هاربات إلى الجحيم.. قصص مثيرة وراء 3285 بلاغًا

  • 1/13/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

واحدة منهن تركت منزل الأسرة وهربت مع شاب يسكن في المنزل المقابل لبيت عائلتها، بعد أن أمطرها بكلماته المعسولة، وظنت أنها ستجد على يديه الخلاص، ولكنها أفاقت ووجدت نفسها في قبضة مجرم يرغب في استغلالها.. ثانية عانت من تحرش أخيها بها، وعندما عرف الأب لم يكترث وكذبها، فهربت من المنزل، ولجأت إلى صديقة لها تتعاطى المخدرات، قبل أن يتم وضعها في إحدى دور الرعاية.. ثالثة في السابعة عشرة هربت من عائلتها، ولم يتم العثور عليها.. ورابعة تعاني حالة نفسية هربت من المنزل في العشر الأواخر أثناء إعداد والدتها المسنة لوجبة السحور، وخامسة أدمنت الهروب على مدى أربعة أعوام، وفي كل مرة يتم العثور عليها وإعادتها إلى أسرتها.. تلك نماذج على يد الإصبع الواحدة لهاربات من عنف الأسرة لأحضان الجحيم القاتلة. «المدينة» ناقشت قضية هروب الفتيات من منازلهن بسبب العنف الأسرى، حيث يرجعها المختصون إلى عدة أسباب من بينها التفكك والعنف الأسري والضغوط الاقتصادية، إلى جانب غياب الوعي وثقافة الحوار ومواجهة المشكلات، مضيفين أن الفتاة التي تفكر في الهروب من بيت أهلها غالبًا ما تكون في سن المراهقة، بسبب جهل الأهل بالخصائص النفسية لهذه المرحلة، فيما يكون هروب الفتيات الأكبر سنًا واللاتي تخطين سن المراهقة بسبب رفض الأهل وتحديهم لاختيارها لزوج المستقبل. إحصائيات خطيرة: تشير آخر الإحصائيات الصادرة عن إحدى الجهات المعنية إلى أن حالات هروب الفتيات لا سيما المراهقات منهن قد سجلت منحنى خطرًا، حيث بلغ إجمالي حالات الهروب والتغيب المبلغ عنها من قبل الأسر السعودية لكلا الجنسين «3285 » حالة، وكان عدد الإناث « 850» حالة. وقد يترافق مع بعض قصص الهروب تفاصيل مأساوية، تشمل التسول أو السرقة أو الانحراف أو التشرد، وقد تصل إلى القتل أو الانتحار، حيث تؤكد عدة دراسات أن هروب الفتاة يكون عادة بداية للعديد من الجرائم والانحرافات الاجتماعية، وفيما يلي عدد من الحالات التي برزت إلى السطح خلال السنوات الفائتة: فتاة بحر أبوسكينة: تعرضت فتاة من بحر أبوسكينة التابعة لمحافظة محائل عسير في العام الفائت لعملية اختطاف وابتزاز كان بطلها وافدًا يمنيًّا يعمل في محل لبيع الجوالات، تردد أنه ابتزها بعد أن عثر في جهاز جوالها القديم على صور وفيديوهات تخصها، ثم قام باختطافها، فيما قال بعض ذويها: إنها هربت تحت تأثير السحر. حادثة محائل عسير: بتاريخ « 17/4/1428 » تمت إعادة فتاة محايل عسير الهاربة إلى منزل أسرتها بأحد الأحياء بالمحافظة بعد العثور عليها في إحدى ساحات الحرم المكي الشريف، وأوضحت حينها شرطة منطقة عسير في بيان صحفي أن الجهات الأمنية قد تعاملت مع بلاغ أسرتها باهتمام بالغ وجهود مكثفة حتى تم العثور على الفتاة وتسليمها لذويها، وكانت الفتاة قد اختفت عن أهلها أسبوعًا كاملًا في ظروف غامضة. فتاة الـ17 عامًا: وفي محافظة « محايل عسير » أيضًا هربت مطلع هذا العام فتاة من منزل أسرتها بإحدى القرى لجهة غير معلومة.. وكان والد الفتاة البالغة من العمر «17» عاما قد أبلغ الشرطة بالواقعة في المساء الذي اختفت فيه، موضحا أن ابنته اختفت في الصباح وجرى البحث عنها دون فائدة. هروب مع وافد: وفي محافظة سراة عبيدة التابعة لمنطقة عسير خرجت امرأة في العقد الثالث من عمرها هاربة من أهلها مع مقيم يمني يعمل بائعًا في أحد المحلات المشهورة على الشارع العام ويسكن خلف محل عمله.. واستطاعت الهروب إلى اليمن، وكان بحوزتها مبلغ قدر بأكثر من «70» ألف ريال، بالإضافة إلى مجوهرات ذهبية وقد استنفر ذووها أقاربهم للبحث عنها في اليمن وبالاستعانة بشيوخ القبائل اليمنية ووجهائها في البحث تمكنوا من الوصول إليها وإعادتها إلى ذويها. ضغوط الزوج وأبنائه: وفي محافظة خميس مشيط هربت فتاة من منزل زوجها، وحول خلفيات هروب الزوجة قال الأب: إنها كانت تواجه ضغوطًا من زوجها وأبناء زوجته المطلقة وكانت تعامل بقسوة بالإضافة إلى حرمانها من زيارتهم لأكثر من «13» عامًا. عنف أسري: وفي حادثة أخرى هربت « منيرة » مع شخص استغلها للفاحشة، قبل أن تعثر عليها الشرطة وتودعها دار الفتيات في عسير، وتم تزويجها بعد خروجها من الدار بأسبوعين من طاعن في السبعين من عمره متزوج مرتين، مع أنها لا تتجاوز « 19 » سنة. تداعيات الإدمان والطلاق: وفي حالة مختلفة هربت «الجوهرة» البالغة من العمر « 16 » عاما بعد أن عانت مع إخوانها وأخواتها من سوء معاملة والدها لهم ولوالدتها فيما هربت «هديل» البالغة من العمر «18» عاما بعد انفصال والديها، وزواج الأب بأخرى والأم بآخر، وعاشت مع جدتها، ثم هربت مع شاب قبل أن يتم ضبطها وإيداعها دار الرعاية، بينما دخلت «سارة» عالم صديقتها المليء بالمكالمات الهاتفية. تفكير في الانتحار: وسجلت جمعية حقوق الإنسان حالة هروب «سحر» التي تدرس بالمرحلة الجامعية من منزل أهلها في المنطقة الجنوبية، لأنها لا تحتمل العيش مع أسرتها التي وصفتها بالمتعسفة، فقد رغبت هذه الفتاة في الاكتتاب في أسهم وذلك باستقطاع جزء من مكافآتها الجامعية. فتاة المليون ريال: وفي منطقة نجران سجلت السلطات الأمنية اختفاء فتاة بتاريخ: « 17/3/1430» أثناء مراجعتها لأحد المستوصفات الخاصة ولم يعثر لها على إثر بعدها.. فيما قام أهلها بنشر رسائل عبر الجوال تنادي بالتعاون في البحث عنها وإعلان مكافأة «مليون» ريال لمن يدلي بأي معلومات تقود للعثور عليها، وقاموا توزيع منشور مكتوب بلغات متعددة يتضمن نفس الرسالة. وبتاريخ « 23/3/1430 » تم العثور عليها في محافظة صعدة اليمنية بعد أن قام اثنان بعملية الاختطاف وجرى القبض عليهما على أيدي السلطات اليمنية، وتم تسليم المتسببين في عملية الاختطاف إلى السلطات السعودية، وفقا لاتفاقيات أمنية بين البلدين وتمت محاكمتهما، وأكدت التحقيقات أن الخاطفين كانا يخططان الحصول على فدية من والد الفتاة مقابل إطلاق سراحها. وفي السياق، يقول الشيخ سعيد بن فيصل العسيري وهو داعية، ومعلم تربية اسلامية بمنطقة عسير: إن أسباب الهروب والاختفاء تعود لسوء التربية لذا فإن على الأسر الاهتمام بتربية أبنائها فيما يرى إبراهيم محمد معرف من قسم التربية والإرشاد بالإدارة العامة للتربية والتعليم بعسير فقال: إن هروب بعض الفتيات أو اختفاءهن يستحق وقفة مجتمعية صادقة. وقالت فائزة الشهري المرشدة الطلابية بتعليم البنات بمنطقة عسير: إن من أسباب هروب الفتيات من منازلهن عدم فهم الأسرة لحاجات الفتاة من العطف والحب والانتماء، وكذلك انعدام التواصل العاطفي بين أفراد الأسرة أما الدكتور عبدالعزيز بن سعيد حبشان استشاري الطب الشرعي ورئيس مركز الطب الشرعي بأبها فقال: إن هناك العديد من الأسباب النفسية والاجتماعية لهروب الإناث، منها ضعف الوازع الديني لدى الفتيات الهاربات. وفي السياق، قالت عهود الشمالي وهي اختصاصية اجتماعية بالشؤون الاجتماعية بعسير: هناك هروب معنوي: وهو الأكثر شيوعًا وذلك لطبيعة المجتمع المحافظ، ولخوف الفتاة من الأسرة، فتنعزل نفسيًا وتبقى في غرفتها مدة طويلة، وهروب مادي: حيث تقذف الفتاة بكل المبادئ والفضائل التي نشأت عليها وتنساق وراء رغباتها. الحرمان العاطفي: وفي السياق تقول الدكتورة سهيلة زين العابدين حماد عضو المجلس التنفيذي ولجنة الدراسات في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان: إن الجمعية ممثلة في مركز الرياض الرئيس وفرع جدة استقبلت أكثر من ألفي شكوى خلال عام واحد وتزيد عامًا بعد عام تتعلق بالعنف الأسري تنوعت ما بين قضايا عمالية، التحرش الجنسي، قضايا سجناء، إدارية وأحوال شخصية وإجبار الفتيات على الزواج، وأشارت إلى دراسة ميدانية قام بإعدادها الدكتور محمد بن إبراهيم السيف أستاذ مناهج البحث والدراسات الاجتماعية بكلية الملك فهد الأمنية على نزيلات السجون، أوضحت أن الحرمان العاطفي عند الفتيات غير المتزوجات هو السبب الرئيس لجرائم الإناث، حيث إن « 50%» من الفتيات المحكوم عليهن بالسجن بارتكابهن أفعالًا جنائية محرمة كن يشعرن بالحرمان العاطفي الأسري. من جانبها، قالت الدكتورة مريم الغامدي: إن يأس الفتاة هو الدافع للهروب أما الدكتور غيثان بن علي الجريس عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد بأبها فقال: إن المشكلات الأسرية وراء الهروب. من ناحيته قال العميد سعيد محمد عسيري من شرطة منطقة عسير: إن مشكلة هروب الفتيات لا ترتبط بدولة معينة أو ثقافة بعينها، بل هي مشكلة بدأت منذ فترة تغزو مجتمعاتنا العربية والإسلامية، ومن أهم أسبابها التفكك الأسري ووجود مشكلات داخل المنزل وامتهان الفتيات وسوء أخلاق أحد الوالدين ورفاق السوء والضغوط الأسرية وتأثير بعض القنوات الفضائية في تزيين فكرة الهروب من المنزل، فيما قال المقدم عبدالله آل شعثان الناطق الاعلامي بشرطة منطقة عسير: إنه يجب على الأسرة استيعاب أبنائها، وعدم البعد عنهم والتسلط عليهم. المزيد من الصور :

مشاركة :