الكويت - لا تمنع حالة الاستقرار والرفاه التي يعيشها المجتمع الكويتي، مستفيدا من جهود الدولة والتوجّهات الاجتماعية لسياساتها، مداهمةَ العديد من الظواهر السلبية لذلك المجتمع وبروزها بشكل متزايد استدعى في الكثير من الأحيان جهودا استثنائية رسمية لمواجهتها. وشهد البلد خلال السنوات الأخيرة تزايدا ملحوظا في ترويج واستهلاك المخدرات، وحتى إنتاجها محليا، في وقت أطلق فيه الارتفاع في نسب الطلاق صفارة الإنذار بشأن تسرّب ظاهرة التفكّك الأسري إلى المجتمع الكويتي المعروف تقليديا بطبيعته المحافظة. كما شهد تطورات في مجال الجريمة عددا ونوعا مع تسجيل أنواع غير معهودة من الجرائم التي أصبح العديد منها يجري في نطاق الأسرة الواحدة، جنبا إلى جنب مع تسجيل عدد من الجرائم الإرهابية في انعكاس لظاهرة سلبية أخرى تتمثل في جنوح بعض الشباب نحو التطرّف الديني. ويتورّط في الجرائم التي يتمّ الكشف عنها ومحاكمة مقترفيها مواطنون كويتيون جنبا إلى جنب مع الوافدين الذين تضخّم عددهم بشكل كبير وصعب التحكّم في تدفقهم للعمل في البلد، ليس دائما بسبب الحاجة الفعلية للاقتصاد الكويتي إلى جهودهم، ولكن في غالب الأحيان بسبب طبيعة المجتمع الذي ألف مستوى مرتفعا من الرفاه واعتاد التواكل على الدولة والعزوف نتيجة لذلك عن ممارسة الكثير من الأعمال المتعبة وقليلة الدخل وخصوصا في القطاع الخاص. وتم خلال السنوات الأخيرة في الكويت تسجيل جرائم على درجة استثنائية من الفظاعة راح ضحية بعضها أشخاص قضوا على أيدي أقرب الناس إليهم. الكويت التي لا يتجاوز عدد سكانها 4.5 مليون نسمة سجلت ما معدّله جريمتا قتل كلّ شهر ونشرت وسائل إعلام محلية في وقت سابق إحصائية تظهر تسجيل الكويت التي لا يتجاوز عدد سكانها 4.5 مليون نسمة ما معدّله جريمتا قتل كلّ شهر. وقبل نحو سنتين قَتل وافد يحمل الجنسية الهندية أسرة كويتية تتكون من أم وأب وابنتهما ذبحا في منزلها بمنطقة العارضية في جنوب غرب العاصمة الكويت. ومطلع يوليو الماضي تم العثور في منطقة الرميثية وسط مدينة الكويت على جثّة شابة عشرينية كويتية مقطعة ومخبّأة داخل حقيبة وتبيّن أنّ القتيلة موظفة في الجمارك وأنها قتلت على يد شاب كويتي في مثل سنّها. وفي الشهر نفسه عثرت السلطات السعودية على جثة امرأة في منطقة صحراوية شمالي محافظة الجبيل بالمنطقة الشرقية وتبيّن أنّها زوجة مواطن كويتي كان قد سافر بصحبتها إلى المملكة حيث قتلها وعاد إلى بلاده مدّعيا أنّه لم يقم بقتلها وأنّه تركها بمفردها في الصحراء. وضمن صنف الجرائم الفظيعة في نطاق الأسرة الكويتية كان الرأي العام المحلي قد اهتزّ سنة 2022 على وقع إقدام مواطن على قتل زوجته الحامل واستخراج الجنين من بطنها وتقطيع جثّتها إلى قطع صغيرة قام بإلقائها في مناطق متفرقة من البلاد الأمر الذي استحال معه العثور على جثة الزوجة القتيلة. جرائم غير معهودة وارتفاع في ترويج وإنتاج واستهلاك المخدرات وتزايد حالات الطلاق وجنوح الشباب نحو التطرف ويعتبر المختصون الاجتماعيون تزايد هذا النوع من الجرائم وجها من وجوه ظاهرة التفكّك الأسري في الكويت والذي يعكسه أيضا ارتفاع نسب الطلاق، حيث كشفت إحصائية حديثة صادرة عن وزارة العدل الكويتية أن ثماني مئة كويتي وكويتية ينفصلون قبل انقضاء السنة الأولى على زواجهم. وفي مجال الجرائم المتعلّقة بالمخدّرات بات الارتفاع في معدّلات التهريب والترويج والاستهلاك أمرا مثبتا بالأرقام والإحصائيات الرسمية، لكن الجديد في هذا المجال هو تجاوز الكويت مجرّد كونها بلد عبور وترويج للمواد المخدّرة لتصبح موطنا لإنتاج أنواع منها. وتمّ قبل نحو سنة الكشف عن ضبط أكبر مصنع للمخدرات في تاريخ البلد حيث عثر بداخله على نحو خمسة عشر مليون حبة مخدرة وأكثر من نصف طن من المسحوق الخام ومكائن للتصنيع. وقالت وسائل إعلام محلية إنّ قيمة المخدرات المضبوطة في المصنع، الذي اكتشف في منطقة الوفرة جنوبي البلاد وكان يشرف عليه مواطنان كويتيان إلى جانب عدد من الوافدين، تتجاوز ثمانية وتسعين مليون دولار. وعلى مدى السنوات الأخيرة تكرّر الكشف في الكويت عن قيام وافدين ومواطنين بزراعة نباتات مخدّرة في مزارع متفاوتة المساحات وكميات الإنتاج فيها، وكان أحدث كشف في هذا الباب ما أعلنت عنه وزارة الداخلية الكويتية قبل أسابيع قليلة من تفاصيل اكتشاف مزرعة لإنتاج نبتة الماريجوانا المخدرة ومخزن يحوي مواد منتجة في المزرعة. وفي مجال التهريب والترويج بدأت العمليات تتخذ منحى أكثر تنظيما عن طريق عصابات مختصّة ومسلّحة وذات أذرع ممتدة خارج البلاد وتنجح أحيانا في استمالة موظفين بأجهزة الدولة. وحديثا أعلنت السلطات الكويتية إلقاء القبض على شبكة مختصة بتهريب المخدرات مكونة من خمسة أشخاص من بينهم موظف في الجمارك، مشيرة إلى حدوث تبادل لإطلاق النار أثناء عملية توقيف أفراد العصابة. وإلى جانب التعرّض لآفة المخدّرات يواجه الشباب الكويتيون آفة من نوع آخر تتمثّل في التطرّف الديني والوقوع في شراك التنظيمات الإرهابية التي نجحت بالفعل في الإيقاع بعدد منهم، بحسب ما أظهرته وقائع تفكيك أكثر من خلية تابعة لتنظيم داعش خلال السنوات القليلة الماضية.
مشاركة :