الاحتياطي الفيدرالي لن يسمح للأسواق بتحديد خفض أسعار الفائدة

  • 8/9/2024
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

دخلت أسواق الأسهم العالمية في حالة من الاضطراب، بعد أن هزها تقرير الوظائف الأمريكي المخيب للآمال يوم الجمعة الماضي. وكما هو الحال دائماً بعد هذه التقلبات تنتشر التكهنات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيخفض أسعار الفائدة. وأمام اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة خيارات قليلة مختلفة. فقد تقرر إجراء خفض طارئ لسعر الفائدة قبل اجتماعها المقرر في سبتمبر، مثل ردة فعلها على أزمة كورونا في مارس 2020. أو قد تنتظر حتى سبتمبر، ثم تخفض سعر الفائدة بأكثر من 25 نقطة أساس، التي أشارت إليه سابقاً. رغم ذلك، يمكنها أيضاً أن تستمر على المنوال نفسه ببساطة. أولاً، من المهم أن ندرك، كما يدرك بنك الاحتياطي الفيدرالي أيضاً، أن سوق الأسهم لا تمثل الاقتصاد. والاحتياطي الفيدرالي يستجيب لمعدلات التضخم والنمو، وليس لمستوى أو تقلب أسعار الأسهم. ولا يتخذ أي إجراء بشأن سوق الأسهم إلا إذا كانت التقلبات تهدد الاستقرار المالي. وحالياً، لا يوجد أي دليل على حدوث ذلك. إضافة إلى ذلك، لا يوجد أي مؤشر على حدوث ركود وشيك. وكما قال الحائز على جائزة نوبل بول سامويلسون، فإن سوق الأسهم تنبأت بتسع من فترات الركود الخمس الماضية. وهذا ليس مؤشراً معتمداً على انكماش يلوح في الأفق. كما أن تقريراً واحداً ضعيفاً عن الوظائف لا يشكل اتجاهاً. فقد كانت بيانات الوظائف قوية حتى شهر يونيو. ورغم ارتفاع معدل البطالة بمقدار 0.2 نقطة مئوية في يوليو، إلا أن الاقتصاد أضاف 114 ألف وظيفة. ولا يشكل دخول المزيد من العمالة إلى سوق العمل علامة سيئة. الأهم من ذلك هو أن نتذكر، كما يدرك الاحتياطي الفيدرالي، أن بيانات الوظائف متقلبة. وتأثرت بيانات شهر يوليو بالاضطرابات الناجمة عن إعصار بيريل، ويمكن أن تخضع لمراجعات هائلة بمجرد توفر المزيد من البيانات. ومن المرجح أن ينتظر الاحتياطي الفيدرالي هذه البيانات قبل التوصل إلى استنتاجات نهائية. ورغم أن تقرير الوظائف الصادر يوم الجمعة الماضي قد أثار ردة فعل في الأسواق، إلا أن هناك عوامل أخرى ساهمت في إثارة قلق المستثمرين. فقد بدأ الهواء يخرج من فقاعة الذكاء الاصطناعي مع تساؤل المستثمرين حول ما إذا كان النمو الهائل في إنتاجية الذكاء الاصطناعي التوليدي وشيكاً. وليس من قبيل المصادفة أن تقود أسهم التكنولوجيا، مثل إنفيديا وسامسونغ، الأسواق نحو الانخفاض في وقت سابق، فضلاً عن ذلك، تهدد الأزمة الجيوسياسية العالمية القائمة. وقد يرى البعض أن العائدات المخيبة للآمال من الذكاء الاصطناعي والمخاوف المستمرة حيال الشرق الأوسط هما أسباب تدعو إلى الاعتقاد بأن نمو الإنفاق قد يتباطأ وقد ينزلق الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود، وبالتالي قد يمنح الاحتياطي الفيدرالي دافعاً إضافياً لخفض أسعار الفائدة. ومرة أخرى، من المرجح انتظار أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لرؤية ما سيحدث. فهم يدركون أن الخفض الطارئ في سعر الفائدة بين الاجتماعات، أو حتى إجراء خفض أكبر من المتوقع بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر، من الممكن أن يثير الذعر بدلاً من تهدئة الأسواق، لأنه قد يشير إلى أن الفيدرالي يشاطرهم هذا التشاؤم أو حتى يفوقهم تشاؤماً. وأخيراً، يدرك رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول وزملاؤه أن الولايات المتحدة في خضم انتخابات رئاسية. وبينما قد يكون دونالد ترامب من دعاة خفض أسعار الفائدة، لكن من المؤكد أنه سينتقد أي إجراء يتخذه الاحتياطي الفيدرالي حالياً لتحفيز الاقتصاد باعتباره محاولة للتلاعب بالانتخابات لصالح كامالا هاريس والديمقراطيين. كما يدرك ترامب أن الإدارة الحالية ينظر إليها، سواء أكان ذلك صواباً أم لا، باعتبارها مسؤولة عن الاقتصاد. وكلما كان أداء الاقتصاد والسوق أسوأ منذ الآن وحتى نوفمبر، كان ذلك أفضل للمرشح المنافس. الاحتياطي الفيدرالي مؤسسة غير سياسية. ولا يستجيب لضغوط السياسيين، وبذل باول كثيراً من العناء للتأكيد على ذلك. إلا أن استقلالية البنك المركزي، التي تعد ضرورة للبقاء دون تسييس، ليست مطلقة. ويتطلب الحفاظ على هذا الاستقلال، الذي يتمتع به الاحتياطي الفيدرالي، تجنب جذب الانتباه السياسي والنقد غير المبررين سواء حاليا أم مستقبلاً. بالتالي، فمن المتوقع أن يمضي الاحتياطي الفيدرالي بحذر وبشكل تدريجي. وقد أدت إرشاداته الحالية إلى توقع الأسواق خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في سبتمبر، وربما يتبعه تخفيضات إضافية بالحجم نفسه بعد الانتخابات. ومن غير المرجح أن يخيب هذه التوقعات بشكل أو بآخر. وقد يستنتج المؤرخون أن الاحتياطي الفيدرالي بقيادة باول أبطأ في تخفيف السياسة النقدية رداً على ضعف الاقتصاد في عام 2024، تماماً كما كان بطيئاً في تشديد السياسة استجابة للتضخم في أواخر عام 2021. وسنرى كيف تتكشف الأمور مع الوقت والبيانات الواردة. وكل ما نعرفه بالتأكيد هو أن باول سيحتاج لتقديم الكثير من التفسيرات عندما يتوجه إلى جاكسون هول لحضور الاجتماع السنوي للاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي بعد بضعة أسابيع من الآن. أستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا، بيركلي تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز كلمات دالة: FT Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :