وطني الحبيب.. هل تعلم أن التغنّي بك والدعوة للحرص على مكتسباتك باتت تُهمة تستدعي الحذر. نعم عذراً أيتها المملكة العربيّة السعوديّة - أرض الحرمين – فنحن مشغولون عن التنمية والتحوّل الوطني بالخصام والتفتيش في النوايا. نعم يا وطني نعتذر نحن الكتّاب ونجوم الإعلام الجديد والشبكات الاجتماعيّة تحديداً أنّنا لم نستوعب فرصة التاريخ ونحن نقود المشهد ونصنع ثقافة الأجيال الجديدة. ها هي واحدة من لحظات الاعتراف التي ينبغي أن نقول فيها ما يؤكده الواقع بأنّنا أصبحنا على شاشات "توتير" "وفيس بوك" و"يوتيوب" غثاء كغثاء السيل بعد أن تفرغنا لنشر المكروه والمحرم والمثير. كيف لا وقد بلغ عدد من "يتسّدح" اليوم على شبكة "تويتر" ما يزيد عن 7 ملايين سعودي يتراشقون بأكثر من 150 مليون تغريدة يوميّا. وهذا ليس من باب الاتهام ولكن من باب تعميم الغالب على المغلوب من الموضوعات الإلكترونيّة. ولمن شكّك وارتاب كل ما عليه أن يقوم برصد ملامح الحضور "التويتري" السعودي الكثيف، ثم يحلّل أبرز ما يطرحه "رموزنا" على توتير. قد لا نتفق أو (نتفق) مع كل أجزاء الصورة المتشائمة التي تقول إن ثلث المئة السعوديين الأوائل في قوائم "تويتر" يغرّدون بشعار (بلاد "الغرب" أوطاني). وكلمة "الغرب" هنا يمكنك أن تقرأها بالضمّة أو بالفتحة فلكلّ "غريب وغرب" أنصار بيننا. أما الثلث الثاني من رموزنا على "تويتر" فتفرّغوا لنبش الضغائن وإثارة الأحقاد وتسويد الحياة بنشر اليأس والإحباط أمام جيل جديد تتشكّل هويته أمام الشاشات. أما بقيّة الثلث الأخير من الويل فثلّة من اللاهين العابثين ومعهم ثلّة من المتاجرين بقطعان المتابعين يسومونهم بضاعة مزجاة في "سوء" الإعلان وهم يصفعونهم بالغث والغثيث من الأفكار وزهيد بضائع الأسواق. وحتى يكون للإنصاف باب وجواب فلابد من الإقرار بأن هناك نماذج مضيئة بين رموز الشبكات الاجتماعيّة وإن بقيت فئة قليلة ولكن سيذكرها التاريخ يوماً ما مستذكراً جهدها ونضالها وهي تسعى لتعزيز الدور التنموي والرسالة الأخلاقيّة للوطن وساكنيه. وما يدريك فلعل هذه الفئة القليلة تغلب الفئة الكثيرة بإذن الله – والله غالب على أمره. وعوداً على بدء يمكن القول إنّ أعجب الأصناف "الإلكترونيّة" هو ذلك الصنف المتخصّص في جمع والتقاط مخلفات المجتمع وإعادة إنتاجها بالتهريج والسخريّة باسم النقد والحريّة على الشبكات الاجتماعيّة. والأعجب أن صاحبتنا أو صاحبنا محترف صفع مجتمعه ووطنه لا يكاد ينتج حلقة أو حلقتين على "يوتيوب" حتى تراه على منصّة توقيع عقد "الرعاية" مع شركة "وطنيّة". عذراً يا وطني.. فأنت تحارب على جبهات وتستعد لإطلاق برنامج تحوّل وطني كبير. أمّا بعضنا فمشغولون بالبحث عن تغريدات منسيّة لخصومه من أهله، وبعضنا لم ينته بعد من مهمّة التفتيش في أرشيف الصحف القديمة لعلّ فيها ما يفجّر خصومة جديدة في وجه التنمية وروح الوطن. قال ومضى: في الليلة الظلماء لا (يشعّ) (النجم) المزيف. masaraat2050@yahoo.com لمراسلة الكاتب: falshehri@alriyadh.net
مشاركة :