رهاب السعادة.. عندما تنقلب البهجة إلى تعاسة وخوف

  • 7/3/2024
  • 19:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

  يفرُّ من السعادة فراره من الأسد، ولا يجد حفلة أو نشاطًا باعِثًا على السعادة إلّا تجنبه، أيُعقَل أن يفرّ المرء هاربًا من سعادته؟ قد لا يُعقَل ذلك، لكن "رهاب السعادة" موجود ويُعانِيه بعض الناس؛ إذ يشعرون بخوفٍ من السعادة وينفرون منها، وقد يعتقد بعضهم أنّ السعادة ستأتي بما هو سيئ أو كارثي في نهاية المطاف، ولعلّ ذلك بسبب تجربةٍ ما في طفولتهم، وربّما لا يكون بسببٍ واضح أو معقول، لكنّه يُؤثِّر في الحياة بلا شك، ويجعل الاكتئاب والشعور بالوحدة أقرب إلى الإنسان من أي وقتٍ مضى، فكيف السبيل إلى استعادة السعادة وترك الخوف منها؟ نوع من الخوف يتمكّن من الشخص، فيكون لديه نفور غير منطقي من السعادة، وعادةً ما يخشى المشاركة في الأنشطة التي تُعدّ ممتعة، أو تبعث على البهجة والسعادة بالنسبة لكثيرٍ من الناس. وهذا الرهاب لم يُبحَث على نطاقٍ واسع، وهو غير مُدرَج في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، الإصدار الخامس "DSM-5". ترتبط معظم أعراض رهاب السعادة بالخوف الشديد أو الشعور بالرعب عندما تمرّ بموقفٍ يبعث على السعادة، ومن الأعراض والعلامات الدالّة على ذلك الرهاب: يتملّك الخوف الإنسان بدرجةٍ كبيرة، فيبذل كل ما بوسعه لتجنّب ما يُوصِله بالسعادة من قريبٍ أو بعيد، بل حتى لو بدأ في الشعور بالسعادة، فسيُحاوِل تنحية ذلك الشعور جانبًا، كما قد يتجنّب المواقف التي يظنّ أنها قد تجعله سعيدًا، وهذا قد يُفضِي بمرور الوقت إلى تجنّب بعض المهام والأنشطة الضرورية في الحياة. يُفضِّل المُصابون برهاب السعادة ألّا يكونوا سعداء للغاية، لاعتقادهم بأنَّ السعادة غالبًا ما يعقبها كوارث أو حزن، واقترح الباحثون في إحدى الدراسات أنَّ السبب في ذلك هو ربط هؤلاء الأشخاص السعادة بأي قلق قد يشعرون به لاحقًا، وإن لم يكُن هناك أي علاقة بينهما، ومِنْ ثَمّ يتجنبون الفرح تمامًا كي يشعروا بالأمان وعدم القلق. يُعانِي المُصاب برهاب السعادة خوفًا كبيرًا عندما يُدعَى إلى أنشطة ممتعة أو يشعر معها الناس بالسعادة، فهو يشعر بالقلق عندما يُفكّر في تجمّع اجتماعي بهيج، مثل الحفلات، وسيختار عدم الحضور نتيجة لذلك، وهذا قد يجعله يفقد علاقاته الاجتماعية أو يخسر من حوله، وربّما يقضي كثيرًا من الوقت بمفرده ويشعر بالعزلة. وهذا الخوف هنا مختلف عن القلق الاجتماعي، فالقلق الاجتماعي يخشى معه الإنسان أن يُحكَم عليه من قِبل الآخرين، أمّا هنا فلُبُّ تجنّب المواقف الاجتماعية هو الخوف من الشعور بالفرح والمشاعر السارّة الأخرى وليس الخوف من حُكم الناس أو رأيهم بك.   لم يتوصَّل الباحثون إلى الأسباب الدقيقة وراء رهاب السعادة، لكن ثمَّة العديد من العوامل التي قد تُسهِم بشكلٍ أو بآخر في رهاب السعادة، مثل: أحد العوامل التي قد تجعل الفرد يخاف من السعادة هو التعرَّض لصدمة عندما كان طفلاً. ومع ذلك، فالباحثون غير مُتأكّدين بعد من سبب ارتباط صدمات الطفولة برهاب السعادة، لكن قد تكون السعادة التي مرّ بها الطفل مرتبطة في نهايتها بأحداثٍ أو تجارب مؤلمة، ما انعكس واضحًا عليه بمرور الوقت في خوفه من السعادة. يعتقد بعض الباحثين أنّ رهاب السعادة مرتبط بنوع الثقافة التي نشأت فيها، فإذا نشأت في ثقافة تُشجّع على السعادة؛ فإنَّ الشعور بالسعادة ومحاولة تحقيقها أمر طبيعي بالنسبة لك ولمن حولك، لكن ذلك قد لا ينطبق على كل الثقافات، فقد ينشأ البعض في بيئة تجعلهم لا يتقبّلون السعادة، بل قد يشعر بعضهم بالذنب أو الخجل مع مُعاينة السعادة! قد يكون رهاب السعادة مرتبطًا بالاكتئاب الشديد، أو عدم القدرة على تحديد مشاعرك، فهذا يحدث غالبًا إلى جانب رهاب السعادة، ما يدل على أنّه قد يكون أحد أعراض الاكتئاب والتوتر والقلق. قد يحتاج رهاب السعادة إلى علاجٍ بالفعل، وأفضل سبيلٍ للتغلب عليه باستشارة اختصاصي الصحة النفسية، فهو يساعدك على فهم أعراضك بشكلٍ أفضل ومساعدتك على مواجهتها والتغلب على مخاوفك، وينبغي استشارة الطبيب، خاصةً لو جعلتك مخاوفك تشعر بالعزلة أو الاكتئاب. وفي خضم ذلك، فإنَّ طرق العلاج قد تضمُّ:   هو الخيار العلاجي الأول لرهاب السعادة، وتُوجَد بعض الأدلة على فاعليته في علاج رهاب السعادة تحديدًا "الرهاب له أنواع مختلفة، مثل رهاب البحر ورهاب الطيران وغيرها". ويُساعِد العلاج المعرفي السلوكي الإنسان على فهم مشاعره وأفكاره بصورةٍ أفضل، وتصرّفاته المبنية على تلك الأفكار والمشاعر، ومحاولة تغيير تلك الأفكار والتخلص من الأفكار السلبية، بما يُساعِد على التعامل في النهاية مع رهاب السعادة بشكلٍ أفضل. يُوصِي بعض المُعالِجين بالعلاج بالتعرّض، وهو نوع من العلاج يجعل الإنسان في مواجهة مخاوفه مباشرةً، لكن ذلك يأتي بتمكين الإنسان من مواجهة مخاوفه تدريجيًّا وتحت إشراف المُعالِج. قد يبدأ العلاج بتعريض المرء لسعادةٍ قليلة كي تجعل العقل يشعر بأنّ السعادة ليست خطيرة كما يظنّ، ثُمّ الزيادة في ذلك تدريجيًّا بتعريضه لأمور تُشعِره بالسعادة، والاستمرار في العلاج بالتعرّض، يجعلك تدرك أنّه رغم الشعور بالخوف يمكنك الاستمرار في أنشطة سعيدة والاستمتاع بها، وسُرعان ما سيزول ذلك الخوف مع التزام تعليمات المُعالِج خلال العلاج. هناك العديد من الطرق التي قد تُساعِدك في التغلب على خوفك من السعادة، لكنّها ليست بديلاً عن استشارة المُختصّين، خاصةً إذا سبّب رهاب السعادة اكتئابًا أو عزلة عن الآخرين، وهذه بعض الأمور التي يمكنك تجربتها لتجاوز مخاوفك: حاوِل أن تُشتّت نفسك بعيدًا عن مشاعر الخوف المتنامية في أعماقك، وذلك من خلال القراءة مثلاً أو الذهاب للتنزه أو غير ذلك، فهذا يُحوّل انتباهك بعيدًا عن مخاوفك، كما أنّ ذلك قد يُقلِّل شعورك بالقلق إثر تراجُع إحساس الخوف لديك. قد تُساعِدك اليقظة الكاملة "Mindfulness" على الهدوء، لأنّها تُخرِجك من مخاوفك وما يحدث من حولك، ويمكن ممارسة اليقظة من خلال تحديد كل ما يمكنك رؤيته بلونٍ مُعيّن مثلاً، أو تركيز كل انتباهك على الأصوات التي تسمعها. تساعد تمارين التنفس على زيادة الأكسجين وتخفيف القلق، ويمكنك تعلمها بالبدء بأربعة أنفاس، ثم حبس النفس لمدة مماثلة، وتكرار ذلك، ثم التوقف، وهكذا. إذ يعتبر التنفس العميق مفيدًا للراحة والاسترخاء. قد تكون سعيدًا مع ممارسة بعض هواياتك، مثل الرسم أو القراءة أو غيرها، لذا لا تخف وانخرِط في الهوايات والأنشطة التي تستمتع بها، فهذا سيجعل شعور السعادة إيجابيًّا لديك بعيدًا عن الخوف المقترن، وتذكّر أنّ التغلب على رهاب السعادة يحتاج إلى استشارة مختص، كما أنّه يستغرق بعض الوقت، والأفضل الجمع بين تلك النصائح والعلاج على يد طبيبٍ مُختص، للتمتّع بالسعادة دون خوف أو قلق.   ما هو رهاب السعادة؟ أعراض رهاب السعادة أسباب رهاب السعادة هل يحتاج رهاب السعادة إلى علاج؟ كيف تتعامل مع خوفك من السعادة؟

مشاركة :