أُعلِنت «الرؤية المستقبلية للمملكة 2030» وهي رؤية إستراتيجية تاريخيه تتضمن تغييرات اقتصادية، تنموية، واجتماعية واسعة، تهدف إلى إعداد المملكة لمرحلة ما بعد النفط. مجلس الوزراء خصص جلسته للنظر في مشروع الرؤية؛ والموافقة عليها ومباركتها؛ حيث أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ توجيهه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برسم الرؤية الاقتصادية والتنموية للمملكة؛ مضيفا «إن ما نأمله أن تكون بلادنا إنموذجا للعالم على جميع المستويات.. وتوظيف إمكانيات بلادنا وطاقاتها والاستفادة من موقع بلادنا وما تتميز به من ثروات وميزات لتحقيق مستقبل أفضل للوطن وأبنائه». بات الاقتصاد الوطني على موعد مع تحول هيكلي يسهم في نقله الى مرحلة ما بعد النفط، وإرساء أسس التنمية المستدامة برنامج التحول الوطني أحد أهم عناصر الرؤية السعودية؛ وهو البرنامج الذي تعلق على نجاحه التوقعات الإيجابية؛ والتحول المنشود. سمو ولي ولي العهد؛ الأمير محمد بن سلمان؛ كشف تفاصيل «رؤية السعودية2030» وهي الخطة التنموية الأكبر بتاريخ المملكة، والتي تعد أكبر خطة تحول اقتصادي وطني. يمكن القول ان خطة التحول تمثل «جسراً لنقل التقنية» واستثمار تنافسية الاقتصاد السعودي، الذي يتميز بمقومات في قطاعاته المختلفة وفي مقدمها قطاعي التجزئة وتكنولوجيا المعلومات اللذين يمكن ان يكونا الأكثر نموا وخلقا للوظائف النوعية. رؤية تنموية شاملة؛ وإن ركزت في مدخلاتها الرئيسة على شؤون الإقتصاد. إعادة هيكلة الإقتصاد؛ وتنويع مصادره؛ خصخصة أرامكو السعودية؛ الصندوق السيادي؛ إضافة إلى تنويع مصادر الدخل؛ من أهم ركائز الرؤية المستقبلية؛ التي أصبحت اليوم مشروعا وطنياً تلتزم الحكومة بتنفيذه وفق برامج محددة سيعلن عنها لاحقا. هناك علاقة وثيقة بين الرؤية والبرامج والأذرع التنفيذية؛ فإطلاق الرؤية لا يعني ضمان تحقيق أركانها مالم تتوافر البرامج المحققة للأهداف؛ والأجهزة التنفيذية القادرة على تحويل الرؤية إلى واقع معاش. سيكون للأجهزة التنفيذية التي تشمل «الإدارة المركزية للرؤية»؛ الرقابة والقياس؛ والوزارات والمؤسسات الحكومية القول الفصل في تحقيق أهدافها الطموحة. اجتهد مجلس الشؤون الإقتصادية والتنمية منذ العام 2015 لتحقيق هدف التكامل الحكومي؛ ورفع كفاءة الأداء؛ والعمل وفق مؤشرات القياس؛ والتحول من فلسفة الإدارة التقليدية إلى إدارة القطاع الخاص؛ التي تعتمد الإستراتيجيات والأهداف والبرامج وكفاءة العمل؛ منهاجا لها. إنشاء مجلس الشؤون الإقتصادية والتنمية ربما كان من متطلبات الإدارة والتحكم والتنسيق التي لا يمكن الإستغناء عنها في تنفيذ المشروعات الإستراتيجية النوعية. تجهيز البيئة الحاضنة؛ وتقوية السواعد المنفذة؛ وتحقيق التكامل بين الوزارات للعمل كفريق واحد؛ لا فرق متناثرة؛ من مقومات النجاح ومتطلبات تنفيذ الرؤية الحكومية بعد إطلاقها والإلتزام بها. هل نجحت وزارات ومؤسسات الدولة في بلوغ حد الكفاءة المُعينة على القيام بمتطلبات خطط وبرامج الرؤية الوطنية؟. أحسب أن غالبيتها ما زالت في حاجة للتطوير وإعادة الهيكلة؛ بل ربما نحن في حاجة إلى دمج بعض الوزارات؛ وفصل الصناعة عن التجارة إذا ما أردنا المضي قدما في تنويع الاقتصاد والتوسع في الصناعات الصناعية؛ والتفكير الجدي في إنشاء وزارة الطاقة لتكون المسؤولة عن تنمية القطاع؛ وتنظيم سوق الطاقة وتحفيز الاستثمارات النوعية؛ وبعث مشروعات الطاقة المتجددة التي يمكن أن تكون جزءا مهما من خطط ترشيد استهلاك النفط محليا؛ وموردا من موارد الدخل الحكومي في حال القدرة على تصدير الكهرباء مستقبلا. الإعلان الرسمي عن رؤية الحكومة يجعلها ملزمة بتنفيذها وفق البرامج المطروحة وفي مدة زمنية محددة، إضافة إلى مسؤوليتها عن مخرجاتها المستقبلية. لذا فنحن أمام متطلبات ما بعد الإعلان عن الرؤية 2030 وهي متطلبات ثقيلة وملزمة، إلا أن تحقيقها ليس بالمستحيل. التزام الحكومة بتنفيذ رؤيتها لا يعني مسؤوليتها الفردية عنها؛ بل يفترض أن تكون هناك شراكة وطنية تهدف إلى تفعيل البرامج وتنفيذها وتحقيق أهدافها الطموحة بدأ من اليوم؛ ولعلي أستشهد بتوجيه خادم الحرمين الشريفين حين قال؛ «نأمل من المواطنين العمل معاً لتحقيق هذه الرؤية الطموحة». أجزم أن وجود مرجعية مستقلة لمراقبة برامج خطة التحول وقياس كفاءة تنفيذها ومواءمة مخرجاتها مع الرؤية الوطنية. مرجعية مرتبطة بسمو ولي ولي العهد رئيس المجلس الاقتصاد والتنمية الأمير محمد بن سلمان؛ تكون مسؤولة عن تطبيق البرامج وقياس كفاءتها وتوافقها مع الخطط المرسومة سلفا؛ والتدخل لتعديل مسارها بعد التقييم؛ وبما يضمن تعزيز المكاسب وخفض المخاطر. الفصل بين واضعي برامج التحول ومرجعية القياس والمراقبة والتقييم؛ يمكن أن يسهم في تقديم الرأي المحايد لمتخذ القرار؛ ويضع بين يديه تصورا شاملا لواقعها بعد التنفيذ. رؤية تنموية واضحة؛ وبرامج وأهداف رُبطت بفترات زمنية محددة؛ ومبادرات طموحة لإعادة هيكلة الإقتصاد؛ والارتقاء بالوطن وفق برامج إستراتيجية تهدف لتحقيق نقلة نوعية شاملة تصب في مصلحة الوطن والمواطنين. أختم بالإشادة المستحقة بترتيبات إطلاق «رؤية المملكة 2030» والتجمع الإعلامي الكبير الذي كان جزءا من الحدث قبل أن يكون ناقلا له. التواصل الاحترافي وتقديم المعلومات الشفافة من مصادرها؛ ودعوة جميع المهتمين بغض النظر عن أرائهم المسبقة تجاه برنامج التحول يؤكد ثقة المسؤولين عن البرنامج ورغبتهم الصادقة في الوصول الى جميع اطياف المجتمع وجعل المعلومة النقية مصدرا لكسب ثقة المختصين وعموم المواطنين. نسأل الله أن يبارك في الجهود وأن يرزق القائمين عليها سبل الرشاد. مقالات أخرى للكاتب الرؤية المستقبلية للمملكة الأمطار.. مؤشر قياس مخرجات الوزارات القضايا التجارية وسمعة الاقتصاد المحلي منتدى الأحساء للاستثمار مرحلة ما بعد النفط
مشاركة :