طرابلس/القاهرة – أبلغت حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، مسؤولين في المخابرات المصرية، ضمن العاملين بسفارتها في العاصمة طرابلس، بمغادرة أراضي البلاد فورا، وفق ما أفاد موقع "ليبيا الأحرار" نقلا عن مصدر من حكومة الدبيبة، في خطوة استنكرها رئيس البرلمان عقيلة صالح واصفا هذا التصرف بـ"غير المسؤول". وجاء قرار حكومة الدبيبة احتجاجا على استقبال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الأحد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد والوفد المرافق له بقيادة مدير عام صندوق التنمية وإعادة الإعمار بلقاسم حفتر. ولم يعلق الجانب المصري على هذا القرار الذي قد يعيد علاقات القاهرة بطرابلس إلى مربع التوتر خصوصا وأن مصر لم تغير موقفها من حكومة الدبيبة حيث تعتبرها فاقدة للشرعية. وقال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إن ما صدر من حكومة الدبيبة "ضد مصر لا يمثل الشعب الليبي الذي تربطه علاقات تاريخية وطيدة مع الشعب المصري، لن يعكر صفوها أي محاولات أو خلافات". وأضاف صالح "نستنكر التصرفات غير المسؤولة من الحكومة منتهية الولاية بانتهاء مدتها المحددة في المرحلة التمهيدية وكذلك سحب الثقة منها"، حسب بيان منشور على صفحة مكتبه الإعلامي على فيسبوك اليوم الإثنين. ومنذ مارس 2022، توجد في ليبيا حكومتان، الأولى حكومة الدبيبة ومقرها العاصمة طرابلس وتدير منها غرب البلاد بالكامل ويعتبرها مجلس النواب الليبي منتهية الولاية، أما الثانية فهي حكومة حماد، ومقرها بمدينة بنغازي، وتدير شرق البلاد بالكامل ومدنا في الجنوب وتمتع بدعم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر. وعمَّق وجود حكومتين في ليبيا أزمة سياسية يأمل الليبيون حلها عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية طال انتظارها منذ سنوات وتحول دون إجرائها خلافات بشأن قوانينها والجهة التنفيذية التي ستشرف عليها. وكانت وزارة خارجية حكومة الوحدة الوطنية قد أصدرت بيانا عبرت فيه عن "عميق استيائها ورفضها للتصرف الدبلوماسي الذي أقدمت عليه الحكومة المصرية من خلال استقبالها بشكل رسمي لأجسام موازية لا تحظى بأي اعتراف دولي"، في إشارة إلى حكومة حماد. واعتبرت الوزارة في بيان الأحد أنه "رغم أن هذه الخطوة ليست ذات أي أثر واقعي، إلا أنها خروج عن وحدة الموقف الدولي الرافض لعودة البلاد إلى حالة الانقسام والاحتراب". ورأت أن استقبال حماد في مصر "يتنافى بوضوح مع الدور المصري والعربي والإقليمي المنتظر في دعم وحدة ليبيا واستقرارها وتحصينها من محاولات التشويش والتقسيم". وجددت خارجية حكومة الوحدة "تأكيدها على أن احترام سيادة الدول وحسن الجوار ودعم وحدتها ومؤسساتها الشرعية هي مبادئ ثابتة لبناء علاقات وطيدة بين الدول والحكومات". وشددت الوزارة على أن الشعب الليبي "لن يقبل بالعودة مرة أخرى إلى زمن الحكومات الموازية والمحاور الإقليمية والدولية التي أدت بليبيا لأن تكون ساحة خلفية لمعارك وحروب ذات بعد دولي وإقليمي"، وأكدت أن "احترام سيادة الدول، وحسن الجوار، ودعم وحدتها ومؤسساتها الشرعية، هي مبادئ ثابتة لبناء علاقات وطيدة بين الدول والحكومات". ومن جانبها، عبرت وزارة الخارجية بحكومة أسامة حماد عن استغرابها من بيان حكومة الوحدة الوطنية، واصفة إياها بــ"الحكومة منتهية الولاية". واعتبرت الوزارة أن بيان حكومة الوحدة الوطنية يعكس إصرارها على مخالفة قوانين وقرارات مجلس النواب الجهة الشرعية في ليبيا، في إشارة الى أنها الحكومة الشرعية باعتبار تكليفها من مجلس النواب. ودعت "الدول الصديقة والشقيقة إلى نقل سفاراتها، وممثلي الهيئات والمؤسسات الدبلوماسية والدولية إلى مدينة بنغازي"، باعتبار الظروف الأمنية غير المستقرة في العاصمة طرابلس". وكان مدبولي قد استقبل حماد خلال زيارة رسمية لمصر، هي الأولى رسميا له خارج البلاد الأحد في مدينة العلمين برفقة مدير صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا بلقاسم خليفة حفتر، ورئيس جهاز الإمداد الطبي والخدمات العلاجية حاتم العريبي. وبحسب بيان الحكومة المكلفة من البرلمان، فقد عقد حماد مع مدبولي وعدد من وزراء الحكومة المصرية اجتماعاً تقابلياً "تم من خلاله بحث التعاون على كل الأصعدة، وعلى رأسها تأمين الحدود، والإعمار والتنمية، والقضايا المشتركة بين البلدين"، مشيراً إلى عزم الطرفين على تفعيل عدد من الاتفاقيات، وتشكيل لجان وزارية من الدولتين للإشراف عليها. وخلال اللقاء، أكد مدبولي، بحسب بيان رسمي لمصر، "الدعم الكامل للشعب الليبي، وحرص مصر على دعم وتعزيز سبل التعاون الثنائي بين البلدين في المجالات كافة"، منوهاً بـ"الدور الكبير الذي تقوم به الشركات المصرية في أعمال إعادة إعمار ليبيا". ونقل البيان المصري عن حماد تثمينه "الدعم المصري الدائم للشعب الليبي"، قائلاً إن هذا الدعم "هو ما شهدناه أخيراً في ظل توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، بتقديم كافة أوجه الدعم والمساعدة اللازمة للشعب الليبي الشقيق لتخفيف آثار وتداعيات الإعصار دانيال، الذي شهدته البلاد العام الماضي". وتوترت العلاقات بين مصر وحكومة الدبيبة، على خلفية توقيعها اتفاقاً اقتصادياً مع الحكومة التركية في أكتوبر من عام 2022، بشأن التنقيب عن النفط والغاز في المناطق الاقتصادية البحرية في المتوسط، وهو الاتفاق الذي واجهته القاهرة بالرفض. لكن في مؤشر على تحسن العلاقات، زار الدبيبة، القاهرة في 4 يوليو الماضي، واتفق مع مدبولي، خلال لقاء على تفعيل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، ودعم "القطاع الخاص في البلدين، وعقد المعارض والمؤتمرات للصناعات المصرية والليبية، وتشكيل مجلس رجال الأعمال المصريين الليبيين تحت إشراف الحكومتين، وتقديم الدعم اللازم لهم"، بحسب المكتب الإعلامي لحكومة الدبيبة. وفي اللقاء نفسه، استعرض الدبيبة ومدبولي "نتائج اجتماعات اللجنة العليا المصرية الليبية التي عُقدت منتصف سبتمبر 2021 بالقاهرة، والتنسيق لعقد الاجتماع القادم لزيادة التعاون وتعزيز الاستثمار". وسبق أن أجرى مدبولي زيارة الى طرابلس في إبريل 2021، جرى خلالها توقيع 11 وثيقة تعاون في مختلف المجالات.
مشاركة :