أكد السفير الباكستاني المنتهية مهمته في البلاد مالك فاروق أنه أمضى فترة أكثر من عامين «لا تنسى في الكويت»، مشيراً إلى أنه سيغادر البلاد «بحزن كبير، لأنني كنت أرغب في البقاء هنا مدة أطول». وفي حوار وداعي خص به «الجريدة» قبل أيام قليلة من مغادرته البلاد نهائياً، قال فاروق: «الكويت أفضل بلد لأي دبلوماسي، وهناك العديد من الأشياء التي سأفتقدها، وتحديداً شهر رمضان»، مؤكداً أن «الشعب الكويتي قريب جداً منا في عاداته وطبائعه، فهو شعب محبوب ودافئ وودود»، وفيما يلي نص الحوار: • قضيت في الكويت أكثر من سنتين، أخبرنا عن هذه الرحلة. - هذه هي المرة الثامنة التي أعمل فيها كمسؤول في السلك الدبلوماسي، والمرة الثانية كسفير لبلادي، لقد كان الأمر رائعاً، واستمتعت كثيراً بوجودي هنا على الصعيدين الشخصي والرسمي، كان تركيزي منصباً على زيادة حجم التجارة والاستثمار بين بلدينا، وتسليط الضوء على الإمكانات السياحية لباكستان. على الصعيد الحكومي، كنت محظوظاً وممتناً لجميع الدوائر الرسمية، وخصوصاً وزارة الخارجية الكويتية، فقد كانوا داعمين لنا إلى أبعد الحدود، وكانوا لطفاء جداً معنا، لذلك أنا حزين لأنني كنت أرغب في البقاء هنا أكثر، لكن كوني موظفاً حكومياً يجب أن أتبع تعليمات حكومتي، ولكنني سأغادر الكويت حاملاً معي الكثير من الذكريات الجميلة. أنا ممتن لجميع الكويتيين، سواء في الحكومة أو في القطاع الخاص أو حتى أصدقائي الشخصيين الذين تعرفت عليهم في الديوانيات، كما أخص بالذكر أصدقائي في وسائل الإعلام، فقد كانوا أحد أهم نقاط قوتي، ومن الصعب جداً أن أقول إن هذا الجزء كان جيداً أو هذا الجزء هو الأقرب إلي، ولكن بشكل عام، كانت رحلة لا تنسى لمدة عامين وشهرين أو أكثر قليلاً، لكن لكل شيء نهاية، وكنت دائماً أقول لأصدقائي هنا، وخاصة الجالية الباكستانية - الرائعة والنشطة جداً، والتي قدمت لي وللسفارة دعماً كبيراً - إن الأمور الجيدة دائماً ما تكون لفترة أقصر. أصدقائي في وسائل الإعلام كانوا أحد أهم نقاط قوتي... وأنصح خلفي بالتواصل الدائم معهم أغادر بقلب راضٍ جداً ونفس راضية جداً، رغم أنني لم أتمكن من تحقيق المستوى الذي كنت أطمح إليه بالنسبة لموضوع التبادل التجاري بين بلدينا، والترويج للإمكانات السياحية في باكستان التي تبعد عن الكويت 3 ساعات ونصف الساعة فقط بالطائرة، ولدينا 3 شركات طيران تقوم برحلات مباشرة. مجتمع دبلوماسي نشط • بعض السفراء قال إن الكويت أفضل بلد لأي دبلوماسي، هل تتفق مع هذا القول؟ - أوافقك الرأي بنسبة 200 في المئة، فكما قلت سابقاً، الناس في الكويت ودودون جداً ودافئون وعمليون، وأعتقد أنه حتى المجتمع الدبلوماسي هنا نشط جداً، فكل يوم نلتقي كل الزملاء والأصدقاء، لذا وعلى الرغم من أنها بلد صغير لكن فيها كل شيء. فإذا كنت ترغب في العيش حياة هادئة فالكويت بلد آمن جداً ومسالم، لا نرى مشاكل هنا، وكل ما تحتاجه للعيش الكريم متوفر هنا، الحياة سهلة جداً، لم أسمع أي ملاحظة سلبية من أي من زملائي، فالكويت بلد جميل، وبلد يستحق العيش والعمل فيه، لذا أوافق تماماً على أن الكويت أفضل بلد لأي دبلوماسي ومكان جميل للعيش والعمل، كما أن مذاق الطعام بين بلدينا متشابه إلى حد ما. • ما أكثر الأشياء التي ستفتقدها في الكويت؟ - هناك العديد من الأشياء التي سأفتقدها، ولكن شهر رمضان المبارك هو الذي سأفتقده أكثر، لأنني استمتعت حقاً بهذا الشهر الكريم، والذي هو دائماً مناسبة خاصة جداً هنا، لأن الأجواء التي شعرت بها هنا رائعة حقاً ومدهشة، والطريقة التي يتبعها الناس في الكويت ممتازة، فقد قسموا هذه الأيام الثلاثين إلى 3 أجزاء يومياً، أولها الديوانية ثم الغبقة وفي المنتصف يأتي القرقيعان وآخرها السحور، لذا فإن هذا كله يجعل من رمضان مناسبة رائعة جدا وهذا ما سأفتقده حقاً. وهناك شيء آخر سأفتقده وهو الديوانية، وأتمنى حقاً أن يستمر الناس بالكويت في هذا التقليد الرائع، وكانت الديوانية موجودة عندنا عندما كنت طفلاً في قريتنا، ولكن مع مرور الزمن اختفت. الديوانية بالكويت لا يوجد لها مثيل في دول مجلس التعاون الخليجي أو غيرها من الدول، فالديوانية هنا لها رونقها وجمالها، فأينما تذهب تقابل الناس وتستطيع أن تتكلم في أي شيء تريده وتقابل الأصدقاء، وكسفراء لدينا ميزة كبيرة، فمثلاً إذا أردنا أن نُقابل أحد كبار الشخصيات أو حتى أحد رجال الأعمال علينا أن ننتظر تحديد موعد للقاء، ولكن إذا كنت في الديوانية فيمكنك لقاء هذا الشخص من دون أي قيود أو مواعيد رسمية، وهذا في الواقع بالنسبة لنا فرصة عظيمة وأنا أحب ذلك حقاً. وقابلت الكثير من الكويتيين الطيبين هنا، ولديّ الكثير من الأصدقاء، ورغم أنني لم أمضِ الوقت الكثير هنا لكن أستطيع أن أقول إنني محظوظ حقاً لأنني صادفت أشخاصاً طيبين كانوا داعمين ومخلصين، لذلك أعتقد أنني كنت من أكثر السفراء حظاً. شعب محبوب ودافئ • كيف تصف الشعب الكويتي؟ - الشعب الكويتي قريب جداً منا في عاداته وطبائعه، إنه شعب محبوب ودافئ وودود ويرغب في التحدث، مثل الشعب الباكستاني، وهذا في الواقع يجعل عملنا أسهل بكثير، وأنا متأكد من أنه في الأيام القادمة ستزداد العلاقات بين البلدين قوة، وخاصة في مجالي التجارة والاستثمار، وسنرى المزيد من الكويتيين يذهبون إلى باكستان للاستثمار وكذلك للسياحة. الكويتيون حكماء جداً، فهم رجال أعمال جيدون، وعلى المستوى الحكومي يبذلون جهداً كبيراً، إنهم محترفون ومتخصصون. ولقد تعاملت مع وزارة الخارجية، خاصة إدارة آسيا، ثم إدارة المراسم، وإدارة المستشارين وإدارة العلاقات الدولية، وإدارة التعاون الاقتصادي، وأنا ممتن لوزارة التجارة، التي قدمت لنا في الواقع دعماً كبيراً، وتمكنا من 28 حتى 30 مايو من هذا العام من عقد الدورة الخامسة لاجتماع اللجنة المشتركة التي كانت معلقة منذ عام 2018، لذلك يمكنني أن أنسب الفضل في ذلك إلى الجهد الذي بذلته وزارة التجارة. • ما هي مهمتك المقبلة وأين؟ - سأعود إلى باكستان، وسأنتظر التعليمات النهائية من قبل حكومتي لكي أعرف مهمتي الجديدة. • من سيكون السفير الجديد وما نصيحتك له؟ - إنه الدكتور ظافر إقبال (48 عاماً)، أحد الموظفين الشباب الجيدين جداً في السلك الخارجي لباكستان، وسيحاول أن يقدم مبادرات جديدة، وأنا متأكد بنسبة 100% من أنه سيقوم بعمل أفضل مني بكثير، كان سفيراً لدى رومانيا، وسيصل في الأسبوع الثالث من أغسطس الجاري. ونصيحتي له أن يحاول بناء علاقات، فالناس هنا لطفاء جداً، حاول التواصل مع وسائل الإعلام والبقاء على اتصال معهم، حاول البحث عن مجالات جديدة، لأن الكويت بلد مفتوح، وهناك الكثير من المجالات التي يمكن أن يتعاون فيها البلدان. هناك دائماً مجالات جديدة يمكن استكشافها، لذلك هناك الكثير من المجالات المتاحة هنا. التجارة ليست بتلك الكثرة، لأن أرقام الحجم ليست بأفضل ما يكون، لذا فهي كمنطقة مفتوحة، وحاول أن تتواصل مع مجتمع رجال الأعمال والقطاع الخاص تحديداً، فهم المحرك الحقيقي للتجارة. أنا حاولت أن أفعل شيئاً، ولكنني لست راضياً على ما حققته، لأنني لم أصل إلى الهدف الذي أردت الوصول إليه في الواقع، ولكن الآن هو قادم بعقل جديد حتى يتمكن من القيام بعمله وأنا متأكد من أنه سيقوم به، وأنصحه أيضاً بأن يكون لديه تفاعل أكثر مع المجتمع الباكستاني، من أجل المصلحة الوطنية للبلاد.
مشاركة :