلتها تفيد أن الروس سوف يقترحون قريبا مبادرة لتوحيد وفود المعارضة السورية، بحيث تصبح الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض أقلية داخل وفد من 15 شخصا، فيما قلل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أهمية مغادرة وفد المعارضة السورية جنيف، واصفا إياها بأنها «لا تشكل خسارة لأحد غيرهم». فيما قال خلال مؤتمر صحافي في يريفان إنه «إذا كان أعضاء الهيئة العليا للمفاوضات يرفضون قبول فكرة أن السوريين وحدهم يجب أن يقرروا مصير بلادهم وغادروا طاولة المفاوضات، فهذا الأمر لا يشكل خسارة لأحد غيرهم على الأرجح». ونبهت مصادر سورية معارضة على مساع تقوم بها روسيا لتفريغ المفاوضات، ومحاولة إعادة فرض رئيس النظام السوري بشار الأسد على رأس حكومة انتقالية بمثابة أمر واقع. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن وفد «معارضة حميميم» الذي تسميه المعارضة كذلك، ارتباطا بالقاعدة الجوية الروسية في اللاذقية التي تقول المعارضة إنها تدير فريقا مما يسمى «معارضة الداخل»، نقل من القاعدة إلى موسكو بطائرة خاصة تابعة لوزارة الخارجية الروسية، حيث أعطيت لهم التأشيرات من السفارة السويسرية في موسكو، خلافا للمرة السابقة حيث انتقلوا إلى بيروت للحصول على التأشيرة، وهي تجربة «لم تكن مريحة وسلسة لأعضاء الوفد»، كما قالت المصادر. ويقول معارض سوري إن المعارضة كانت تنظر منذ اللحظة الأولى إلى وفد «معارضة حميميم» على أن هدفه التشويش على فكرة وجود وفد واحد للمعارضة. وينقل عن مصادر في الوفد أن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أبلغ هؤلاء صراحة أن الهدف من تأليف الوفد هو إظهار أن «وفد الرياض» (الهيئة العليا للتفاوض المنبثقة عن مؤتمر المعارضة في الرياض) لا يمثل كل المعارضة السورية. وتقول المصادر إنه في الاجتماع الأخير بين الروس و«وفد حميميم»، وقبل إعلان وفد المعارضة السورية انسحابه من المفاوضات، كان واضحا أن الروس في أجواء هذا الاحتمال، ويدفعون باتجاهه. مشيرة إلى أنه على الأقل كان هناك عدم اعتراض روسي على خروقات النظام للهدنة، وأنهم وعدوا بالضغط على المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا للاستمرار في المفاوضات على رغم انسحاب الوفد المعارض، بهدف الحصول على ما يشبه «المفاوضات الداخلية» نظرا لتركيبة وفد «معارضة حميميم» الذي يضم أعضاء في مجلس الشعب السوري ورؤساء أحزاب مرخصة من قبل حكومة النظام وشخصيات لها ارتباطات بالأجهزة الأمنية للنظام. وأشار المصدر إلى أنه تم تزويد وفد «حميميم» بورقتين تتضمنان مبادئ أساسية، أبرزها ضرورة التركيز على عدم تمثيل وفد المعارضة، وتعليمات بأن يكون عملهم بتنسيق مباشر مع رئيس وفد النظام بشار الجعفري، الذي قيل إنه يحدد حتى أسماء المشاركين في الاجتماعات التنسيقية عن وفد «حميميم». ويضيف المعارض السوري، أنه «عند إعلان وفد المعارضة عن الانسحاب، كان الروس حريصين على إبلاغ دي ميستورا الرسالة بشكل واضح، ومفادها أنهم يعُدّونه - في تعليقه المفاوضات - طرفا وليس وسيطا محايدا». وقالت مصادر في وفد المعارضة السورية إنه عند تواصل المعارضة مع الأميركيين: «كان موقف الأميركيين معيبا ومخجلا»، إذ إنهم قالوا بشكل قاطع: «لا تنسحبوا ولا تعطوا ذريعة للنظام». وأشارت المصادر إلى أن دي ميستورا في مكان ما بات محكوما في مواقفه، وبات واضحا أنه يعول كثيرا الفعالية الروسية، لقناعته أن «روسيا هي الأكثر فعالية في الملف، وأن نجاح مهمته يرتبط بمدى الرضى الروسي، ومدى تسهيل موسكو لمهمته وليس أي أحد آخر». وقال معارض روسي مقيم في باريس لـ«الشرق الأوسط»، إن «باريس مقتنعة بصحة موقف المعارضة»، وأشار إلى أن الفرنسيين أبلغوا المعارضة بإمكانية قيام النظام بألاعيب للتشويش، بالنظر إلى أن هذه الجولة بالتحديد كانت الأكثر جدية من بين جولات التفاوض، لأنها كانت ستبحث في هيئة الحكم الانتقالي، ولهذا صعّد النظام عسكريا، وارتكب مجزرة السوق في إدلب التي لا يوجد لها أي مبرر إلا السعي لدفع المعارضة للانسحاب. وأوضح المصدر أن «الفرنسيين كانوا واضحين في تأكيدهم أن الجميع أبلغ دي ميستورا بضرورة بحث موضوع هيئة الحكم الانتقالي وأن أي بحث آخر ليس ذا جدوى»، وفي المقابل، تشير المصادر إلى أن الروس أبلغوا دي ميستورا أن منظورهم للموضوع هو حكومة موسعة برئاسة بشار الأسد، وهو ما ترى المعارضة أنه يتناقض مع مندرجات مؤتمري جنيف الأول والثاني. ونقلت مصادر عربية أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تحدث أمام مسؤول عربي قائلا بوضوح: «إننا اتفقنا مع الأميركيين على أساسيات تبدأ بهدنة توقف إطلاق النار ومكافحة الإرهاب وحكومة انتقالية». مشيرا إلى أن النقطة الوحيدة العالقة مع الأميركيين هي «أننا نقول إن ترشح الأسد أو عدمه هو قراره الخاص»، بينما يطالب الأميركيون بضمانات لعدم إعادة ترشحه للرئاسة، وأن الموضوع ترك إلى وقت لاحق. وأشارت إلى أن لافروف قال لمحدثه: «إن الدولة الوحيدة التي تعتقد أن سقوط دمشق هو خط أحمر، بالإضافة إلى روسيا، هي الولايات المتحدة». وتبرر المصادر هذا الموقف بأنه محاولة روسية لتمييع الأمور وتهشيم القوة المسلحة للمعارضة تحت مسمى مكافحة الإرهاب، فيأتي وقت الانتخابات ويوضع الجميع تحت أمر واقع. وتشير المصادر الفرنسية إلى أن انفراط عقد هذه الجولة بهذا الشكل، جعل من الصعب عقد جولة جديدة في المهلة الزمنية التي يتوقعها دي ميستورا، إلا إذا حصل تغيير جدي ما. وأكدت المصادر أن الدبلوماسية الفرنسية تلقت خبر قصف السوق في إدلب وقتل المدنيين فيها على أنه طعنة للمفاوضات من قبل النظام، لكنها تعد المصيبة الأكبر هي محاولة الروس التغطية على هذه الانتهاكات. وترى مصادر المعارضة أن ما سعى إليه الروس هو إسقاط كل آلية «جنيف» المعارضة، وأن يكون هناك وفد معارض واحد مؤلف من 15 شخصا يتمثل به وفد الهيئة العليا للمفاوضات بـ3 أشخاص، و3 أشخاص من معارضة الداخل، و3 مما يعرف بمؤتمر القاهرة، يضاف إليهم رندة قسيس وقدري جميل – وربما - معاذ الخطيب، وبعض الشخصيات التي ترى موسكو أنها ستسير فيما يطرحه النظام لجهة القبول بعدم رحيل الأسد، وبذلك تكون قد نقلت الخلاف من خلاف بين معارضة ونظام، إلى خلاف داخل المعارضة. وتحدثت المصادر عن معلومات عن نية موسكو التقدم الأسبوع المقبل بمبادرة لدي ميستورا تحت عنوان «توحيد وفد المعارضة» تتضمن هذه التفاصيل. وفي المقابل، يقول مصدر في الوفد المعارض لـ«الشرق الأوسط» إن «المعارضة كانت مضطرة إلى الانسحاب ولا خيارات أخرى أمامها، مشيرة إلى أنه حتى اليوم لم يتحقق أي مطلب رفعناه، فلم تفك الحصارات، بل ازدادت، ولم تتوقف المجازر ولم يتوقف القصف، فكيف نستمر بالتفاوض، ولماذا؟». وأضاف المصدر: «نحن نعرف أن النظام والروس يريدون لنا أن ننسحب، لكننا نأمل من قالوي الصديقة في تفهم موقفنا، ودعم الثوار، لأن هذا النظام أثبت أنه لا يفهم إلا عسكريا. ونحن نرى أن الهدنة باتت من طرف واحد، هو نحن. وعندما تصل الوقاحة بالروس أن يعدوا إسقاط طائرة كانت تغير على المدنيين خرقا للهدنة، فهذا معناه أننا أمام حائط مسدود». ورأى المصدر أن المعارضة باتت مقتنعة بأن هذا النظام لن يقدم أي تنازلات إلا مجبرا، وإذا لم يحس بقرب الهزيمة فلن يقدم تنازلات ولن يفاوض.

مشاركة :