توقعت وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» بقاء إصدارات الصكوك العالمية ما بين 160 - 170 مليار دولار أميركي بعد الأداء الجيد للسوق خلال النصف الأول من عام 2024. وبلغ إجمالي الإصدارات 91.9 مليار دولار أميركي على مدى الستة أشهر الأولى حتى نهاية يونيو، بارتفاع طفيف عن العام الماضي حين بلغ 91.3 مليار دولار أميركي. لكن الفارق الملحوظ هو ارتفاع الإصدارات المقومة بالعملات الأجنبية بنسبة 23.8 %، حيث وصلت إلى 32.7 مليار دولار أميركي في 30 يونيو 2024، مرتفعةً من 26.4 مليار دولار أميركي في العام السابق، وكان المُصْدرون من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وعُمان وماليزيا والكويت المساهمين الرئيسين في هذه الزيادة. وقد استفادت إصدار الصكوك المقومة بالعملات الأجنبية من تحسن الرؤية بشأن مسار أسعار الفائدة على المدى المتوسط - ونتوقع أن يبدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في خفض أسعار الفائدة في ديسمبر 2024. وفي الوقت نفسه، تفسر الاحتياجات التمويلية المرتفعة في الدول الأساسية للتمويل الإسلامي زيادة الإصدارات، التي تمول بوضوح برنامج التحول الاقتصادي المستمر في المملكة العربية السعودية والنمو القوي للاقتصاد غير النفطي في دولة الإمارات العربية المتحدة. قد يؤدي اعتماد المبادئ التوجيهية للمعيار الشرعي 62 لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية -كما تم تقديمها- إلى زعزعة السوق، ولن يؤثر هذا على الإصدارات هذا العام، ولكن من المحتمل أن يؤخذ به بعين الاعتبار بدءًا من العام المقبل وصاعدًا، وسيحول المعيار القطاع نحو الصكوك المدعومة بأصول من خلال اشتراط إجراء نقل حقيقي للأصول الأساسية إلى المستثمرين. مع ذلك، من الصعب التنبؤ بمدى شهية المستثمرين والمُصْدرين لمثل هذه الأدوات، فضلًا عن قانونية نقل الأصول من ميزانياتهم العمومية، نظرًا لهيكل السوق الحالي. وهذا يمكن أن يؤدي إما إلى مزيد من التشتت في السوق، أو ما هو أسوأ من ذلك، إلى احتمال توقف الإصدارات حتى يتوصل منظمو الصكوك إلى حل وسط. وهناك تفسير أكثر تحفظًا للنصوص الشرعية يؤثر بالفعل على بعض هياكل السوق. مع ذلك، حتى لو اعتُمِدَ المعيار الشرعي رقم 62، فمن غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى زعزعة الصكوك الصادرة حاليًا لأننا ندرك أن أي تغييرات في الالتزامات التعاقدية تخضع لموافقة المستثمر. احتياجات التمويل والسياسات المالية استقرت إصدارات الصكوك العالمية في النصف الأول من عام 2024 ونتوقع أن تصل الإصدارات إلى ما بين 160 - 170 مليار دولار أميركي في نهاية هذا العام، وذلك بفضل ارتفاع احتياجات التمويل في بعض الدول الأساسية للتمويل الإسلامي وتحسن الرؤية بخصوص اتجاه أسعار الفائدة. لم تؤثر المخاطر الجيوسياسية حتى الآن على الإصدارات، ولكن هناك مخاطر بأن قد تؤدي إلى بعض التراجع، على الرغم من أننا في ظل السيناريو الأساسي لدينا لا نتوقع اضطرابًا كبيرًا. استمرار انخفاض إصدارات الصكوك المقومة بالعملات المحلية انخفضت إصدارات الصكوك المقومة بالعملة المحلية بنسبة 8.8 % على أساس سنوي، كنتيجة رئيسة لانخفاض الإصدارات في تركيا وباكستان ودولة الإمارات العربية المتحدة وماليزيا، وكان أكبر انخفاض في الإصدارات المقومة بالعملات المحلية في تركيا، حيث تستمر سياسة التشديد النقدي وتحسن تنسيق السياسة المالية، في المساعدة على إعادة التوازن إلى الاقتصاد. ومنذ يونيو 2023، اعتمد البنك المركزي لجمهورية تركيا مجموعة من التدابير لتشديد شروط الائتمان. من بينها، رفع سعر الفائدة إلى 50 % من 8.5 % في 11 شهرًا فقط. ونتوقع تشديدًا إضافيًا لشروط وسياسات الائتمان في محاولة لاحتواء التضخم، الذي نتوقع أن يظل مرتفعًا في عام 2024، بمتوسط 55.8 %، مرتفعًا من 54 % في عام 2023، قبل أن ينخفض إلى 27.3 % في عام 2025. وفي دولة الإمارات، يمكن القول هذا التراجع جاء نتيجةً لانخفاض الإصدارات المقومة بالعملة المحلية من الحكومة الاتحادية والجهات المعنية الأخرى. بالنسبة لباكستان، فقد يكون الإصدار مرتبطًا بنقص البيانات حول الإصدارات في النصف الأول من عام 2024. وأخيرًا، كان الانخفاض في الإصدارات المقومة بالعملة المحلية في ماليزيا طفيفًا بسبب البصمة القوية لإصدارات الصكوك في البلاد. وقد لاحظنا أن الإصدارات المقومة بالعملة المحلية في المملكة العربية السعودية قد عادت للنمو، حيث دخلت الحكومة إلى السوق بإصدارات ضخمة وبدأت أيضًا في إصدار صكوك التجزئة. استمرار ارتفاع إصدارات الصكوك المقومة بالعملات الأجنبية. يفسر ارتفاع احتياجات التمويل في الدول الأساسية للتمويل الإسلامي، واستقرار أسعار الفائدة، وتحسن الوضوح بشأن المسار المستقبلي لتخفيضات أسعار الفائدة، الزيادة المستمرة في الإصدارات المقومة بالعملات الأجنبية. وقد شهدنا ارتفاعًا كبيرًا في حجم الإصدارات في المملكة العربية السعودية، حيث تواصل الحكومة والبنوك الاستفادة من السوق لتمويل مختلف المشاريع المرتبطة بخطة التحول الاقتصادي ونتوقع الآن أن يتحول النظام المصرفي السعودي إلى مركز دين خارجي صافي معتدل في الأشهر القليلة المقبلة، وقد لاحظنا أيضًا دخول مطوري العقارات والبنوك في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى سوق الصكوك، حيث حافظ قطاع العقارات على أدائه القوي، مما دفع المطورين إلى الإسراع في إطلاق مشاريع جديدة في ظل استمرار ارتفاع أسعار العقارات. وقد لاحظنا أن دولًا أخرى تساهم أيضًا في ارتفاع الإصدارات المقومة بالعملات الأجنبية. في الواقع، بلغت قيمة معاملات ثلاث صدرت في شهر يوليو 3.6 مليار دولار أميركي إضافية. ولم نرَ مُصْدرين من خارج الدول الأساسية للتمويل الإسلامي يدخلون السوق في النصف الأول من عام 2024. مسودة المعيار الشرعي في أواخر عام 2023، نشرت "أيوفي" مسودة المعيار الشرعي رقم 62 بشأن الصكوك. وبعد ذلك مددت الموعد النهائي للحصول على ملاحظات القطاع مرتين، حتى 31 يوليو 2024، بدلًا من 31 مارس 2024. وفي حال اعتماده كما اقترح، فقد يؤدي المعيار الشرعي رقم 62 إلى تغيير طبيعة سوق الصكوك ويزيد من التشتت، وأحد المتطلبات الرئيسة لهذا المعيار نقل الملكية والمخاطر المتعلقة بالأصول الأساسية إلى حاملي الصكوك. وعلى هذا النحو، سيتحول السوق من الهياكل التي تدعم فيها الالتزامات التعاقدية لرعاة الصكوك السداد إلى الهياكل التي يكون للأصول الأساسية فيها دور أكثر بروزًا. ومن وجهة نظرنا، قد يؤثر ذلك على السوق بعدة طرق محتملة، من بينها: قد تصبح الصكوك أكثر تكلفة من الإصدارات التقليدية. سيتعين على المُصْدرين أو المستثمرين في بعض الولايات القضائية تحمل تكلفة تسجيل الأصول باسم حاملي الصكوك. وهذا يمكن أن يجعل بعض المعاملات غير اقتصادية. على سبيل المثال، في حال استخدموا عقارات في البلدان التي تكون فيها ضرائب تسجيل العقارات مرتفعة. قد يتعرض المستثمرون لمخاطر متعلقة بالأصول. ومن الممكن أن يصبح الخطر من مصادرة أو تأميم الأصول أكثر أهمية، مما قد يعرض الكفلاء لمخاطر لا يمكنهم تحملها. وقد ينكشف المستثمرون أيضًا على القيمة السوقية للأصول، وقد يستخدم الكفلاء ذلك للهروب من التزامات الدفع المتبقية في حال حدوث انخفاض كبير في قيمة الأصول الأساسية. القضايا القانونية المحتملة: في بعض البلدان، قد يصبح من الصعب هيكلة الصكوك إذا لم يتمكن المستثمرون الأجانب من امتلاك الأصول. وينص المعيار الشرعي رقم 62 المقترح أيضًا على أن الشريعة الإسلامية يجب أن تكون القانون الحاكم للصكوك، بينما السائد في السوق هو استخدام القانون الإنجليزي. وفي حال استمرار استخدام القانون الإنجليزي، فإن المعيار ينص على أن تطبيق القانون يجب ألا يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية كما تحددها المعايير الشرعية لأيوفي. ويشير هذا إلى أنه إذا اعتمد المعيار كما هو، فقد يتوقف سوق معتمدي معايير أيوفي حتى يجد منظمو الصكوك طرقًا لاستعادة خصائص الدخل الثابت للأداة وجعلها أكثر جاذبية لمستثمري الدخل الثابت، وقد يؤدي ذلك إلى وضع يزداد فيه تعقيد الأداة بصورة أكبر أو حيث يصبح المُصْدرون مضطرين إلى خرق الالتزامات التعاقدية أو متطلبات الشريعة الإسلامية. والاحتمال الآخر هو حدوث تشتت أكبر في السوق، إذ سينقسم بين معتمدي معايير أيوفي وغير معتمديها. وقد يشجع هذا بعض المعتمدين على الابتعاد عن المعايير في حال رأوا تأثيرًا كبيرًا على قدرتهم على الاستفادة من الأسواق المالية. وعلى أية حال، قد يقرر بعض مستثمري الدخل الثابت سحب استثماراتهم مؤقتًا أو بصورة دائمة، وهو ما لاحظناه عندما عُدّلت متطلبات الشريعة الإسلامية السابقة. ولدى السوق مهلة حتى 31 يوليو 2024 للتعليق على المعيار الشرعي رقم 62، ولم يُعرَف بعد تاريخ نشر المعيار وتاريخ سريانه. وبافتراض الموافقة على المعيار في وقت لاحق من هذا العام، فمن المرجح أن يبدأ الاعتماد في العام المقبل. نلاحظ أنه من غير المرجح أن يؤثر التغيير في المعايير على الصكوك الحالية لأننا نعلم أن أي تغييرات في الالتزامات التعاقدية لهذه الأدوات تخضع لموافقة المستثمر. وقد بلغ إجمالي حجم إصدارات صكوك الاستدامة 5.2 مليار دولار أميركي خلال النصف الأول من عام 2024، بانخفاض من 5.7 مليار دولار أميركي خلال نفس الفترة من العام الماضي، على الرغم من تسوية صفقة كبيرة من مُصْدر متكرر لصكوك الاستدامة خلال الأيام القليلة الماضية. ونتوقع أن يتراوح حجم إصدارات صكوك الاستدامة بين 10 - 12 مليار دولار أميركي تقريبًا في ظل غياب أي تسارع كبير في تنفيذ الدول الأساسية للتمويل الإسلامي لسياسات صافي الانبعاثات الصفري أو أي تغيير في الإجراءات التنظيمية. ومن الجدير بالذكر أيضًا أن 80 % من إصدارات الاستدامة في الأشهر الستة الأولى من عام 2024 جاءت من بنوك خليجية مع بدئها في رحلة التحول المناخي.
مشاركة :