أكد المحاميان بسام العسعوسي وفهد البسام أن التعميم الإداري رقم 11 لسنة 2024 الصادر من وزارة التجارة والصناعة الكويتية بتاريخ 5 الجاري خالف الأصول التشريعية، وهو في مرتبة أقل بكثير من القانون. وأضاف العسعوسي والبسام، لـ «الجريدة» أن التعميم تناول تشريعاً أعلى منه، متمثلاً في قانون الشركات التجارية وقانون التجارة المنوط بهما وضع الشروط والآليات اللآزمة لتأسيس الشركات وممارسة التجارة في الكويت، وأنه مشوب بعيب عدم المشروعية لمخالفته القانون، فضلاً عن عدم المشروعية التي تتعلق بالجهة التي أصدرت القرار. وفنّد المحاميان مدى قانونية التعميم المذكور والآثار المترتبة عليه، على النحو التالي: أولاً: قواعد التشريع والتعميم رقم 11 لسنة 24 للتشريع أصول وقواعد مستقرة بحسبان أنها من النظام العام يجب عدم مخالفتها، ومنها أنه لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغي أو تعدل قاعدة قانونية وضعتها سلطة أعلى، أو أن تضيف إليها أحكاماً جديدة إلا بتفويض خاص من هذه السلطة العليا أو من القانون (مادة 2 من القانون المدني). - بتاريخ 5/ 8/ 2024 طالعتنا الصحف بنشر «التعميم» رقم 11 لسنة 2024 الصادر من وكيل وزارة التجارة والصناعة بالوكالة، بشأن إيقاف التأسيس والتجديد والتعديل على جميع الشركات والمؤسسات بشكل مؤقت، وذلك بعدم السماح بدخول أي مقيم أو وافد، سواء كان شريكاً أو مديراً أو التأشير في السجل التجاري، إلا بعد التأكد من أنه يندرج تحت بند المادة 19، وفقاً لما جاء في كتاب القوى العاملة رقم 2802 بتاريخ 2023/3/1. ـ وأكد التعميم إيقاف جميع التراخيص القائمة التي يكون فيها أحد الشركاء أو المديرين لا يندرج تحت المادة 19 استناداً إلى عدم توافق الشركاء. - ووفقاً للقاعدة القانونية المشار إليها بعاليه، فإن التعميم السالف الذكر قد خالف الأصول التشريعية، إذ إن التعميم، وهو في مرتبة أقل بكثير من القانون، قد تناول تشريعاً أعلى منه متمثلاً في قانون الشركات التجارية وقانون التجارة المنوط بهما وضع الشروط والآليات اللآزمة لتأسيس الشركات وممارسة التجارة في الكويت، فالأول قد وضع شروط تأسيس الشركات بأنواعها وليس من بين هذه الشروط تحديد مادة الإقامة للشريك الأجنبي (الوافد) التي تناولها التعميم، والثاني لم يضع قيوداً ـ متعلقة بمادة الإقامة ـ على ممارسة الوافد (الأجنبي) للتجارة، واشترط فقط، بموجب المادة 23 منه، أن يكون له شريك كويتي، وألا تقل حصة هذا الشريك عن 51 بالمئة من رأسمال الشركة ذات العنصر الأجنبي. وأن هذه الأحكام تعد من الأصول العامة التي يقوم عليها النظام الاقتصادي في الكويت، كما أنها تتعلق بمصلحة عامة وأساسية للجماعة فيها، وتعتبر لذلك من المسائل المتعلقة بالنظام العام، ومن ثم يلحق الاتفاق الذي يتم بالمخالفة لها البطلان المطلق. - ولو أراد المشرع تحديد مادة الإقامة ـ كشرط لممارسة الوافد للتجارة - لنص على ذلك في ذات المادة (23). - وقد صدر التعميم السالف الذكر، استناداً إلى كتاب موجّه من الهيئة العامة للقوى العاملة إلى وزارة التجارة، بأنه لا يجوز الجمع بين صفة رب العمل وصفة العامل لنفس الشخص، وهو معيار غير دقيق، حيث إن للشركة ـ وهي رب العمل ـ شخصيتها الاعتبارية، ولها ذمة مالية مستقلة عن ذمة الشركاء فيها، وليس بالضرورة أن يكون الشريك عاملاً في الشركة. - كما أن هذا المعيار الذي وضعه التعميم يعد تعديلاً لنص في القانون لا يملكه مصدره دون تفويض من القانون، ومن ثم يعتبر منعدم الأثر قانوناً، ولا يصح التعويل عليه، لما هو مقرر من أنه لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغي أو تعدل قاعدة تنظيمية وضعتها سلطة أعلى، أو أن تضيف إليها أحكاما جديدة إلا بتفويض خاص من هذه السلطة العليا أو من القانون. - ولما كان الأمر كذلك، فإن القرار (التعميم) الصادر من وكيل وزارة التجارة والصناعة يكون مشوباً بعيب عدم المشروعية، لمخالفته القانون بالتفصيل السالف البيان، فضلاً عن عدم المشروعية التي تتعلق بالجهة التي أصدرت القرار، وهو ما يسمى «عيب غصب السلطة أو عدم الاختصاص»، فما صدر من وكيل وزارة التجارة والصناعة - بإضافة شرط جديد لتأسيس الشركات ذات العنصر الأجنبي ـ وهو تحديد مادة الإقامة (م 19) كشرط لشراكة الوافد ولممارسته التجارة - هو تشريع من جهة غير مختصة، بما يعني إهدار لمبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه بالدستور. ثانياً: من الناحية الاقتصادية حذّر الاقتصاديون من آثار تنفيذ هذا التعميم بما ينبئ عن خطر شديد يضر بالاقتصاد الكويتي من جراء نفاذ هذا التعميم، إذ إنه يتعرض لوقف حوالي 45 ألف شركة، بما لها من تأثير سلبي على حركة السوق وما ينتج عن تصرّف الوافدين في حصصهم بالتخلص منها إذا لم يستطيعوا تعديل أوضاعهم، وبما يؤدي الى ضياع حقوقهم وإعطاء مؤشرات غير حقيقية لحركة السوق. ـ وبالبناء عليه، فإن هذا التعميم باطل من الأوجه كافة، وحابط الأثر، ولا يجب العمل به، وبقاء المراكز القانونية القائمة على حالها إلى أن يتدخل المشرّع بتعديل النصوص التشريعية الخاصة بتملّك الأجانب حصصاً في شركات تجارية كويتية وممارستهم للتجارة، وفقاً للدستور والقانون.
مشاركة :