المحاصصة السياسية تهدّد بتفكيك أواصر العراق

  • 4/28/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

وقعت العراق أسيرة الأزمات السياسية المتعمقة منذ اجتياحها عام 2003 على يد الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا. وعانى هذا البلد الذي يتسم بتنوع ديني عرقي لأكثر من عقد من الزمن في ظل نظام سياسي مختل الوظائف يشهد استغلال إيران ووكلائها وتغاضي الغرب. وبعيداً عن النهب المتواصل للعراق، حيث ذهبت مئات مليارات الدولارات إلى جيوب المتنفذين، والضباط الفاسدين والشركات الأجنبية، حرم النظام السياسي القائم السنة من حقوقهم الشرعية، وأشعل فتيل الصراعات الطائفية الدموية. وقد جرّت السنوات الثماني التي عاشتها البلاد، في ظل حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، العراق إلى حافة الانهيار. وأصبح اليوم بحكم الدولة الفاشلة المحكومة من قبل طغمة من السياسيين أصحاب المصالح الشخصية والأجندات المختلفة، كما أنه مديون بمبالغ طائلة، ومحكوم باقتصاد معطّل، ويقف بمواجهة تهديد وجودي متمثل بـداعش. نظام المحاصصة الثقيل وتعمقت الأزمة أكثر، أخيراً، عقب رفض البرلمان العراقي اقتراح رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تشكيلة حكومية من التكنوقراط، في محاولةٍ للابتعاد عن نظام المحاصصة السياسية. وأعقب الرفض تصويت عدد من النواب على عزل رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، إلا أن مدى شرعية الخطوة، التي كانت لتمهد الطريق أمام إزاحة العبادي نفسه، تحيطها الشكوك كذلك. ومن الواضح أن بغداد تشهد اليوم أزمةً غير مسبوقة تهدد بتفكيك أواصر العراق. ويشكل التخلص من نظام المحاصصة السياسية خطوة في الاتجاه الصحيح، نظراً لما تعرض له من استغلال بصورة أضعفت مؤسسات البلاد، وأباحت الفساد والتحايل، وهمّشت السنة. كما أنها مهدت الطريق لظهور الميليشيات الشيعية. أضف إلى ذلك بأن المحاصصة السياسية همشت دور الجيش العراقي، الذي ما انفك يحاول استعادة مناطق واسعة من يد داعش في محافظة الأنبار. دروس من العراق يعتبر تشتيت العراق اليوم على طول خطوط الصدع الإثنية والطائفية معقولاً اليوم أكثر من أي وقت مضى، وإذا استمر هذا السيناريو الفوضوي فإن المنطقة بأسرها سترجع صداه. ويشكل الحفاظ على وحدة العراق وسلامة أراضيه مسؤولية العالم العربي مباشرة في وقت تشهد فيه دول المنطقة التفكك المحتمل، إلا أن القول أسهل من الفعل في هذا الإطار. تغرق الدول العربية في صراعات داخلية، وقد كانت مساهماتها في حل الأزمة الليبية والسورية محدودة. ومن شأن تحالف أوسع، على غرار ذاك الذي تقترحه المملكة العربية السعودية، أن يشكل ضغطاً على عواصم النفوذ في العراق، كطهران وواشنطن، سيما أن الأولى تملك عدداً من الأسباب لإبقاء العراق ضعيفاً ومفككاً، كون ذلك يشكل جزءاً من تنفيذ أجندة إقليمية. ولم يخف المسؤولون الإيرانيون نيتهم توسيع دائرة نفوذهم من طهران إلى بغداد، ومن دمشق إلى بيروت. ولهذا السبب فإن مخططاتها حيال العراق يجب أن تتوقف قبل فوات الأوان. ولا بد من استحضار دروس العراق في ظل سعي أميركا وروسيا تطبيق حل سياسي في سوريا التي هشمتها الحرب. ويتعين من هذا المنطلق بأن يكون السوريون دون سواهم ضالعين في كتابة الدستور الجديد لبلادهم بعيداً عن المحاصصة السياسية التي تسببت بسقوط العراق. ينحصر إنقاذ العراق اليوم في يد حفنة صغيرة من السياسيين لا تتأبط أجندات خارجية ولا تدين بالولاء لقوى خارجية. ويعتبر في المرحلة الراهنة السعي نحو إنشاء عراق اتحادي ديمقراطي مستقل عن إيران وأتباعها، مطلباً شائكاً، إلا أنه السبيل الوحيد نحو المضي قدماً. مؤشرات يشكك العديد من العراقيين بقدرة الجيش على شن غارات لتحرير الموصل.ويتهم عدد من المراقبين والمحللين إيران وأتباعها بالوقوف وراء المواجهات الطائفية، ولا يعفون أميركا من مسؤولية تدمير العراق. أما نشوء تنظيم داعش، فقد كان نتيجة مباشرة لسياسات أميركا المتعامية عن التدخل الإيراني في شؤون العراق. وإذا لم تتمكن الطبقة السياسية في العراق من إيجاد صيغة سياسية جديدة تستعيد من خلالها ثقة الشعب وتخفف حدة التوترات الطائفية، فإن العراق سينهار. وسيكون الأكراد أول الأطراف النائية بنفسها عن الحكومة المركزية في بغداد.

مشاركة :