تُرى ما الذي يجعل هاتفًا يقاوم الغمر الكامل بالماء بينما لا يتحمل هاتف آخر أخف رذاذ من هذا السائل؟ ينطبق الأمر نفسه على الأتربة أو الغبار؛ تجد هاتفًا يتحمل أعنف الأعاصير بينما قد يتلف هاتف آخر من لفحات الهواء المُحملة بأغبرة رقيقة. لا يقتصر هذا الأمر على الهواتف فقط، بل يمتد ليشمل جميع الأجهزة الإلكترونية تقريبًا. يكمن الجواب فيما نود أن نُسميه معيار مقاومة الماء والأتربة IP (Ingress Protection). فما هو هذا المعيار؟ وما الذي يعنيه لجهازك؟ ستجد الإجابة، وأكثر، في هذا التقرير. معيار IP (Ingress Protection)، أو معيار حماية الدخول، أو معيار مقاومة الماء والأتربة كما سنشير إليه من الآن فصاعدًا، هو مقياس موحد تحدده "اللجنة الكهروتقنية الدولية - IEC" (منظمة دولية معنية بوضع معايير للكهرباء والإلكترونيات) للإشارة إلى مدى مقاومة جهازك الإلكتروني للأجسام الصلبة، والغبار، والسوائل. يتكون هذا التصنيف من رقمين؛ الأول يمثل الحماية ضد المواد الصلبة مثل الغبار، بينما يشير الثاني إلى الحماية ضد السوائل. يُكتب المعيار على الصورة التالية IP(XZ) بحيث يكون "X" هو الرقم الأول و"Z" هو الرقم الثاني (لا تُرسم الأقواس بجوار IP). من التصنيفات المنتشرة في الهواتف الذكية، والتي من الوارد أن تكون رأيتها من قبل، هو تصنيف IP68، والذي إذا امتلكه جهاز معين فسيكون محميًا بشكلٍ كامل ضد الأتربة والغبار، ناهيك عن أنه سيتحمل الغمر المستمر تحت الماء لمدة وظروف معينة. ولكن ما الذي تعنيه بقية الأرقام؟ أي ما معنى IP65 أو IP66 أو IP67؟ هذا ما سنعرفه الآن. بالنسبة للرقم الأول، وهو رقم حماية الجهاز من المواد الصلبة والغبار، فتتراوح قيمته من 0 إلى 6، حيث يُشير الرقم "6" إلى أقصى درجات الحماية والمقاومة التامة للأتربة. أما الرقم الثاني، وهو رقم مقاومة الماء، فيقع على مقياس من 0 إلى 9، فعند الرقم "0" يكون الهاتف أو الجهاز عرضة للتلف من أقل كمية من الماء، بينما يُشير الرقم "9" إلى مقاومة الماء بشكلٍ تام. مثال: إذا كان الهاتف يمتلك معيار مقاومة ماء وأتربة IP65، فهذا يعني أنه مقاوم تمامًا للأتربة (درجة 6) ومقاوم لرذاذ الماء البسيط (Water Jets) لامتلاكه الرقم "5". معظم الهواتف الحديثة تأتي بمعيار IP68 كما ذكرنا، وهذا يعني أنها تكون محصنة ضد الغبار ولن تتلف إذا تعرضت أو غُمرت تحت الماء الضحل لدرجة أو مدة محددة. ولكن انتبه، والمعلومة التالية في غاية الأهمية ويغفل الكثيرون عنها: قد يمتلك هاتفان المعيا نفسهر، لكن تختلف مقاومتهما للماء. على سبيل المثال، يمتلك كل من iPhone 14 Pro و iPhone 11 Pro معيار IP68، وهذا يعني أنهما من المفترض أن يقاوما الغبار تمامًا والماء إلى حدٍ معين. بالنسبة للغبار، فالهاتفان يقاومانه بالفعل، لكن بالنسبة للماء، فـ iPhone 14 Pro يمكن غمره حتى 6 أمتار من الماء لمدة 30 دقيقة دون أن يتلف، بينما العمق الأقصى الذي يتحمله iPhone 11 Pro في المدة الزمنية نفسها هو 4 أمتار فقط، وهذا رغم امتلاكهما للمعيار نفسه. لا تنسَ؛ ستجد في الأعلى الجدول الرسمي من اللجنة الكهروتقنية الدولية، الذي يُوضح دلالة كل رقم بالتفصيل، سواء للرقم الأول الخاص بالأتربة أو الثاني الخاص بالماء. لكن في بعض الأحيان، قد تجد علامة "X" بدلاً من أحد الرقمين. فما الذي يُشير إليه هذا الحرف؟ وكيف تعرف معيار جهازك؟ سواء أكان هاتفًا أم ساعة ذكية أم جهازًا آخر، فمن المفترض أن تجد معيار IP الخاص به إما في كتيب التعليمات المرفق معه أو على موقع الشركة المُصنعة. كما أن البحث عن اسم الجهاز على الإنترنت مع "IP rating" سيُجيب على سؤالك. اتفقنا على أنك من المفترض أن تجد IP بجواره رقمان، ولكن ماذا لو وجدت رقمًا واحدًا مع حرف "X" بجواره؟ هذا يعني أن معيار الرقم الذي جرى استبداله بهذا الحرف لم يُختبر من قبل الشركة. وعادةً ما يكون معيار مقاومة الأتربة هو الذي لم يُختبر، لذلك لا تستغرب إذا اشتريت سماعات Apple AirPods Pro 2 مثلًا ووجدت أن معيار مقاومتها للماء والأتربة هو "IPX4". فهذا يعني أن السماعة لم تُجرَ عليها اختبارات ضد الأتربة. ولكن هل يعني هذا أن المنتجات التي لم يُختبر أحد معياريها (الماء والأتربة) أنها ليست مقاومة لهذا المعيار غير المُختبر؟ لا، وإليك لمحة عن معظم الحالات غير المعلومة فيها درجة مقاومة الغبار: IPX0: في هذه الحالة يكون الجهاز غير مقاومٍ للماء. IPX1: يتحمّل الماء العمودية (التي لا تتسرب إلى الداخل) والبسيطة جدًّا. IPX2: يتحمل قطرات الماء الساقطة بزاوية 15 درجة أو أقل. IPX3: يتحمل قطرات الماء بزاوية 60 درجة أو أقل. IPX4: يتحمل قطرات الماء من أي زاوية. IPX5: مقاوم لرذاذ الماء لفترة معينة -أطول من الحالة السابقة- من الزمن. IPX6: مقاوم لرذاذ الماء ذي الضغط الأكبر. IPX6K: يمكن للجهاز أن يتحمل رذاذ الماء ذي الضغط العالي جدًّا. IPX7: يمكن أن يُغمَر الجهاز بأكمله تحت الماء ولمدة 30 دقيقة بشرط ألا يزيد العمق على 1 متر. IPX8: مقاوم للماء تمامًا وعلى أعماق أكبر من 1 متر (يحدده مُصنع الجهاز)، وهذه الأجهزة تكون مصممة خصوصًا للسباحين مثلًا أو الذين يحتاجون إلى استخدام الهاتف تحت الماء باستمرار. IPX9K: يقاوم -تمامًا- الماء العنيف (عند ضغط وحرارة مرتفعين)، وهذا ليس موجودًا سوى في أجهزة خاصة. لشبكة NBC، يُشير كارل بروتي، وهو "اختصاصي منتج" بخبرة تزيد على الثلاثين عامًا، إلى أن الجهاز يكون جيدًا إذا كان يتمتع بمعيار IP65 على الأقل لمقاومة الظروف الجوية غير المتوقعة، لكن ليس لدرجة الغمر في الماء. ففي هذه الحالة، ستحتاج إلى منتج حاصل على تصنيف IP67 أو IP68. إذًا، الأمر يعتمد على طبيعة حياتك واستخدامك للجهاز. فإذا كان سيتعرض للماء بشكلٍ متكرر، فيجب الحرص على أن يكون معياره IP67 أو IP68. أما في غير ذلك من الحالات، فيُفضل -بشكلٍ عام- أن يكون معياره لا يقل عن IP65. عن طريق مجموعة من الاختبارات الصارمة التي تهدف إلى تحديد مدى مقاومة الجهاز للماء والأتربة. ففي اختبار مقاومة الأتربة، يُوضع الجهاز في غرفة مملوءة بمسحوق التلك لمحاكاة البيئات المغبرة. وتختلف مدة وشدة التعرض للمسحوق وفقًا للتصنيف المطلوب. أما بالنسبة لمقاومة الماء، فيتم إخضاع الأجهزة لاختبارات مثل رشّ المياه، والغمر، والتناثر من زوايا مختلفة. كما تُحاكي هذه الاختبارات الظروف الحقيقية التي يمكن أن يتعرض لها الهاتف أو الجهاز، وتكون مدتها وشدة تأثيرها حسب التصنيف المراد الوصول إليه. لا ننسى أن اللجنة الكهروتقنية الدولية (IEC) هي من تضع المعايير لتصنيفات IP لضمان الاتساق والموثوقية. ويجب إجراء جميع الاختبارات في مراكز معتمدة للحصول على تصنيف رسمي لا لبس فيه. حتى وإن امتلك الشخص جهازًا ذا معيار IP متقدمًا، فيجب أن يتبع بعض الممارسات لضمان استمرار الأداء بأفضل شكل ممكن: - تجنب تعريض الجهاز لظروف تتجاوز تصنيف الحماية الخاص به، وذلك بمعرفة حده أولًا. - افحص الجهاز بانتظام للتأكد من عدم وجود أي خدوش أو أضرار قد تؤدي إلى تسرب الماء إلى مكوناته الداخلية. - إذا كان جهازك مقاومًا للماء وكنت على وشك السباحة به مثلًا، فلا مانع من التأكد من تثبيت "الجراب" لزيادة الحماية. - إذا أردت تنظيف الجهاز، فاحرص على استخدام قطع القماش الناعمة المبللة بالماء، وتجنب المواد الكاشطة التي قد تتسبب في خدشه. - بمناسبة تنظيف الجهاز، إذا كان يتمتع بمعيار IP67 أو IP68، فمن الأفضل غسله بماء نقي في حال التعرض للماء المالح أو الكلور (في حال السباحة به مثلًا) نظرًا لكونهما مُسبّبين للتآكل. ختامًا: في المرة القادمة التي تشتري فيها هاتفًا أو جهازًا بمعيار IP قوي، يجب أن تنتبه للكثير من المصطلحات والحيل التسويقية التي تُستخدم كثيرًا عن عمد لجذب المستخدمين. على سبيل المثال، قد يُسوَّق لهاتفٍ ما على أنه مقاوم للماء (Waterproof) وهذا نادر جدًا. بينما تكون معظم الهواتف الحديثة مقاومة للماء (Water-resistant) كما أوضحنا من خلال شرح دلالات رقمي معيار IP. والفرق كبير بين المصطلحين، فالأول- التسويقي- يعني أن الجهاز لن يتلف مهما تعرض للماء، بينما يعني الثاني- الحقيقي في معظم الهواتف- أن هناك حدًا معينًا من التعرض للماء.
مشاركة :