ألمانيا.. وتحدي اليمين المتطرف

  • 4/24/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حين شارك آلاف الأشخاص في احتجاج ضد سياسات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المؤيدة لاستقبال اللاجئين عام 2014 توقع كثيرون أن الغصب من هذه السياسة سيكون قصير الأمد. ولكن مثل دول أخرى في أوروبا، اكتسبت جماعات اليمين المتطرف في ألمانيا المزيد من الزخم. وظلت حركة «بيجيدا» المناهضة للهجرة تجتذب آلاف الأشخاص لمسيراتها الاحتجاجية كل يوم اثنين. وكذلك حزب «البديل من أجل ألمانيا» يعتبر حالياً كذلك أحد ثلاثة أحزاب هي الأكثر شعبية في البلاد. ولذا ظل السياسيون من التيار الرئيسي الألماني يراقبون الموقف على الأغلب ولا يستطيعون فعل شيء ملموس لمنع تفاقم حضور اليمين المتطرف. ولكن الحركات اليمينية واجهت عراقيل في الآونة الأخيرة من جهات مختلفة ومنها جهاز القضاء في البلاد. وفي يوم الثلاثاء الماضي خضع «لوتز باخمان» المشارك في تأسيس حركة «بيجيدا» (الأوروبيون الوطنيون ضد أسلمة الغرب) للمحاكمة لاتهامه «بتحريض الشعب»، وهو اتهام جنائي تمتد جذوره إلى المخاوف من أن يتمكن الشعبويون والنازيون الجدد من استعادة السلطة، وهو هاجس ظل قائماً منذ عدة عقود. ويبحث الادعاء الألماني حالياً حظر «الحزب الديمقراطي الوطني» من أقصى اليمين الذي اتهم بوجود علاقة تربطة بالنازيين الجدد. وهناك عدد من الأعضاء البارزين الآخرين في حركة اليمين الألماني المتطرف تعرضوا هم أيضاً في الآونة الأخيرة لفحص من المدعين الألمان. وألقت الشرطة في الأيام القليلة الماضية على عصابة من اليمين المتطرف في شرق ألمانيا اللوم فيما يتعلق باحتمال وقوفها خلف إضرام النيران في منازل للاجئين. واتهم خمسة أعضاء من تلك العصابة بالإرهاب، وهو اتهام قاس بشكل استثنائي؛ لأن مشعلي الحرائق يعاملون عادة، باعتبارهم مجرمين سياسيين وليسوا إرهابيين. وحين بدأت المحاكمة ضد «باخمان» زعيم حركة «بيجيدا» يوم الثلاثاء الماضي أرادت السلطات الألمانية تفادي أي مزاعم قد تتردد بأنها تتعاون مع المشتبه فيه. وتم تعزيز الإجراءات الأمنية قبل جلسات المحكمة التي طال انتظارها. وصنع «باخمان» مكانته باعتباره أحد زعماء تيار اليمين المتطرف في ألمانيا الذي يتألف من جماعات وأحزاب متعددة لا ترتبط رسمياً ببعضها بعضاً. واتهامه قد يذكي على الأرجح الكراهية وسط أنصاره ضد الدولة الألمانية. فقد دأب أنصار حركة «بيجيدا» على انتقاد السلطات الألمانية ووسائل إعلام التيار الرئيس بشأن ما يقولون إنه رقابة ومضايقات يزعمون تعرضهم لهما. وقد تعرض صحفيون لهجمات لفظية وبدنية أثناء تغطية احتجاجات «بيجيدا» في الشهور القليلة الماضية. وبعد سلسلة من هذه الحوادث أصبح ممثلو كثير من وسائل الإعلام الألمانية يطلبون أن تصحب فرقهم من الصحفيين قوات أمن أثناء تغطية الاحتجاجات المعارضة. وحدثت مقاطعات لسير محاكمة زعيم الحركة عدة مرات يوم الثلاثاء. فقد تمكن المتعاطفون مع حركة «بيجيدا» من الدخول إلى قاعة المحكمة كمراقبين. وأمام مبنى المحكمة، طالب عشرات المحتجين بإسقاط الاتهامات. وذكر تقرير لوكالة الأنباء الألمانية «د. ب. أ» أن إحدى اللافتات التي رفعها محتجون أمام مبنى المحكمة كتبت عليها عبارة «المحاكمة لميركل»! ومثل هذه الشعارات تعكس الأجواء المشحونة بالتوترات التي تصاحب الاحتجاجات المناهضة للهجرة ولميركل. وقد وُصفت ميركل والرئيس الألماني يواخيم جاوك بأنهما من «خونة الشعب» أثناء زيارات لشرق البلاد وهي السبة ذاتها التي استخدمها في الأساس النازيون لإلحاق وصمة العار بخصومهم قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية. ويتبنى «باخمان» مثل هذه النبرة المتشددة من الخطاب. وتشير تقارير إلى أنه قد وصف على فيسبوك اللاجئين بأنهم «نفاية» و«حيوانات» و«قذارة»، وهذا هو السبب الذي جعله يخضع للمحاكمة في الوقت الحالي. وينكر محاميه هذه الاتهامات، ويقول إن حسابه على فيسبوك تمت قرصنته. وإذا أدين «باخمان» فسيواجه حكماً بالسجن مدته خمس سنوات؛ لأنها هذه لن تكون إدانته الأولى. فقد قضى حكماً بالسجن من قبل لاقترافه جرائم منها السرقة والاعتداء البدني والاتجار في المخدرات والسطو المسلح. وكان قد استقال في بداية الأمر من زعامة حركة «بيجيدا» بعد أن ظهرت صورة له بشارب هتلر. وبعد مرور الزوبعة القصيرة عاد زعيم اليمين المتطرف المثير للخلاف من جديد إلى موقعه السابق داخل حركة «بيجيدا». وعلى رغم سجله الجنائي الإجرامي السابق، طالب «باخمان» بالتشدد التام في سياسة الجريمة تجاه الأجانب واللاجئين الذين يعيشون في ألمانيا، وأثناء محاكمته التي من المرجح أن تستمر حتى الشهر المقبل التزم «باخمان» بالصمت التام حتى الآن. * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»

مشاركة :