بعد غياب دام سنوات عاد الممثل المغربي هشام إبراهيمي إلى الدراما عبر مسلسل "قبر الحياة"، ويقول في تصريحات لـ"العرب" إن هذا الغياب منحه نضجا فنيا ودقة في اختيار المواضيع ونظرة أعمق وأشمل للدراما المغربية التي يرى أنها في حاجة إلى الاهتمام بمواضيع محلية تركز على الهوية الشعبية. الرباط - يعالج مسلسل “قبر الحياة” موضوعًا اجتماعيّا حساسًا يتمثل في النصب والاحتيال العقاري، حيث يعاني العديد من الزبائن من شراء شقق غير مكتملة، إذ تدور القصة حول شخصية عماد، الذي يشتري شقة بهدف مفاجأة زوجته، لكنه يُفاجَأ بأنه وقع ضحية عملية احتيال، ويؤدي هذا الحدث إلى تدمير حياته الزوجية عندما تطالبه زوجته بالطلاق بعد اكتشافها الأمر معتبرةً إياه خيانة، ثم تورط عماد مع باقي الضحايا في محاولات لاستعادة حقوقهم، لكنه يجد نفسه متهما في جريمة قتل صاحب المشروع، ما يؤدي إلى فقدانه الذاكرة جزئيا. يؤدي الممثل المغربي هشام إبراهيمي دور المقاول العقاري المتحيل، حيث تقمص تفاصيل الشخصية بمهارة، ما جعل الجمهور يشعر بالترابط مع قصته خاصةً أولئك الذين تعرضوا لمثل هذه العمليات. يقول الممثل المغربي في حديثه مع "العرب"، "قمت بتجسيد شخصية المستثمر العقاري الذي يتورط في قضية نصب على زبائنه. كان لهذه الشخصية تأثير كبير على فهمي لأبعاد الأزمات العقارية والاجتماعية في المجتمع المغربي، وقد حاولت أن أنقل تلك العوالم النفسية التي تعكس مشاعر المشاهدين والمواطنين خاصة المعاناة والجراح التي يعيشها الناس جراء تعرضهم للنصب، أولئك الذين وقعوا ضحية لتصرفات أصحاب المقاولات، في بحثهم عن بيت دافئ يؤويهم ويحقق لهم حلم العمر الذي طالما حلموا به منذ زمن". شخصية المستثمر العقاري تختلف عن أدوار الممثل السابقة، ووضعته في العديد من التحديات، ويقول عنها “تضاف هذه الشخصية إلى مساري المهني لأنها جديدة بالمقارنة مع أدواري السابقة. كل شخصية جديدة فيها تحدّيات، ومن بينها كيفية إقناع الجمهور بأنني فعلاً نصاب ومراوغ يحاول أن يتحايل على رفاقه من جهة، ويحاول أن يتقرب إليهم من جهة أخرى، فهي إذًا شخصية مركبة ومعقدة، وإذا استطاع الجمهور أن يصدق أنني شخصية نصابة في المسلسل فهذا يعتبر نجاحًا بالنسبة إلي". وفي حديث حول دور الدراما في معالجة قضايا المجتمع المغربي، يقول الممثل المغربي إن “الدراما تلعب دورًا كبيرًا في تسليط الضوء على مكامن الخلل في المجتمع، ونحن نحتاج في التلفزيون المغربي إلى معالجة ما يعاني منه الشعب المغربي، سواء من حيث التوعية أو من حيث إبراز نقاط الضعف والقوة؛ فمسلسل ‘قبر الحياة’، على سبيل المثال، يعالج قضية النصب والاحتيال عند المستثمرين العقاريين ومشاريع الزواج التي باءت بالفشل وأدت إلى تفكك الأسرة، وهو إشكال يعاني منه الكثير في المجتمع المغربي، ودور الدراما هنا جعل المتلقي يواجه مثل هذه الإخفاقات بدراية مسبقة حتى لا يقع في الإشكال نفسه". متفائل لأن الدراما المغربية تطورت إنتاجيّا وفنيا وتقنيا وهذا ليس خيارا بل واجب إذ عليها أن تستمر على هذا المنوال ◙ متفائل لأن الدراما المغربية تطورت إنتاجيّا وفنيا وتقنيا وهذا ليس خيارا بل واجب إذ عليها أن تستمر على هذا المنوال وينوه هشام إبراهيمي بتطور جودة الإنتاج الدرامي، حيث يقول "أنا متفائل لأن الدراما المغربية تطورت إنتاجيّا وفنيا وتقنيا، وهذا ليس خيارًا بل واجب إذ عليها أن تستمر على هذا المنوال، لأن هناك منافسة من طرف منصات البث التدفقي، حيث يجب أن نأخذ بعين الاعتبار هذه المنافسة وأن نحاول الاشتغال على ما يفيد مجتمعنا المغربي من خلال هويته الفنية والثقافية، لأن هذا هو ما يميزنا عن الباقين". كما ينوه بالعمل مع المخرج يونس الركاب معتبرا أن "الاشتغال مع المخرج يونس الركاب كان بنّاءً لأنه يثق بي كممثل، وسبق لي أن اشتغلت معه من قبل، فهو مستمع جيد ومحاور ممتاز، ويمنحني كممثل مساحة حرية كافية للإبداع. عموما عندما يوفر المخرج للممثل ظروف عمل مناسبة، يكون العمل معه جميلًا ومثمرًا، ومناخ التصوير مع يونس الركاب كان مهنيّا وإنسانيا، وجمعتنا مسؤولية مشتركة بين جميع أعضاء الطاقم التقني والفني". وعن كيفية اختياره أدواره المتنوعة بين الكوميديا والدراما، يوضح الممثل “من الصعب في الوسط الفني المغربي أن يختار الممثل أدواره بنفسه، لأنه ليس لدينا نظام صناعة النجم الذي تُكتب فيه الأدوار على مقاس كل ممثل، ومع ذلك أحاول انتقاء الأدوار في حدود إمكانياتي، كما أن الاقتراحات تكون قليلة جدًا حيث لا يتاح لنا رفض أدوار كثيرة أو اختيار أخرى بديلة، لأن البديل شبه منعدم". ويقول "أظن أنني اشتغلت في هذا المسلسل بعد غياب دام عشر سنوات، لم أقم بأي عمل تلفزيوني، وهذا الغياب ساهم في النضج المهني بينما كنت في الساحة الفنية لمدة 30 سنة، وما دفعني إلى العمل في هذا المسلسل هو غيابي لمدة عشر سنوات، والذي جعلني أرى الأمور بشكل مختلف وكذلك كيفية التعامل مع المحيط الفني، بينما أخرجت ثلاثة أفلام قصيرة وفيلمًا وثائقيا يوثق تجربتي الفنية ككل بعنوان ‘أول كلام’، وهذه الأدوات تساعدني كممثل في الدراما على لعب أدوار وتقمص شخصيات بأسلوب حديث". ويؤثر هذا التنوع في تجربة الممثل والمخرج المغربي هشام إبراهيمي على أدائه كممثل في الأعمال التلفزيونية والسينمائية، وهو يوضح ذلك لـ"العرب" بقوله "دائما أحاول أن أنوع بين التمثيل في المسرح والتلفزيون والسينما، خاصة كوني أستاذا للمسرح لمدة 29 سنة ما جعلني دائمًا في الواجهة كي أجدد اشتغالي كممثل؛ فتجربتي مع طلبتي على الخشبة، باختلافاتهم المتنوعة مثلا، تضيف إلي رؤية كممثل وكمخرج، لأن الرؤية تُبنى من خلال تعدد التجارب المتنوعة، كما أن الأفلام العالمية التي اشتغلت فيها جعلتني أنفتح على الثقافات الأخرى ومنحتني طرقا وأدوات اشتغال مختلفة. كل هذا يساهم في تكويني المهني، كما نحاول دائمًا أن نترك انطباعا جيدا لدى الجمهور من خلال أدوار ممتعة من جهة وهادفة من جهة أخرى، لأن هذا هو دور الممثل بصفة عامة". ويعتبر إبراهيمي ممثلا مسرحيا وتلفزيونيا وسينمائيا مغربيا، وخريج المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، حيث شارك في العديد من الأعمال المغربية والأجنبية، ويُعد من مؤسسي العصبة المغربية للارتجال. وعمل إلى جانب ممثلين كبار مثل جمال الدبوز ومونيكا بيلوتشي. ومن أبرز أعماله فيلم "ضفائر" (2000)، و"أصدقاء من كندا" (2004)، و"مول الإحصاء" (2017)، و"كبرو ومبغاوش يخويو الدار" (2019).
مشاركة :