بيان المنبر الديمقراطي الكويتي في ذكرى الغزو الغاشم

  • 8/2/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أصدر المنبر الديمقراطي الكويتي بياناً في ذكرى الغزو الغاشم، جاء فيه: تمر علينا اليوم الذكرى الرابعة والثلاثون للغزو العراقي الغاشم للكويت الواقع في فجر 2 أغسطس 1990 وهو الحدث الذي شكل نقطة تحول كبيرة في تاريخ الكويت والعالم الحديث. وفي هذا المقام، فإننا في المنبر الديمقراطي الكويتي نستذكر بفخر وألم واعتزاز وحسرة تضحيات شهداء وشهيدات الكويت الذين دفعوا أرواحهم ثمنا لاستمرار الكويت وبقاءها، ملتمسين لذويهم الصبر والسلوان على فقدهم العزيز الذي لا يعوضه أمرا، كما لا يفوتنا استذكار تضحيات الأسرى والجرحى، وأولئك الأبطال الذين رابطوا واحتجوا وقاوموا الاحتلال العراقي داخل الكويت وكافة من عمل من الخارج لحشد الرأي العام العالمي نحو تحرير الكويت، وتكللت كافة هذه الجهود بالنجاح في 26 فبراير 1991، بمساعدة الدول الشقيقة والصديقة والمجتمع الدولي. ومن الأمثلة العديدة لملاحم البطولة التي سطرها الكويتيون أبان الغزو العراقى الغاشم، نستذكر بشكل خاص: أولا، الأسير الشهيد النائب الوطني السابق فيصل الصانع الذي رفض الانصياع إلى السلطة العراقية وأبى إلا وأن يتمسك بالشرعية الكويتية الممثلة بسمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح وولي عهده الراحل الشيخ سعد العبدالله الصباح رحمهما الله طبقا للمادة الرابعة من الدستور الكويتي، وقدم حياته ثمنا وفداء لهذا الموقف البطولي؛ ثانيا، الشهيد مبارك النوت، ذلك الشخص السياسي الاقتصادي اللامع، الذي لطالما وقف خصما سياسيا للحكومة الكويتية قبل الغزو العراقي الغاشم وقاد المجتمعين بدواوين الأثنين الرافضين لتعطيل الدستور بالأهازيج والصيحات الوطنية الطالبة بإعادة الحياة الديمقراطية والبرلمانية والدستورية إلى الكويت، ومن ثم قدم حياته ثمنا للشرعية الكويتية لرفضه أمر القوات العراقية بإنزال صورة سمو الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله من أعلى حائط مكتبه في جمعية العارضية التعاونية. وثالثا، المسيرة النسائية التي خرجت دونما إذن أو تصريح أو إخطار في الأسبوع الأول من الغزو العراقي الغاشم ضد آلة العدوان العراقية آنذاك، كاسرة بذلك مسعى الغازى لفرض الخوف الهيمنة على نفوس الكويتيين، وأثبتت قوة وعزم المرأة الكويتية ومقاومتها الباسلة للطغيان وصولا إلى استخدام الجيش العراقي الغاشم للرصاص الحي لفض المسيرة. إننا نستقي من هذه الملاحم البطولية أن الكويتيون لن يحيدوا أبداً عن ثوابتهم ومبادئهم الدستورية، مهما كانت الظروف والمحن وبغض النظر عن الواقع المفروض عليهم، مؤمنين بالحرية والديمقراطية والمشاركة الشعبية فى القرار منهجا للحياة العامة ونبراساً يهتدون به لمعالجة كل التحديات والتهديدات الداخلية والخارجية، وأكبر دليل على ذلك الاجتماع والإجماع الشعبي الكبير للكويتيين في مؤتمر جدة الحاصل في 13—15 أكتوبر 1990، وبه أرسل الشعب الكويتي رسالته الحاسمة للعالم أجمع أنه متمسكا بدستوره المبني على ركيزتين أساسيتين: المادة الرابعة (الكويت إمارة وراثية في ذرية مبارك الصباح) والمادة السادسة (نظام الحكم في الكويت ديمقراطى، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور). ومن المفيد إعادة ذكر بعض ما قاله المغفور له عبدالعزيز الصقر في مؤتمر جدة: "حضرة صاحب السمو الأمير، سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، أيها الشعب: لقاؤنا هذا إذن ليس مهرجان شجب وتنديد، ولا مظاهرة دعم وتأييد، فهذه أمور تجاوزنا فيها القول إلى العمل، وسخرنا فيها لهيب العاطفة لشحذ الفكر والعقل، وتوافدنا إلى جدة لحوار جدي وجديد نضع منطلقات الرئيسية لبناء كويت الغد المحررة. ومن هذ المفهوم لمبررات هذا اللقاء وهدفه، اسمحوا لي أن أبين ما أعتقد أنه من أهم ثوابت التي ينبغى الالتزام بها في إعادة البيت الكويتي: أولا: المشاركة الشعبية القائمة على حرية الحوار، وأغلبية القرار، ورقابة التنفيذ، ولا أخالنى اليوم في حاجة إلى توضيح مبررات هذا المنطلق الأول، والأهم مقتضياته، وكل ما يجري على ساحتنا الوطنية والعربية يقدم البراهين والشواهد، فاجتياح النظام العراقي للكويت هو في التحليل النهائي أحد الإفرازات المأساوية للحكم العراقي المطلق، الذي لا يقيم للإنسان وزنا، ولا يعرف للحرية قيمة، والفشل العربي من منع العدوان بداية، وفي ردعه ورده تاليا، وفي الوصول إلى مخرج عربي من الأزمة بعد ذلك يعزى أولا وقبل كل شيء إلى إنكار دور الشعوب، والتنكر لمصالحها، وفي الجهة المقابلة أثبتت التجربة الكويتية أن أصحاب الرأي الآخر عندما يلتزمون بأصول العمل السياسي، ويعملون بدافع الخدمة العامة، والولاء الكامل للوطن، وشرعيته الوطنية، ومن منطلق القناعة الفكرية المحررة من كل تبعية، فإن هؤلاء لا يمكن أن يقفوا إلا في صف الوطن، ودرعا لشرعيتهم وحريتهم، والمشاركة الشعبية التى ندعو إليها في الكويت لا تحتاج إلى تنظير وتأطير، فهي واضحة المعالم والأسس والمؤسسات في دستور البلاد الذي تفضلتم سموكم بالاشارة إليه، ويمكن أن تؤدي دورها السياسى، والاجتماعي، والاقتصادي من دون تجاوز، وترسم حدود كل طرف من أطرافها دون ازدواجية بمجرد الالتزام الصادق، والتطبيق الواعي لدستور عام 1962 م بكامل مواده وبنوده، خاصة أن استرشاد هذا الدستور بتجارب الدول الأخرى قد عزز هويته الكويتية الصادقة، فجاء بمثابة عباءة سياسية كويتية النسيج والنموذج، تنسجم مع مقاسات المجتمع الكويتي، وتتفق مع مناخه السياسي والاجتماعي، وتلبي احتياجات نموه وتطوره، والوثيقة الدستورية التي أضحت منذ لحظة المصادقة عليها، وإصدارها بمثابة عهد وميثاق بين الشعب وقيادته السياسية، وقد اكتسبت بالتأكيد تكريسا تاريخياً جديداً بعد أن مهرها شهداء الكويت بدم التضحية والفداء حين تمسك الشعب بالشرعية، معربا عن وفائه النبيل بعهده، واحترامه الأصيل لميثاقه." إننا في المنبر الديمقراطي الكويتي في هذه الذكرى الأليمة نؤكد اعتزازنا بتضحيات وصمود الشعب الكويتي في الداخل والخارج المؤكدة لاستمرار مسيرتنا الشعبية بالتمسك بقيم الحرية والاستقلال الوطني المتمثلين في دستور 1962 الممهور بدم التضحية والفداء من قبل شهداء الكويت، وساعون للالتزام الصادق به والتطبيق الواعي له بكامل بنوده ومواده. رحم الله شهداء الكويت وحفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.

مشاركة :