تحقيق إخباري: نقص حاد في المياه يضاعف معاناة سكان غزة في ظل الصيف الحار

  • 7/3/2024
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يضطر الفلسطيني محمد نصار من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة يوميا إلى الاستيقاظ مبكرا ليسرع إلى طابور طويل للحصول على دوره لملء قارورته الثلاث بالمياه المالحة. ويضطر نصار (38 عاما) وهو أب لخمسة أبناء إلى الانتظار لساعات طويلة يوميًا فقط للحصول على بعض لترات من الماء ليس للشرب ولكن لاستخدامها في غسل الوجه أو الاستحمام أو غسل الأطباق. وفي محاولة للحصول على المزيد من الماء، اعتاد نصار على أخذ اثنين من أبنائه حيث يعتقد أنهم قد سئموا من روتين حياتهم القاسي الجديد، ولكن ليس لديه خيار آخر للحصول على الماء. ويضطر نصار وطفليه إلى المشي مسافة تسعة كيلو مترات على الأقل للوصول إلى أقرب محطة مياه مجانًا، في وقت تبدو مهمتهم ليست سهلة، خاصة في ظل فصل الصيف الحار ونقص وسائل النقل. وقال نصار بينما يتصبب وجهه عرقا عقب عودته من تعبئة المياه لوكالة أنباء ((شينخوا)) "في مثل هذه الأيام قبل الحرب كنت أستحم عدة مرات يوميا، لكنني بالكاد أستطيع الاستحمام مرة واحدة في الأسبوع". مهمة نصار لا تتوقف عند هذا الحد، يجب أن يحصل على المزيد من الماء للشرب، مما يعني أنه يجب عليه الانتظار في طابور طويل آخر لملء جالونين أخرين بالمياه المحلاة. وأضاف "للأسف حتى المياه المحلاة ليست صحية حيث يتم تكرير المياه المالحة مرة واحدة فقط بدلاً من ثلاث مرات كما كانت العادة قبل الحرب نتيجة عدم توفر الكهرباء والوقود لتشغيل محطات التحلية في غزة". وما زاد الطين بلة بالنسبة لنصار هو أنه يضطر لدفع المال مقابل مياه الشرب غير الصحية، وقال إنه يحتاج إلى حوالي خمسة دولارات أمريكية كل يوم لشراء المياه. وتساءل "بسبب الحرب المتواصلة للشهر التاسع على التوالي، أصبحت عاطلاً عن العمل وليس لدي أي مصدر للدخل، فهل تتخيل كيف يمكنني كسب المال لشراء المياه؟". وفي محاولة للتعامل مع وضعه المزري غير المسبوق، قرر نصار وزوجته تقليل حاجتهما من كمية المياه يوميا، حيث لجأ إلى استخدام لتر واحد من الماء يوميا فقط. وفي الماضي كان نصار يستهلك حوالي 15 لتراً من الماء يومياً، لكن الآن لا أستطيع ذلك لأنني بالكاد أستطيع الحصول على لترات قليلة فقط، وفق قوله. بسبب أزمة المياه، يضطر الصحفي محمد عدوان، من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، إلى تأخير عمله لأنه مضطر إلى الحصول على دوره في الطابور الطويل في الجزء الغربي من المدينة. وقال عدوان (39 عاما) الذي يشكو صعوبة الحال "يوماً بعد يوم تصبح حياتنا أصعب ولا يستطيع أحد التعامل معها (...) في السابق كنت أبدأ عملي في الصباح الباكر أما الآن، علي أن أنتظر حتى الظهر للحصول على الماء لعائلتي المكونة من 15 فردًا". عدوان، مثله مثل جميع السكان، يضطر إلى السير لمسافات طويلة سيرًا على الأقدام، وقال "أحياناً أشعر بالتعب واحتاج إلى الراحة (..) وبدلاً من ذلك، أضطر إلى المشي لمسافات أطول للحصول على بعض الإنترنت لعملي". وإذا استمر الوضع الحالي لأشهر أخرى، يقول لـ((شينخوا)) "أخشى أن أفقد عملي الذي هو مصدر دخلي الوحيد وهذا يعني أنني لن أتمكن من الحفاظ على أسرتي". منذ 7 من أكتوبر الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربًا واسعة النطاق على قطاع غزة، بعد تنفيذ حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لهجومها غير المسبوق على البلدات الإسرائيلية المتاخمة لغزة. خلال هجوم حماس، قُتل ما لا يقل عن 1200 إسرائيلي وأسر مقاتلو حماس حوالي 240 آخرين. ومنذ ذلك الحين، هاجمت إسرائيل معظم المرافق والبنية التحتية الفلسطينية في القطاع الساحلي المحاصر، مما أجبر أكثر من 90 بالمائة من السكان المحليين على تهجير منازلهم. دمرت الهجمات الإسرائيلية 350 كيلو مترا من إجمالي 700 كيلو متر من أنابيب المياه وتسعة من أصل عشرة خزانات مياه رئيسية، مما ترك السكان دون إمكانية الحصول على المياه النظيفة، وفقا لتقرير مشترك صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وسلطة جودة البيئة في غزة. وقال التقرير الذي صدر قبل أيام إن محطتين لتحلية المياه تعملان الآن بقدرة 20 بالمئة فقط، مما يزيد من تفاقم الأزمة. وأشار إلى أن تدمير البنية التحتية ونقص الوقود أدى إلى تعطل جميع محطات وأنظمة معالجة مياه الصرف الصحي، وتوقف حوالي 65 مضخة صرف صحي، وتدمير ما يقرب من 70 كيلو مترا من شبكات الصرف الصحي. وقالت حليمة بركة، نازحة من خان يونس، لـ((شينخوا))، إن "الهجمات الإسرائيلية تسببت بكارثة إنسانية دائمة"، مضيفة أنها اضطرت إلى اللجوء إلى مياه البحر كبديل لمعيشتها اليومية بسبب النقص الحاد في المياه. "لا المياه المحلاة ولا المالحة صحية وليس لدي المال الكافي لشراء المياه المعدنية، فالبحر هو أفضل مصدر للمياه المالحة"، قالت المرأة البالغة (45 عاما) بسخرية "على الأقل يساعدنا على تنظيف ملابسنا وأجسادنا".

مشاركة :