د. الشافعي يقرأ لنا الأدب العجائبي والغرائبي..

  • 7/11/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بين أيدينا كتاب صدر حديثاً عن (دار النابغة للنشر والتوزيع ) جاء بعنوان (قراءة في الأدب العجائبي والغرائبي في التراث العربي) لمؤلفه الأستاذ/ خالد بن ربيع الشافعي، أستاذ الأدب والنقد - كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة جازان. إن (العجائبية والغرائبية) كمصطلح أدبي نقدي ليس بجديد على ساحة الأدب العربي، منذ أن وُجد، فقد تم تداوله منذ القرون الأولى على أيدي نخبة معروفة من أدباء العرب وفصحائهم وبلغائهم القدامى منهم والمحدثين، خاصة خلال العصرين: الأموي والعباسي، وذلك قبل أن يأخذ هذا المصطلح - فيما بعد - مكانته وأهميته التي تبلورت من خلالها مفاهيمه وأبرز ملامحه وأُطره العامة على ألسنة وأقلام النقاد في العصر الحديث، وتم تعميمه ليكون أحد المصطلحات المثيرة للاهتمام والتفكر والتبصر في ذاكرة عامة الناس، والباحثين والدارسين، خاصة في (الأدب السردي) وما روي عن المجتمع العربي القديم من قصص وحكايات وطرائف ربما كانت - في مجملها - أقرب للخيال من الواقع، وخارجة عن حدود الزمان والمكان. وقد تطرق د. الشافعي في (مقدمة) كتابه هذا للحديث عن هذا النوع من الأدب العربي، الذي طالما شغل بال كثير من أصحاب الاهتمام ولفت أنظارهم بعجائبيته وغرائبيته زمناً طويلاً، لما يتسم به مناخه وطقوسه من سلوكيات وتخيلات وأفكار ورؤى قد تكون -في كثير من الأحيان- خارجة عن المألوف أو السائد، معللاً تلك الأسباب والدوافع التي أسهمت في ظهور هذا النوع من الأدب وتطوره مع مرور الزمن، من نواحٍ عدة: نفسية وسياسية واجتماعية وغيرها، إذ يقول: "يأتي الأدب العجائبي انعكاساً لحالة نفسية يمر بها الأديب أو ألم يعانيه، نتيجة اصطدامه بواقعه المحيط الذي لا يستطيع مواجهته، سواء كان واقعاً سياسياً أم اجتماعياً ساعد في يأسه وانزوائه وعجزه عن التفاعل معه، والقدرة على التأثير فيه، وهو ما يولد رغبة ملحة في إيجاد وسيلة ناجحة في تمرير بعض آرائه وعرض أفكاره الخفية، ومواقفه المستترة حول أوضاع مجتمعه ومتغيراته. بين دفتي هذا الكتاب ثلاثة نصوص مهمة من السرد العجائبي القديم. هي على الترتيب: التوابع والزوابع لابن شُهيد الأندلسي، ورسالة الغفران لأبي العلاء المعري، وحي بن يقظان لابن طُفيل الأندلسي. أهم ما يميز القص العجائبي المعاناة النفسية التي تسيطر بحدة على كُتاب تلك المدونات، لما يتسمون به من سيطرة الخيال على إبداعهم، وخروجهم من حدود الأمكنة والأزمنة. وهذا ما سعت الدراسة لإبرازه ودراسته وتحليله". انتهى كلامه أقول: إنه من الواضح جداً لمن يطلع على هذا الكتاب أن مؤلفه قد حصر موضوع (العجائبية والغرائبية) في ثلاثة أوجه رئيسة، لكل منها عناصره التي تخص كل وجه دون سائر الأوجه الأخرى، ألا وهي: عجائبية الشخصيات، وعجائبية الخطاب، وعجائبية المكان، وقد قام خلال ذلك كله بإفراد (مبحث خاص) بكل وجه من هذه الأوجه على حدة، شارحاً ومفصلاً حيناً، ومحللاً ومفسراً حيناً آخر. كما أود أن أشير هنا إلى أن هذه الغرائبية والعجائبية ظهرت لنا في بداياتها الأولى في الشعر العربي - والجاهلي منه تحديداً - حين وصف كثير من الشعراء القدامى بعض الشخصيات الخرافية في أشعارهم، كالغول والعنقاء والسعلوة، مفرد (سعالي) وغيرها، لكن هذه الدراسة جاءت لتركز فقط على ما جاء حول هذا الموضوع في (الأدب السردي).

مشاركة :