مقالة: عائلات تنزح من وسط قطاع غزة في ظلام الليل بعد أوامر إسرائيلية بالإخلاء الفوري

  • 7/30/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

غزة 29 يوليو 2024 (شينخوا) حزمت عائلة الفلسطيني يوسف أبو عيسى أمتعتها على وجه السرعة مضطرة لمغادرة منزلها في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة مع حلول الظلام بحثا عن مكان آمن يؤويهم. وعائلة أبو عيسى المكونة من سبعة أفراد واحدة من آلاف العائلات في مناطق وسط القطاع التي انتابتها حالة من الخوف والذعر تزامنا مع مطالبة الجيش الإسرائيلي بإخلاء منازلها فورا. وقال أبو عيسى (49 عاما) لوكالة أنباء ((شينخوا)) بينما يضع أمتعة عائلته على ظهر مركبته الخاصة التي تقف على باب منزله، إن وجهته غير معروفة في ظل الازدحام الشديد في جنوب القطاع. وتساءل أبو عيسى بنبرة غاضبة "وين بدنا نروح.. ما في مكان آمن في جنوب القطاع"، لافتا إلى أن القصف الإسرائيلي يستهدف مراكز الإيواء والمستشفيات. وأضاف بينما يحث أفراد عائلته على التحرك سريعا لإخلاء المنزل مع حلول الظلام، أن العائلات تخرج في ساعات المساء من منازلها إلى المجهول حيث غالبية المناطق مكتظة بالنازحين. وتابع أبو عيسى أن النزوح من المنازل مرهق للعائلات ماديا ونفسيا ومعنويا في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها سكان القطاع، مشيرا إلى أن الشخص يفكر ألف مرة قبل الإخلاء. وأوضح الرجل الذي ألقى نظرة أخيرة على بيته قبل أن يدخل في نوبة بكاء، أن الشخص "يعز عليه المكان الذي الذي أقامه حجرا على حجر ومكث فيه سنوات وقد يعود إلى المنطقة ولا يجد ذلك البيت مرة ثانية". وطالب الجيش الإسرائيلي عصر أمس السكان في مناطق وسط قطاع غزة بالإخلاء الفوري، في أعقاب إطلاق قذائف صاروخية تجاه إسرائيل. وقال المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي في بيان نشره عبر منصة ((إكس)) إنه "في أعقاب إطلاق قذائف صاروخية من قبل المنظمات الإرهابية من بين السكان في منطقة البريج والشهداء، سوف يعمل جيش الدفاع بقوة ضد العناصر الإرهابية التي تنشط هناك". وأضاف أن "الجيش يدعو السكان المتواجدين في منطقة البريج والشهداء في بلوكات 660, 661, 2220-2225, 2348 إلى الإخلاء فورا من أجل سلامتهم إلى المنطقة الإنسانية المستحدثة في المواصي". وهذه هي أحدث أوامر إخلاء يوجهها الجيش الإسرائيلي ضمن سلسلة أوامر، حيث طالب مؤخرا سكان شرق وجنوب خان يونس بالإخلاء لتنفيذ عملية عسكرية. وعادة ما تؤدي موجات النزوح إلى تفاقم الوضع الإنساني الكارثي حيث أصبح معظم سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بلا مأوى، وينصبون الخيام أو مأوى بدائيا مصنوعا من ألواح خشبية وأغطية شفافة من القماش أو البلاستيك أو يفترشون الطرق دون أن يكون لديهم طعام أو ماء أو مراحيض. وتزامنا مع ذلك ازدحم شارع صلاح الدين الرئيسي الذي يصل شمال القطاع بجنوبه والطرق الفرعية في وسط القطاع بالمركبات التي تقل عائلات نازحة رغم الظلام الدامس مع حلول ساعات المساء وانقطاع التيار الكهربائي. كما اكتظ الشارع والطرق الفرعية بعشرات العائلات التي اضطرت للنزوح من منازلها في تلك المناطق سيرا على الأقدام لا تحمل معها سوى بعض الأغراض الشخصية. ومن بين جموع النازحين بدت السيدة يسرى رشدي تصرخ من التعب والخشية من الموت بسبب العمليات العسكرية وحالة النزوح المتكرر من منزلها. وقالت يسرى بينما تحمل طفلا رضيعا بين يديها وشنطة مدرسة على كتفها لـ ((شينخوا)) إن هذه هي المرة الخامسة التي تنزح فيها من منزلها القريب من السياج الفاصل شرق مخيم البريج منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع. وأضافت السيدة التي تعيل أربعة أطفال أن منزلها معرض في أي لحظة إلى استهداف إسرائيلي كونه قريبا من السياج الفاصل ما "يدفعني إلى الخروج منه خوفا على أطفالي بحثا إلى مكان آمن"، وأعود إليه مجددا عندما يتوقف القصف. وتابعت "أتوجه إلى مراكز الإيواء التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) أمكث فيها عدة أيام ولكن بسبب الإزدحام الشديد أعود إلى المنزل". ودعت يسرى المجتمع الدولي إلى ضرورة وقف الحرب الإسرائيلية على القطاع الساحلي الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة ووقف "شلال الدم النازف وتدمير المباني والبنية التحتية". وانتقد مفوض عام وكالة أونروا فيليب لازاريني اليوم في بيان نشره على منصة ((إكس)) أوامر الإخلاء التي يصدر الجيش الإسرائيلي، لافتا إلى أن 14% فقط من مناطق القطاع ليس تحت أوامر الإخلاء. وقال "كل يوم تصدر هذه الأوامر لإجبار الناس على الفرار مما يؤدي إلى الفوضى والذعر وفي كثير من الأحيان يكون لدى الناس بضع ساعات فقط لحزم كل ما في وسعهم والبدء من جديد غالبا سيرا على الأقدام أو على عربة مزدحمة يجرها حمار لأولئك الذين يستطيعون تحمل تكاليفها". وأضاف "لقد تأثر الجميع تقريبا في غزة بهذه الأوامر واضطر العديد منهم إلى الفرار بمعدل مرة واحدة في الشهر منذ بدء الحرب قبل تسعة أشهر". وأشار إلى أن الناس يواصلون البحث عن الأمان الأثمن والأكثر انعداما، معتبرا أن أسلوب الإخلاء هذا لا يجلب إلا المزيد من البؤس والخوف والمعاناة للأشخاص الذين لا علاقة لهم بهذه الحرب. وختم مفوض عام أونروا بيانه قائلا إن "أهل غزة ليسوا كرات أو قطع شطرنج، بل هم أناس". وتشن إسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضي حربا واسعة النطاق ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أدت إلى مقتل أكثر من 39 ألف شخص ودمار واسع وأزمة إنسانية بعد أن شنت حماس هجوما مباغتا على عدد من القواعد العسكرية والبلدات الإسرائيلية المتاخمة للحدود مع القطاع أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي.

مشاركة :