نيابة عن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، افتتح مساء أمس رئيس هيئة الأركان العامة، الفريق أول ركن عبدالرحمن بن صالح البنيان، المؤتمر العالمي لحلول القيادة والسيطرة (بناء القدرات المحلية)، الذي تنظمه جامعة الملك سعود بالتعاون مع وزارة الدفاع، وذلك بقاعة الشيخ حمد الجاسر، بحضور وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، ومدير جامعة الملك سعود، وقادة أفرع القوات المسلحة، وكبار الضباط بوزارة الدفاع. وقال رئيس هيئة الأركان العامة، الفريق أول ركن عبدالرحمن بن صالح البنيان، في كلمته التي ألقاها في الحفل: تسارع وتيرة الصراعات المسلحة الحديثة، وظهور التقنية المتقدمة في المجال العسكري ونظم التسليح المتطورة، أعطيا أهمية كبرى لدور القيادة والسيطرة في المعارك الحديثة؛ ما أدى إلى تغير كبير في المفاهيم القتالية والعقائد العسكرية، ومن ضمنها مراكز القيادة والسيطرة. وتطلَّب ذلك وجود أنظمة قيادة وسيطرة؛ لتتوافق مع متطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية. وأضاف: تعتمد القرارات العسكرية على مجموعة القيادة التي تصنع القرار، وأصبحت العمليات العسكرية خاطفة وسريعة وموقوتة، وتتطلب أنظمة قيادة وسيطرة واتصالات واستخبارات وبرامج حاسوبية ذات سرعة وموثوقية أمنية عالية قادرة على تخزين البيانات وتحليلها واسترجاعها، وقادرة على المساعدة في تقييم الأخطار، وتقدير الموقف والمفاضلة بين الخيارات المتاحة؛ لمواجهة المواقف، وإيجاد الحلول المناسبة. وهذا يتطلب "موارد بشرية، معدات واتصالات ومنشآت وإجراءات"؛ لتمكين القيادة من إنجاز وظائفها العملياتية والقيادية، مثل التخطيط والتوجيه والتنسيق والسيطرة على القوات والعمليات؛ لإنجاز المهام المطلوبة، بما يحقق رؤية ميدان المعرفة للقائد. وذكر الفريق أول ركن أنه لترسيخ مفهوم توطين التقنية وقّعت وزارة الدفاع مذكرة تفاهم مع جامعة الملك سعود؛ لدعم التعاون البحثي والأكاديمي والاستشاري في مجال القيادة والسيطرة والأمن "السيبراني"، الذي يُعتبر التحدي الأكبر لأنظمة القيادة والسيطرة. وأكد أن التطور التقني المتسارع أدى إلى حدوث ثورة كبيرة في أنظمة القيادة والسيطرة على المستويات الاستراتيجية والعملياتية والتكتيكية، التي تبلورت في مفهوم أنظمة C4I وما يليها من مفاهيم أكثر شمولاً؛ إذبرزت قيمة ودقة الاعتماد على الحواسيب في قيادة وإدارة العمليات العسكرية من خلال معالجة الحجم الضخم من المعلومات المتدفقة إلى مراكز القيادة، وفرزها، وتصنيفها، واستخدامها، في ظل المتغيرات السريعة في الموقف القتالي. وأضاف: هذا المؤتمر وما يحتويه من محاضرات متخصصة وورش عمل مهنية ومعرض مصاحب دليل على امتداد الجهود المبذولة، التي ستعمل على رفع كفاءة الأداء المهني ودرجة الاحترافية لمنسوبي قواتنا المسلحة، وتجسير العلاقة بين صناع المعرفة في الجامعات والمراكز البحثية ومراكز التميز من ناحية، وصناع القرار في القطاعات العسكرية والمدنية والقطاع الخاص والمؤسسات الحكومية من ناحية أخرى، من خلال الاستفادة التامة بتبادل الخبرات في هذا المؤتمر، التي سيكون لها دور فاعل ومثمر ومفيد - بإذن الله تعالى- . وفي بداية الحفل ألقى مدير مركز القيادة والسيطرة للأنظمة المتقدمة بجامعة الملك سعود الدكتور عبدالعزيز العبدالحافظ كلمة، ذكر فيها أن المؤتمر إحدى الثمرات الناتجة من مذكرة التفاهم التي وُقّعت مؤخرًا بين وزارة الدفاع والجامعة؛ إذ تضطلع الجامعة بدور ريادي في تطوير المنتجات المبتكرة، وتقديم البحوث، وتنظيم الفعاليات والمؤتمرات دعمًا لتوجهات وزارة الدفاع في تطوير أنظمتها في مجال أنظمة القيادة والسيطرة المتقدمة والأمن "السيبراني"؛ إذ تدعم هذه الأنظمةمتخذي القرار عبر توفير البيانات والمعلومات بالشكل والوقت المناسبين، ومعالجاتها بالتقنيات الذكية. ونظرًا للأهمية البالغة لتلك الأنظمة فقد تولى مركز القيادة والسيطرة للأنظمة المتقدمة ومركز التميز لأمنالمعلومات بجامعة الملك سعود زمام المبادرة لبناء القدرات الوطنية، وتوطين التقنيات لتلك الأنظمة. وألقى وزير الاتصالات وتقنية المعلومات الدكتور محمد بن إبراهيم السويل كلمةً، قال فيها: إننا في رؤية السعودية 2030 نهدف في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات للوصول لتغطية خدمات النطاق العريض؛ لتتجاوز ٩٠٪ من المنازل في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، و٦٦٪ في المناطق الأخرى. وذكر السويل: تعمل وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات حاليًا علىإصدار تراخيص خاصة بتقديم خدمات النطاق العريض عبر الأقمار الصناعية. وهذه الشبكة من الأقمار الصناعية تُعتبر جزءًا مهمًّا من مكونات أنظمة القيادة والتحكم والسيطرة. وأضاف: لقد أدى تطور التقنيات المختلفة في عالم الاتصالات وتقنية المعلومات إلى اكتشاف آفاق جديدة، وإتاحة المزيد من الفرص الجديدة والواعدة، من أهمها نماذج شراكات جديدة مع الشركات التجارية، والمنظمات غير الحكومية، والمجتمعات المحلية، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والأفراد في مجالات متعددة؛ وذلك بهدف إحداث تغيير جذري في طريقة تقديم خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات. وأردف: هذه الشراكات المتعددة الأطراف والثرية بتنوعها سوف تحتم على الجميع بذل الجهود لإنجاحها واستثمارها، وهذا ما سوف يعالجه في حلقة النقاش الثالثة في هذا المؤتمر. وعلى هذا فإنه من المهم جدًّا أن يكون هناك تعاون وثيق بين الحكومة والجهات البحثية والأكاديمية والصناعة في مجالات تعزيز البحوث السباقة، وخلق القدرات المحلية في أنظمة القيادة والسيطرة، ودعم عمليات نقل التقنية والمعرفة، وتخصيص تقنيات أنظمة القيادة والسيطرة؛ لتلبية الاحتياجات المحلية والإقليمية. وألقى مدير جامعة الملك سعود الدكتور بدران بن عبدالرحمن العمر كلمةً، ذكر فيها: منذ أن اتخذت جامعة الملك سعود قرارها بالتوجه نحو التركيز على الجوانب البحثية وهي ماضية في اختيار الموضوعات التي تهم الوطن والمواطن والمجتمع بأسره؛ لمناقشتها وتحليلها؛ للمساهمة في تقديم رسالة وطنية، تهدف إلى تقديم الحلول لمشكلات المجتمع، وبحث قضاياه؛ لبناء حياة أفضل، وتجنيب المجتمع والوطن عقبات التقدم. وبيّن العمر أن الجامعة لديها الطاقات العلمية الرائدة في كل مجالات العلوم وأكثرها تقدمًا؛ فقد شاركت – ولا تزال - في تقديم الأطروحات العلمية والبحثية في ندوات ومؤتمرات مختلفة، تبحث أهم القضايا في كل المجالات الطبية والعلمية والهندسية والبرمجية وغيرها، بل الدخول في أكثر القضايا دقة وتقدمًا كهذه القضية التي يناقشها هذا المؤتمر الاستراتيجي المهم، وهي حلول القيادة والسيطرة. وهذا جانب علمي متقدم من علوم التقنية الحاسوبية، فرضته النقلة الهائلة في مجال البرمجيات، تلك النقلة التي خدمت الحياة بإيجابية كبيرة من جانب، وهددتها من جانب آخر بالتعدي على أمنالمعلومات، واختراق سرية البيانات الخاصة بالمؤسسات بأنواعها، ولاسيما المؤسسات العسكرية، وغيرها من القطاعات الصناعية والبترولية وشركات الطاقة. وأضاف مدير الجامعة: تعاظمت أهمية تطوير أنظمةالقيادة والسيطرة في هذا الوقت تحديدًا أكثر من أي وقت مضى؛ بسبب تزايد التحديات الدولية والإقليمية التي تواجهها المنطقة عامة، والمملكة العربية السعوديةخاصة؛ لكونها تحمل الدور القيادي الأكبر في الحفاظ على أمنها واستقرار المنطقة برمتها؛ الأمر الذي يتطلب استمرار التطوير لأنظمة القيادة والسيطرة؛ لصلتها المباشرة بالأمن الوطني. ثم تقدمت الجامعة خطوة أهم على هذا الطريق بتأسيسها مركز القيادة والسيطرة للأنظمة المتقدمة، وهو يعد الأول من نوعه إقليميًّا، والثاني عالميًّا. وقد نجحت الجامعة عبر هذا المركز في تأسيس شراكات مهمة مع قطاعات دفاعية وأمنية عدة؛ لاستشراف الجيل الجديد من أنظمة القيادة والسيطرة. وفي ختام الكلمة شكر مدير الجامعة راعي هذه المناسبة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، الذي شرف الجامعة ومنسوبيها كافة بهذه الرعاية الكريمة، وقدم بذلك دعمًا كبيرًا لنا؛ فلسموه جزيل الشكر. والشكر موصول للفريقأول ركن عبدالرحمن بن صالح البنيان، رئيس هيئة الأركان العامة، الذي تفضل بافتتاح هذا المؤتمر نيابة عن سموه الكريم. وألقى رئيس اللجنة المنظمة الدكتور عبدالله بن شرف الغامدي كلمة، قال فيها: إن التحديات العسكرية والأمنية والمعلوماتية المتلاحقة التي تمر بها دول المنطقة هي في ازدياد كمي ونوعي؛ ما يحتم وجود قدرة وطنية مستدامة مبنية على شراكة بين القطاعات العملياتية التنفيذية والمراكز البحثية. فالتحالف الإسلامي العسكري ضد الإرهاب المكون من 40 دولة، وكذلك تمرين رعد الشمال الأضخم في تاريخ المنطقة، يمثلان تحديًا حقيقيًّا لأنظمة قيادة وسيطرة حديثة، تُبنى بوقت قصير، قابلة للتكيف تبعًا لحجم العمليات وطبيعتها. فإضافة للتحديات والمخاطر العسكرية المباشرة وغير المباشرة أظهر الاستطلاع الأخير الذي نشرته Crime Survey PwC Middle East Economic شيوع أربعة أنواع من الجرائم الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط، احتلت الجرائم الإلكترونية المرتبة الثانية منها. وأضاف: شن قراصنة من خارج السعودية هجمات منسقة على مواقع إلكترونية حكومية في المملكة العربية السعودية؛ ما أدى إلى تعطل بعض تلك المواقع المهمة مؤقتًا، وتسريب بعض الوثائق من مواقع أخرى. وقد تنامت التهديدات الأمنية الإلكترونية في الشرق الأوسط؛ لترتفع بنسبة 50 % في عام 2015 مقارنة مع العام الذي سبقه، فيما يتوقع أن تسجل الأعوام القادمة زيادات مماثلة ومطردة. وأوضح الدكتور الغامدي أن الدراسات تشير إلى أن معدل التعرض للهجمات الإلكترونية في دول الخليج ومعدل العدوى الإلكترونية يزيد بمرتين على المعدل العالمي. وكل تلك التحديات متعلقة بشكل مباشر بالأمنالوطني للدول، وكذلك البنية التحتية ومصادر وخطوطإنتاج الطاقة والموارد الحيوية؛ ما يحتم وجود دور ريادي للجامعات في إيجاد حلول معرفية مستدامةلأنظمة القيادة والسيطرة والأمن "السيبراني"، يتحقق من خلالها امتلاك التقنية ونقلها وتوطينها. وبيّن الدكتور الغامدي أن أنظمة القيادة والسيطرة، سواء للعمليات الميدانية أو الأمن "السيبراني" هي من الأنظمة المتعلقة مباشرة بالأمن الوطني، وهي في الوقت ذاته من الأنظمة المعقدة، أو ما يسمى بأنظمةالأنظمة؛ إذ تتكامل فيها أنظمة فرعية متعددة لتقدير الموقف وتحليله، واتخاذ القرار المناسب في الوقت والمكان المناسبين، ومن ثم التنفيذ، وبعد ذلك تحليل أثر كل تلك المراحل. وفي ختام الحفل كرم راعي الحفل الرواد الذين قادوا قصص نجاح في مجال أنظمة القيادة والسيطرة والفائزين بمسابقة الأمن الإلكتروني "سايبر أريبيا"، التي أُقيمت على هامش المؤتمر بمشاركة أكثر من 150 طالبًا وطالبة من مختلف جامعات السعودية. وقد قُدمت المسابقة من شركة نورثرب جرومان؛ فلهم جزيل الشكر والتقدير. كما كرم راعي الحفل الشركات والمؤسسات الراعية للمؤتمر. بعد ذلك افتتح الفريق أول ركن عبدالرحمن بن صالح البنيان المعرض المصاحب للمؤتمر، وتجول معاليه والحضور داخل أرجاء المعرض، واطلع على ما يحتويه من أجنحة وأقسام وتشريف مراسم توقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم. وفي تصريح صحفي أعرب رئيس هيئة الأركان العامةبالقوات المسلحة، الفريق أول عبدالرحمن بن صالحالبنيان، عن فخره بما شاهده من إمكانات وعقول تدير هذا المؤتمر. وبخصوص الاتفاقيات التي وُقّعت اليوم بالجامعة قال لـ"سبق": هذه الاتفاقيات ستشجع -إن شاء الله- الشراكة بين الجامعة والشركات المختلفة. وعن كيفية مواجهة تحدي الأمن "السيبراني" أكد البنيان أن الأمن السيبراني هو تحدٍّ للجميع. وأعرب مدير جامعة الملك سعود الدكتور بدران العمر عن سعادته برعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، هذا المؤتمر المهم في موضوعه وفي وقته، وخصوصًا مع توافقه مع إطلاق رؤية السعودية 2030، وقال: أعتقد أنها فرصة كبيرة جدًّا لتبادل التجارب والخبرات من خبراء متحدثين، أتوا من 27 دولة على مستوى العالم من ذوي الخبرة والتأهيل. وأضاف: أعتقد أن هذه الخبرات كفيلة بإضفاء الشيء الكثير على المؤتمر، وستكون الاستفادة للمشاركين والمواطنين. وعبّر الدكتور العمر عن شكره لوزارة الدفاع؛ لشراكتها الفاعلة والمهمة مع الجامعة، التي تمثلت في أكثر من فعالية هذه السنة، والمستقبل سيكون - إن شاء الله - زاهرًا وباهرًا.
مشاركة :