لكن جديد أوّل ألعاب أولمبية صيفية تقام في أميركا الجنوبية، أنها أسدلت الستارة على مسيرة عملاقين تخطيا العقد الثالث من العمر، وعبّرا عن رغبتهما بإلقاء أسلحتهما الرياضية، لتكون نسخة طوكيو 2020 يتيمة من اكتساحهما منافسات الأحواض وأم الألعاب. رصيد خيالي في 2012 حطّم فيلبس وتخطى الرقم القياسي في عدد الميداليات الذي كان بحوزة لاعبة الجمباز السوفيايتية لاريسا لاتينينا مع 22 ميدالية بينها 18 ذهبية. اعتزل وعاد ودخل في مشكلة إدمان الكحول والاكتئاب، لكنه ضرب مجدداً معزّزا أسطورته: خمس ذهبيات وفضية رفعت رصيده الى 28 ميدالية بينها 23 ذهبية، وفي طريقه أصبح أوّل سبّاح يحرز سباق 200 م متنوّعة أربع مرّات توالياً. نال امبراطور أحواض السباحة البالغ 31 عاماً 6 ذهبيات في اثينا 2004 و8 في بكين 2008 و4 في لندن 2012، وخمس في ريو 2016. اللافت أن أقرب منافس على ذهبيات فيلبس الـ23 يمتلك 9 ذهبيات، ما يفسّر القيمة الرياضية الهائلة لابن بالتيمور. "لا اعتقد بانكم سترون مايكل فيلبس آخر"، بهذه الكلمات لخّص المدرب بوب باومان مكانة السبّاح في تاريخ الألعاب الأولمبية. البرق والخالد والأعظم والأسرع... وكما فيلبس ضرب برق بولت مجدداً، خاتماً مشاركته الأولمبية بتصريح معبر: "أنا الأعظم (في ألعاب القوى)". أسرع وأعظم عدّاء في العالم كرّر ثلاثية 100 و200 و4 مرات 100 م في لندن بعد بكين 2008 ولندن 2012، وفي ريو 2016 تكرّرت الحكاية مع ثلاثية ثالثة. وسُحبت لاحقا احدى ذهبيات بولت (من 9 إلى 8)، بعد تنشّط مواطنه نستا كارتر في سباق التتابع خلال العاب بكين 2008. ماذا بعد فيلبس وبولت؟ بمقدار ما كانا ثروة أولمبية وكنزاً رياضياً، سيخلّف اعتزال فيلبس وبولت أولمبياً، فجوة عميقة يصعب ردمها وعبئاً ثقيلاً على مشاهدين اعتادوا ملاحمهم. رئيس اللجنة الاولمبية الدولية الالماني توماس باخ اعتبرهما "رمزاً"، والبريطاني سيباستيان كو رئيس الاتحاد الدولي لالعاب القوى وصف بولت بـ"العبقري". أعرب بولت عندما توج بذهبية سباق 200 م، عن رغبة في المشاركة بمونديال لندن العام التالي، ولكن في سباق 100 م فقط والتتابع 4 مرات 100 م، في وقت يعتبر سباق 200 م المفضّل لديه وقبّل بشفتيه خط وصوله بعد تتويجه. الولايات المتحدة تنسخ رصيد 2012 احتفظت الولايات المتحدة بصدارة الميداليات للنسخة الثانية على التوالي محرزة 46 ذهبية، بفارق شاسع عن بريطانيا الثانية (27) التي حققت مفاجأة ضخمة وابعدت الصين عن الوصافة (26). وفي ظلّ ابعاد فريق العاب القوى الروسي، باستثناء لاعبة الوثب الطويل داريا كليشينا، وبعض الرياضيين الآخرين في ألعاب أخرى بسبب تنشيط حكومي ممنهج، حلّت روسيا رابعة مع 19 ذهبية. أقيمت المسابقات بمشاركة أكثر من 11 ألف رياضي في 32 منشأة رياضية على امتداد ريو دي جانيرو (و5 مدن لمسابقة كرة القدم). توزعت بين منطقة بارا حيث بُنيت قرية أولمبية ومتنزه أولمبي أقيم فيها العدد الأكبر من المسابقات، شاطئ كوباكابانا مكان مسابقات المياه المفتوحة والكرة الشاطئية، ماراكانا حيث الملعب الاسطوري لكرة القدم وموقعي الافتتاح والختام بالاضافة الى ملعب "انجينياو" (أو جواو هافيلانج) الأولمبي مضيف منافسات العاب القوى، فيما كانت منطقة ديودورو الأكثر عزلة لوقوعها في منطقة عسكرية استضافت الرماية والدراجات والرغبي والفروسية. واحتفلت ايران بأوّل ميدالية نسائية في تاريخ مشاركاتها في الألعاب، كانت من نصيب كيميا علي زاده التي حصلت على برونزية في منافسات التايكواندو. لم يكن بالامكان أفضل مما كان صحيح أن البرازيليين لم يتعهّدوا تنظيم ألعاب تاريخية بل قاموا بما هو مقدورهم وسط ظروف صعبة تمر فيها البلاد. تراوحت مشكلات ريو بين المواصلات الصعبة، وضع أمني مزر برغم نشر نحو 80 ألف رجل أمن، مدرّجات نصف فارغة أو خدمات متواضعة مقارنة ببكين ولندن، لكن فيروس زيكا الذي أرعب الجميع قبل الالعاب أخذ قسطاً من الراحة وغابت اخباره في فصل الشتاء في ريو. عانت البرازيل أزمة اقتصادية واجتماعية إلى جانب المشكلات السياسية التي أدّت إلى اقصاء الرئيسة ديلما روسيف في أيار/مايو بقرار من مجلس الشيوخ واستبدالها موقتا بنائبها ميشال تامر. كان الجميع يتصوّر أن هذه الألعاب ستكون ملوّنة، وشعبية واحتفالية. ولكنها كانت في الكثير من الاحيان مملّة وامام مدرجات فارغة. أعلنت اللجنة الاولمبية الدولية انه تم بيع 80٪ من التذاكر. لكن معظم المسابقات لعبت أمام جمهور قليل، يناقض النجاح الشعبي لألعاب لندن. الارباك الروسي أربك الشك حول عدد الرياضيين الروس الجميع قبل الانطلاق. نُشر تقرير المحقق ماكلارين المعيّن من الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات في 18 تموز/يوليو الذي وجه اصابع الاتهام الى الدولة الروسية بالتنشط المنظّم والممنهج، دفع اللجنة الاولمبية الدولية للجوء إلى الاتحادات الدولية للرياضات للبحث في "نظافة" الرياضيين الروس الذين تم اختيارهم للمشاركة من قبل اللجنة الاولمبية الروسية. في المجموع، استبعد 113 رياضياً ورياضية، بينهم 67 في العاب القوى وبطلة القفز بالزانة يلينا ايسينباييفا التي اعلنت اعتزالها، من المشاركة في الأولمبياد البرازيلي. الرياضيون الـ276 الاخرون (من أصل 389 اختارتهم اللجنة الاولمبية الروسية في الوهلة الاولى) تمكنوا من الدفاع عن ألوان بلادهم ووضعوها في المركز الرابع على جدول الميداليات. في خضم الالعاب، واجهت اللجنة الاولمبية الدولية أيضا اعتقال أحد كبار مسؤوليها الايرلندي باتريك هيكي في اطار التحقيق بشبكة بيع التذاكر بطريقة غير قانونية. كما طفت على السطح في الايام الاخيرة من الالعاب، قضية السباحين الاميركيين الاربعة بينهم البطل راين لوكتي، بعدما تبين أن قصة وقوعهم ضحية سرقة بقوة السلاح بمحطة للخدمات من طرف اشخاص انتحلوا صفة رجال شرطة، غير صحيحة. نيمار وبايلز وفرح وموراي ورديف "الاحلام" شهدت الألعاب أيضا تألق البريطاني مو فرح الذي حقق الثنائية الثانية على التوالي (5 الاف م و10 الاف م)، لاعبة الجمباز الاميركية سيمون بايلز (4 ذهبيات، وبرونزية واحدة)، السبّاحة الاميركية كايتي ليديكي (4 ذهبيات وفضية واحدة) والعداءة الجامايكية إيلاين تومسون (ثنائية 100 م و200 م). قبل يوم من انتهاء الالعاب نسي البرازيليون مشكلاتهم وذلك بعد أن توج فريق كرة القدم باللقب الوحيد الذي يغيب عن خزائنه اي ذهبية مسابقة كرة القدم. قاده نيمار أخيراً إلى إحراز الذهبية التي كانت تفتقدها خزائنه. وكرّس المنتخب الاميركي هيمنته على مسابقة كرة السلة للرجال واحرز ذهبيته الثالثة على التوالي والخامسة عشرة من اصل 18 مشاركة، وذلك بعد اكتساحه صربيا في النهائي 96-66. في كرة المضرب، نال الصربي نوفاك ديوكوفيتش "شرف" أن يكون أوّل "كبير" يحزم حقائبه ويودع الألعاب، بعد خروجه من الدور الاول في مفاجأة لم تكن في الحسبان بالنسبة للاعب المصنف اول عالميا. وفي ظل إقصاء الصربي، بات البريطاني أندي موراي أوّل لاعب يحتفظ باللقب الاولمبي في منافسات الفردي، رجالاً أو سيدات. ا ف ب/جأش
مشاركة :