سكان مناطق عراقية متروكون لمصيرهم في مواجهة حملة عسكرية تركية غير منضبطة

  • 7/8/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أربيل (العراق) - يشعر سكان مناطق شاسعة من إقليم كردستان العراق أنّهم أصبحوا متروكين لمصيرهم في مواجهة حملة عسكرية تركية متصاعدة ضدّ حزب العمال الكردستاني، يقولون إنّها غير منضبطة في طريقة تنفيذها والأسلحة المستخدمة فيها، وإنّها آخذة في التوسّع بسرعة والتحوّل إلى احتلال دائم لمناطقهم، في ظلّ غياب أي نوع من ردّة الفعل عليها سواء من قبل الحكومة الاتّحادية العراقية أو من قبل حكومة الإقليم. وتركّزت الحملة التي يبدو أن تركيا أطلقتها مؤخّرا لتكون جزءا من محاولتها حسم الحرب ضدّ مقاتلي الحزب داخل الأراضي العراقية، في محافظة دهوك التي شهدت خلال الأيام الماضية أكبر تدفق للقوات والآليات التركية الثقيلة على مناطقها، في ظل أنباء عن مخطط تركي لاحتلال ثلاثة أرباع أراضي المحافظة الواقعة بإقليم كردستان العراق والمتاخمة للأراضي التركية. ويشكو سكان المناطق الريفية والجبلية بالمحافظة والذين يتركّز نشاطهم الاقتصادي على الزراعة بما في ذلك تربية الماشية وإنتاج عسل النحل وغراسة الأشجار المثمرة، من لجوء القوات التركية إلى القصف العشوائي بالمدفعية والطائرات النفاثة والمروحيات والمسيّرات في مراحل تمهيد الميدان و”تطهيره” من مقاتلي حزب العمّال، قبل إدخال القوات البرية وتركيز قواعد ثابتة ونشر نقاط التفتيش التي تقطّع أوصال المناطق وتعسّر تنقل السكان بينها والوصول إلى حقولهم ومراعيهم. مخاوف من لجوء القوات التركية إلى الحرائق لتعرية المناطق من الغطاء النباتي الذي يساعد عناصر حزب العمال على التخفي ومع حرارة الصيف بدأ القصف يتحوّل إلى كارثة بسبب الحرائق الناتجة عنه وسرعة انتشار النيران في مناطق تتميّز بكثافة غطائها النباتي ومنذ السبت يراقب السكان المحليون توسّع حريق كبير في جبال قضاء زاخو في محافظة دهوك نتج عن قصف جوي تركي وقالت السلطات المحلّية إنّ نقاط التفتيش والحواجز العسكرية التركية المنتشرة في القضاء تحول دون القيام بأي محاولة لإخماده ومنع امتداده إلى عدّة قرى مأهولة بالسكان. ونقل موقع رووداو الإخباري الكردي عن رياض جاسم مختار قرية بوسالي قوله إنّ ثلاثة حواجز عسكرية تركية تتمركز في مكان قريب من الحريق وإنّ الجيش التركي يستخدم طائرات مسيرة مسلحة في المنطقة. وأضاف جاسم “هذا حريق كبير وآمل أن يأتي شخص ما ويجد حلا له. فالمنطقة ليست آمنة وأهلنا خائفون من الذهاب لإخماد الحريق”. وعبّر بعض المسؤولين المحليين عن مخاوفهم من أن تكون الحرائق المتعمّدة جزءا من تكتيك حربي تركي يقوم على تعرية المناطق الوعرة من الغطاء النباتي الذي يساعد عناصر حزب العمال على التخفي داخلها. وقالت منظمة السلام العالمي الأميركية مؤخّرا إن القوات التركية نقلت خلال الأسبوعين الماضيين أكثر من ثلاثمئة دبابة إلى قرى في محافظة دهوك وتستعد لتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في المحافظة. وأشارت في تقرير أعده فريقها المختص في شؤون كردستان إلى أنّ الجنود الأتراك شوهدوا وهم يتحركون سيرا على الأقدام في قرى كيسته وآردنا وجلكي وبابيري وأوره وسررو في ناحية كاني ماسي. ونبّه التقرير إلى تأثير التحركات العسكرية التركية على الحياة اليومية والأنشطة الاقتصادية الزراعية في تلك المناطق مؤكّدا شيوع حالة من الذعر بين السكان. وقال إنّ القوات التركية لا تسمح لأي مدني بالمرور إلاّ بعد التحقيق معه والتدقيق في أوراقه الثبوتية. وما يضاعف قلق السكان المحليين أن الحملة العسكرية التركية تتمّ في ظل صمت رسمي عراقي لا يتردّد البعض في تفسيره على أنّه ضوء أخضر غير معلن من قبل بغداد وأربيل لأنقرة بتوسيع تدخلها العسكري داخل العراق لحسم حربها ضدّ حزب العمال، وذلك في نطاق تفاهمات أمنية واقتصادية، وحول ملف المياه، بين الأطراف الثلاثة. منظمة السلام العالمي الأميركية تؤكد إن القوات التركية نقلت خلال الأسبوعين الماضيين أكثر من ثلاثمئة دبابة إلى قرى في محافظة دهوك وتستعد لتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في المحافظة ويبدو أنّ تلك التفاهمات تلقى استحسانا من قبل جهات مشاركة في الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان العراق، في مقابل اعتراض أطراف سياسية أخرى. وطالب النائب عن كتلة صادقون بالبرلمان الاتّحادي العراقي رفيق هاشم الصالحي، الأحد، بعقد جلسة استثنائية للبرلمان لمناقشة التواجد العسكري التركي بشمال العراق. وقال لوسائل إعلام محلية إن “الخروقات التركية للسيادة الوطنية هي للضغط على العراق لتحقيق بعض المصالح”. وأضاف أن “القوات التركية مازالت تقوم باختراق حدود العراق وتضرب أهدافا مدنية في محافظة دهوك”. وأصدر تحالف قيم المشكّل من عدد من الأحزاب العراقية والممثّل تحت قبّة البرلمان من جهته بيانا طالب فيه حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني باتخاذ مواقف قوية لحماية المواطنين من القصف التركي المتواصل لقضاء العمادية بمحافظة دهوك. وقال التحالف في بيانه “تستمر القوات التركية منذ فترة ليست قصيرة بانتهاك السيادة العراقية وتواصل توغلها العسكري والقصف شبه المستمر لمحافظة دهوك وبشكل خاص لقضاء العمادية، مع تواصل الاستهتار حد إقامة معسكرات ونقاط تفتيش ثابتة ومتحركة وتهجير عدد من المواطنين من قراهم، مما يدحض حجة الحكومة التركية وادعاءها بأنها تلاحق حزب العمال الكردستاني”. وأضاف “حتى الآن لم يجر اتخاذ أي إجراء رادع لوقف هذه الانتهاكات سواء من قبل القوات التركية أو من قبل حزب العمال الكردستاني الذي يستخدم الأراضي العراقية في أنشطة تضر بالأمن والاستقرار”.

مشاركة :