تعد الدعاوى القضائية الجماعية المتعلقة بانتهاك قوانين مكافحة الاحتكار ظاهرة جديدة في المملكة المتحدة، لكن عدد القضايا آخذة في الازدياد. وفي يونيو حصل أستاذ قانون من جامعة «إيست أنجليا» على تمويل لمقاضاة «أمازون»، بزعم استغلال عملاقة التكنولوجيا الأمريكية البائعين المستخدمين لمنصتها. وتقدر قيمة هذه الدعوى بأكثر من 2.5 مليار جنيه استرليني، وهي واحدة من بين دعاوى عديدة أخرى. كما أن «غوغل» تمثل هدفاً أيضاً للمحامين، فخلال شهر يونيو أعطت إحدى المحاكم الضوء الأخضر لرفع دعوى قضائية بقيمة 13.6 مليار جنيه استرليني بزعم وجود سلوك مناهض للمنافسة في الإعلانات عبر الإنترنت، ورفع «أد تك كولكتيف أكشن»، التي تمثل ناشري المواقع الإلكترونية القضية، التي وصفتها غوغل بأنها مجرد تكهنات وانتهاز للفرص. ولا يعني ذلك بالضرورة أن كل الناشرين يدركون ذلك، حيث تتبنى المملكة المتحدة نظام «اختيار الانسحاب»، ما يسمح للمستفيدين المحتملين من التعويضات أن يتم تضمينهم تلقائياً ما لم يختاروا الانسحاب، وهذا يفسر السبب أن إنجلترا تمثل نحو نصف الدعاوى الجماعية المرفوعة في أوروبا خلال السنوات الخمس الماضية. وقطاع التكنولوجيا ليس هو المستهدف الرئيس، فنصف قيمة الدعاوى الجماعية البالغة 120 مليار يورو، والمرفوعة في المملكة المتحدة خلال السنوات الست حتى عام 2022، تتعلق بقطاعات التعدين والطاقة والنقل، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الدعاوى المتعلقة بانهيار سد ماريانا في البرازيل عام 2015، وفقاً لشركة المحاماة الدولية «سي إم إس»، لكن الدعاوى المتعلقة بقطاع التكنولوجيا تتزايد بسرعة، ولا يقتصر ذلك على المملكة المتحدة، فخلال السنوات الست حتى عام 2022 تم رفع دعاوى جماعية بقيمة 12.4 مليار يورو ضد شركات التكنولوجيا في هولندا الصديقة للمدعين، أي أقل بمقدار 4.9 مليارات يورو فقط من المملكة المتحدة. وهناك عوامل عدة لزيادة الدعاوى القضائية في المملكة المتحدة، أحدها السماح برفع الدعاوى الجماعية بنظام اختيار الانسحاب، رغم أن دعوى ماريانا تظهر أن القضايا بهذا النظام يمكن أن تكون مكلفة. وثمة عامل آخر يتمثل في قبول التمويل من طرف ثالث. وزادت أصول ممولي الدعاوى بأكثر من 10 أضعاف لتصل إلى 2.2 مليار جنيه استرليني خلال العقد المنتهي عام 2022، وفقاً لشركة المحاماة «آر بي سي»، لكن الإنفاذ العام الصارم لقوانين مكافحة الاحتكار يعد أمراً بالغ الأهمية أيضاً، لأن الدعاوى الخاصة غالباً ما تعتمد على قرارات الجهات التنظيمية، واتخذت بروكسل والمملكة المتحدة نهجاً صارماً لكبح جماح شركات التكنولوجيا الكبرى. وعادة ما يميل المستثمرون في شركات التكنولوجيا الغنية إلى تجاهل اتهامات مكافحة الاحتكار. ومع ذلك تشجب هذه الشركات انتشار الدعاوى الجماعية من الولايات المتحدة إلى أوروبا، وتجادل بأنها تلحق أضراراً اقتصادية بالأعمال التجارية، وتعوق عمل المحاكم، وتفيد المحامين والممولين في المقاوم الأول، لكن السماح للأشخاص برفع الدعاوى يخدم غرضاً ما، حيث تسمح هذه الدعاوى الجماعية للضحايا بالحصول على تعويضات مع تعزيز الردع، فهي تعزز الدافعية للكشف عن السلوك المناهض للمنافسة، وتكمل عمل الجهات التنظيمية، وهذا يجعلها ميزة وليس عيباً في نظام المنافسة. تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز كلمات دالة: FT Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :