يعاني الطفل اليمني بشير البالغ من العمر سبع سنوات من مرض كلوي مزمن منذ حوالي عامين، وفي الآونة الأخيرة، تم تخفيض عدد جلسات غسيل الكلى الأسبوعية من ثلاث مرات إلى مرتين، ليس لأن مرضه قد خف، ولكن بسبب عدم وجود ما يكفي من الديزل في البلاد. ويقول عمار سليمان والد بشير، إن "استمرار الحصار على شمال اليمن يوقف دخول سفن الوقود، مما يؤدي إلى نقص الكهرباء في المستشفيات في صنعاء". وكان بشير بين ذراعي والده، وهو ينظر بهدوء إلى دمه يمر عبر الأنابيب الموجودة في جهاز غسيل الكلى في جناح أمراض الكلى المزدحم في مستشفى الثورة، وهو واحد من مراكز غسيل الكلى المتبقية في صنعاء. ويقول الأب: "أحيانا تنقطع الكهرباء ثلاث أو أربع مرات خلال الجلسة بسبب نقص الديزل .. وعلينا أن نجعل الجهاز يعمل يدويًا لتجنب تجلط الدم". ومع ذلك، يعتبر بشير من بين المحظوظين لأن عائلته لا تزال قادرة على تحمل تكاليف جلسات غسيل الكلى في حين أن العديد من العائلات لا تستطيع ذلك. وتقدر السلطات الصحية أن أكثر من 10 آلاف مريض في اليمن يعانون من الفشل الكلوي ويحتاجون لغسيل الكلى عدة مرات كل أسبوع، في حين لا يستطيع معظم هؤلاء المرضى تحمل الفواتير الطبية الباهظة ما يجعل حياتهم في خطر شديد. وتقول بشرى، وهي فتاة في أوائل العشرينيات من عمرها، إنها تعيش الآن قريبة من الموت لأن أسرتها لا تستطيع تحمل المزيد من جلسات غسيل الكلى، التي كانت مجانية قبل اندلاع الحرب. وأضافت الفتاة "لا يمكنني تحمل رسوم النقل لمجرد مجيئي إلى المستشفى.. لا يمكننا تحمل رسوم الجلسة أيضًا.. أنا الآن في حالة سيئة وأخشى على حياتي". وفي مواجهة نقص حاد في الإمدادات الطبية والوقود والأموال، قطعت معظم المستشفيات في اليمن العديد من المساعدات للمرضى الذين هم في أمس الحاجة إليها. ومن المؤكد فإن قطع المساعدات من المستشفيات سيؤدي إلى العديد من الوفيات، لكن الاحتفاظ بها سيستنزف مواردها الضئيلة وفي النهاية ستشهد المزيد من الوفيات. وحذرت منظمة الصحة العالمية، في بيان صدر مؤخراً، من أن مراكز غسيل الكلى في اليمن تعاني من نقص حاد في المستلزمات الأساسية مثل الأدوية والوقود لتشغيل معدات المستشفيات، فضلاً عن نقص الأموال اللازمة لدفع أجور العاملين في مجال الرعاية الصحية. وقال رئيس مستشفى الثورة الدكتور عبدالملك جحاف، إن قسوة العيش في اليمن ونقص خدمات الرعاية الصحية أدى إلى زيادة عدد مرضى الفشل الكلوي. وأضاف أن "الوضع الصحي يزداد سوءاً وقد ينهار كلياً وهذا قد يخلق مأساة كبيرة، لأن من يأتون إلى مستشفى الثورة للعلاج هم من مناطق فقيرة وليس لديهم القدرة على دفع تكاليف العلاج والأدوية في المستشفيات الخاصة". وأشار جحاف إلى أن المستشفى يضم ألف سرير إلى جانب 135 سريرًا آخر في وحدة العناية المركزة (ICU) لكن بسبب النقص الحاد في الوقود، تم تقليل العدد إلى 527 سريرًا ووحدة العناية المركزة إلى 78 سريرًا. ويشهد اليمن منذ أواخر العام 2014 نزاعا دمويا بين القوات الحكومية والحوثيين الذين يسيطرون على صنعاء ومعظم محافظات الشمال اليمني، وخلف الصراع "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
مشاركة :