التحاسد المهني

  • 4/28/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لا يمتدح الطبيب غير مرضاه الذين تحقق لهم الشفاء ، وأساتذته من الأطباء الكبار الذين لا يغارون منه بل يرون فيه امتداداً لهم نحو المستقبل، لهذا علينا ألا نستغرب مما يسمى في ثقافتنا عداوة الصنف أو التحاسد المهني، وما ينطبق على طبيب أو كاتب أو مهندس ينطبق أيضاً على الحلاق الذي لو امتدح حلاقاً آخر لزبائنه لفقدهم على الفور، لهذا يقال أن إدارة الثقافة شيء آخر غير الثقافة ذاتها. ومن يمارس هذا العمل هو من حقق إنجازاً في مجال الإدارة أولاً، وليس من الصواب أن يكافأ طبيب جراح ماهر بتعيينه في منصب إداري رفيع لأنه عندئذ لن يكون الرجل المناسب في المكان المناسب. وفي عالمنا العربي ثمة موروث ثقيل من المفاهيم التي تخلط حابل المهنة بنابل الإدارة. فقد يفشل مثقف مبدع في أي عمل إداري يناط به، لأن موهبته في مجال آخر، وكذلك الطبيب والمهندس وحتى الفقيه القانوني! وقد يستشهد البعض بالدور الذي لعبه أندريه مالرو الروائي والباحث الفرنسي في بلاده حين عمل وزيراً للثقافة في عهد الجنرال ديغول، فالرجل استثناء يكرس القاعدة، لأنه عمل طياراً عسكرياً وآثارياً، أصدر مجلدات عن متاحف العالم بعنوان أصوات الصمت، إضافة إلى دوره في مقاومة الاحتلال النازي واقترابه من الجنرال ديغول! يبدو أننا في عالمنا العربي نحتاج إلى مزيد من الاعتراف بعلم وفن اسمه الإدارة، فهي ذات معايير ومرجعيات وفقه خاص بها، وهناك تجارب عديدة فشلت في مجال الإدارة لأن من تولوها هم من الناجحين والبارزين في مجالاتهم المهنية. وربما لهذا السبب قيل في الماضي على سبيل السخرية إن أبواب بيت النجار محطمة، أو الإسكافي الذي يُصلح أحذية الناس حافٍ ! فحبذا لو يسأل الناس مرضى الطبيب عنه وليس الأطباء الآخرين!

مشاركة :