المعجم التاريخي متى غده؟

  • 4/27/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

لا أذكر كم مرة تحدث القلم عن حاجة العرب والعربية إلى معجم تأصيل للجذور اللغوية. وبما أن استجابة علماء اللغة كانت منذ مطلع القرن العشرين ولا تزال، الإحجام والإهمال، فإن المجال ينفتح للشكوك والظنون. بعض الظن إثم، فبعضه الآخر غير آثم ولا أثيم. سنظل نشك ونظن إلى أن ينجلي الغموض ويتبدّد الإبهام، فما الذي يجعل فقهاء العربية وعلماءها يُعرضون عن تأصيل مفردات العربية والتحقيق في جذورها والتنقيب عن أصولها؟ ممّ يتخوّفون وحتّام نحرم الأجيال المعرفة الجليّة للسانهم؟ من أقدم المعاجم الفرنسية والإنجليزية إلى الموسوعات العنكبوتية، كالويكيبيديا، لا تفسّر الكلمة وتشرح، إلاّ بعد ذكر تأصيلها، فلا تفصيل بغير تأصيل. غير وارد في الذهن إلقاء اللوم على القدامى: الخليل، الجوهري، ابن منظور، الصّاغاني، الفيروز آبادي، مرتضى الزبيدي وغيرهم. أما المعاجم والقواميس المعاصرة والمجامع اللغوية، فلا مكان لها غير قفص الاتهام. معاذ الله أن نرميها بعدم الأهليّة والمُكنة رجماً بالغيب، أو بأنها، لا قدّر الله، لا إلمام لها باللغات ذات الصلة في الجذور، في تسعة وتسعين من المئة منها. المأساة تتلخص في أسئلة من بينها: كيف يستطيع عالم لغوي أن ينام وهو يرى أن لغته تستخدم مئة مرادف للدلالة على شيء واحد؟ ذوات المئات غير قليلة. حسناً، نحذف ما هو صفات وما إليها، تبقى بضع عشرات، فهل باللغة مسّ من الجنون حتى تنثر المرادفات ظناً منها أن ذلك ثراء؟ لقد كان شبه الجزيرة العربية وجواره من كل الجهات يعجّ ويضجّ باللغات واللهجات، وعندما ولدت صناعة المعاجم، عمل اللغويون الأوائل كحاطب ليل، ووضعوا على كل المفردات ملصقاً واحداً. وهنا كانت النتيجة الغريبة المريبة. نجد للفظ الواحد عشرين معنى وأحياناً خمسين مثل كلمة عين، فهل هذا المنقول معقول؟ لهذا نرى لسان العرب، وهو في صدارة معاجمنا، مفعماً بالكوميديا الأكاديمية. يذكر الكلمة وأمامها شرح لا يشرح، وتفسير هو التعسير لا التيسير: قيل هو كذا، وقيل كذا، وعند أبي عبيدة هو كذا، وقال الأصمعي: بل هو كذا، وخطّأه ثعلب وثقاته وقالوا: بل هو كذا، فما هو بالضبط يرحمكم الله؟ لزوم ما يلزم: النتيجة الفنية: نحل مشكلة الإخفاق في إنتاج الكوميديا بتحويل المعاجم القديمة إلى مسلسل كوميدي، إلى أن تقوم لمعجم اللغة التاريخي قائمة. abuzzabaed@gmail.com

مشاركة :