إبراهيم عبدالمجيد: جائزة الشيخ زايد للكتاب تتوج رحلتي الإبداعية

  • 4/28/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يرى الروائي إبراهيم عبد المجيد أن حصوله على جائزة الشيخ زايد للكتاب، فرع الآداب، تتويج لرحلته الإبداعية، وتكريم لشخصه لأن الجائزة تحمل اسم رمز العطاء والخير مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة. ويؤكد صاحب لا أحد ينام في الإسكندرية أنه ظل وفياً للكتابة طوال عمره، واعتبرها حلقة من التواصل الحميم مع القراء، كما أنه قدم مشروعاً سردياً يتسم بالتنوع والاختلاف من رواية إلى أخرى، بالإضافة إلى كتبه النقدية والفكرية وآخرها كتاب ما وراء الكتابة الذي نال عنه الجائزة. * هل أنت سعيد بالجائزة؟ - بالتأكيد، وسعادتي لعدة أسباب أولها: أن هذه الجائزة تحمل اسم أحد الزعماء العرب الكبار المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء على الكثيرين، مشاريعه الخيرية في كل مكان، وذكراه الطيبة تعطر كل الأماكن، ومن هنا تبرز قيمة الجائزة الروحية، فالسعادة في هذا الجانب غامرة لأنه تشريف لأي كاتب أن يحصل على جائزة تحمل اسم هذا القائد العربي الكبير. الأمر الآخر: أنها تأتي من دولة الإمارات العربية المتحدة التي تربطنا بها علاقة ود ومحبة كبيرة للغاية، كذلك هي جائزة بها لجنة تحكيم عالية القيمة، مكونة من كبار المبدعين والمثقفين من الوطن العربي، بالإضافة إلى أنها تعد تتويجاً لرحلتي الإبداعية التي أثمرت لأكثر من أربعين عاماً من الصبر والكفاح، كانت الكتابة هي الأساس والمغامرة إلى أبعد حد، من هنا تأتي أهمية الجائزة التي تمنح لأبرز المبدعين والمفكرين العرب، والسعادة هنا تكمن في التكريم، فهي جائزة دولية محترمة، تحظى بتقدير الجميع. * هل تعتقد أن الجوائز تمثل أهمية بالنسبة للمبدع؟ - الجوائز تمثل حالة مهمة بالنسبة لأي مبدع، خاصة إذا كان صاحب تجربة ممتدة عبر الزمان لما يقرب من 45 عاماً في الإبداع، الكتابة صارت زاداً يومياً، وتأتي الجوائز تتويجاً للتجربة، وقد حصلت على العديد من الجوائز من مصر منها جائزة التفوق، وجائزة الدولة التقديرية. ورشحت لجائزة النيل، وقبل ذلك وبعده فجائزتي الحقيقية هي حب الناس، وهذا كان هو الرهان الأول لي، فأنا أكتب لأعبر عن هؤلاء، هم يسكنون كل أعمالي الروائية. خاصة أبناء الإسكندرية مدينتي التي ولدت ونشأت فيها، فأنا من مواليد حي كرموز وهو حي شعبي، لقد عشت هامش ومتن الإسكندرية. * وماذا عن الكتاب الذي حصل على الجائزة؟ - هو كتاب في السيرة الذاتية والروائية، وهو بمثابة شهادة موسعة عن الإبداع وتقنياته. * كيف تصف الكتابة؟ - هي حالة من المتعة الكاملة، فدائما ما أشعر بأن مهمتي في الحياة هي الكتابة، لذلك أحقق تواصلا مع القراء، تشهد عليه مبيعات أعمالي. * كيف ترى تجربتك مع الرواية؟ - وضعت أمام عيني، منذ فترة مبكرة، من تجربتي مسألة التجديد على عدة مستويات أولها في الشكل فيأتي من بعده اللغة، ومنذ السنوات الأولى للكتابة وأنا أستهدف هذا التوجه. * هل لذلك دور في وجود حالة من الاختلاف في تقنيات الكتابة من رواية إلى أخرى؟ - لاحظت منذ البداية أن الرواية تختار شكلها الذي تخرج فيه - عند الكتابة ـ وكذلك لغتها التي تميزها، لذلك تختلف الرواية الأولى عن الرواية الأخيرة وعلى سبيل المثال نجد رواية الصيف السابع والستين بها لغة سياسية واضحة وصادمة، لأن الحدث كان يستلزم ذلك، فقد كتبت عن هزيمة 5 يونيو 1967، وأعتقد أنها من أول الأعمال التي ناقشت الأوضاع السياسية والاجتماعية وأسباب الهزيمة بشكل فني، وقد لاقت هذه الرواية ترحيباً نقدياً ملحوظاً. وتختلف عنها في اللغة رواية مثل ليلة العشق والدم ورواية المسافات بما فيهما من لغة غرائبية وانحياز إلى الرؤية العجائبية، وتوظيف الأسطورة والخرافة الشعبية، وكثرة التفاصيل التي تظهر هذا الجو الشعبي المختلف، ويختلف عن ذلك - تماماً - المنحى الذي أخذته رواية الصياد واليمام والتي تصل إلى تخوم اللغة الشعرية، رغم تنوع أحداثها وتركيزها على عناصر شخصية لأبطال النص الذين يتحركون عبر الزمان والمكان، وأنا أعتبر هذا العمل بما فيه من دراما وتكثيف بمثابة مرثية لجيلي الذي عاصر هزيمة يونيو 1967. * تمثل رواية البلدة الأخرى حالة مختلفة في تجربتك السردية حيث الانتقال إلى كتابة الاغتراب - كيف ترى هذه التجربة؟ - في الروايات السابقة على هذه الرواية كانت اللغة متشابكة ومشتبكة مع الواقع - بشكل كبير، في حين ترى البلدة الأخرى اللغة فيها تأخذ شكل الحياد، حيث يغلب عليها وصف أماكن مختلفة لم يعهدها الكاتب فنجد وصف الصحراء وما يعتريها من خوف ووحشة، الكتابة في هذا مختلفة تماما، ربما عبرت عن حالة الاغتراب التي عشتها لسنوات. * تعتمد في بعض أعمالك على فكرة المتتاليات السردية فإلى أي مدى يخدم ذلك التوجه بنية النص الروائي؟ - كل عمل روائي هو حالة منفصلة ومختلفة في الشكل عن العمل السابق عليه، لا أحب التشابه، فعلى سبيل المثال نجد رواية بيت الياسمين تختلف عن الرواية التالية لها البلدة الأخرى، حيث تبدأ بفصول تمهيدية صادمة، ومفاجئة للقارئ لا يتوقع ما فيها هذه الحالة الكارثية والمأساوية تنتقل من فصل إلى آخر، لكنها تعطي مساحة عجائبية وغرائبية بشكل لافت، ثم يتم الانتقال في فصل تال إلى لغة متحركة ذات طبيعة ساخرة هذا المزج يولد حالة من الاختلاف على مستوى السرد وعبر الرؤية. هذا يختلف تماماً عما نراه في الروايات الوثائقية مثل لا أحد ينام في الإسكندرية حيث يلعب فيها البعد التاريخي مكانياً وزمانياً دوراً مهماً في تركيبة الشخصيات التي تتحرك عبر الأحداث، الرواية تعبر عن تحولات عصر بأكمله، وتقدم فترة الأربعينات في الإسكندرية عبر أفق مترام، بتنوع الشخصيات، فهي مدينة مركبة، اجتذبت الجنسيات المختلفة الإيطاليين واليونانيين وغيرهم من الذين تأثروا بالمدينة وأحبوها، وتربوا وعاشوا فيها وأضفوا من ثقافتهم على أهلها. وقد اعتمدت على وثائق تاريخية وجغرافية لأن هذه الرواية ترصد تحولات المدينة في فترة مهمة من تاريخ مصر. * هل أنت مع التقسيمات الجيلية؟ - أنا ضد هذا التقسيم، فأنا على سبيل المثال محسوب على جيل السبعينات، رغم أنني نشرت في الستينات قصصاً وكتبت رواية في الصيف السابع والستين في تلك الفترة، فالمسألة ليست زمانية، أنا ضد التقسيمات الجيلية هذه التي لا تضيف شيئاً للحركة الإبداعية، سوى الصراعات الصغيرة فتقسيم الجيل كل عشرة أعوام، وتقسيم اتجاهات الأدب وتحولاته، واختلاف نظريته وفقا لهذه الرؤية هو أمر قاصر لا يضيف إلى الإبداع شيئاً، حيث نرى في بعض الأجيال أدباء يمثلون عبئاً على الجيل الذي ينتمون إليه. وأرى أن تقسيم الجيل وفقا للحالة الثقافية وللجهد الأدبي ـ من الممكن أن يكون صحيحاً بعيداً عن المسألة العمرية وأرى أن الرواية تمردت على فكرة التصنيف الجيلي، حيث نجد المشهد ممتلئا بروائيين من أجيال مختلفة، فليس جيل الستينات فقط بل هناك جيل السبعينات والثمانينات والتسعينات وهكذا.. وكل هذا روافد مختلفة ومتنوعة للحالة الإبداعية.

مشاركة :