تفتأ الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" تذكر العبارة "كائناً من كان". لم أعلم أن العبارة مستفزة جداً إلا بعد أن تابعت تفسير أحد كبار القوم وهو يتساءل: ماذا تعني بـ "كائناً من كان؟ هل هناك تلميح لأشخاص أو مستويات أو مقامات معينة؟ أم أنه اتهام لهذه المقامات بعدم الالتزام بالأنظمة والقوانين؟ أم أنها مجرد عبارة قالها خادم الحرمين الشريفين، فاستغلتها "الهيئة" لحد "الابتذال". يعرف الفساد بأنه الاستخدام الخاطئ للسلطات "المالية والإدارية" لتحقيق مآرب خاصة. هذا التعريف يوسع نطاق المحاسبة على الفساد لتشمل القطاع بكليته وليس الأشخاص فقط. فلو كانت لدى مؤسسة أو هيئة عامة معينة مزايا أو خدمات، فإن استغلالها من قبل الوزارة التي تشرف عليها هو فساد، سواء في أمور بسيطة كالإسكان أو العلاج أو المواصلات، أو أمور أعظم مثل القروض والسيارات والتعليم الخاص. أمر خلصتنا منه وحرمته اللجنة العليا للإصلاح الإداري في تسعينيات القرن الماضي. يغذي ظهور تقارير وأخبار يومية ومناوشات هنا وهناك بين الهيئة والقطاعات الحكومية، الاتهام لـ "الهيئة" بأنها تحاول الظهور والبقاء في المشهد العام باستغلال موقعها كجهة رقابية، وهذا يعد من المصالح الخاصة. يؤكد هذا الرأي المناوشات التي شاهدناها بين "الهيئة" وعدة قطاعات بخصوص كفاءة الأداء والخدمات المقدمة للمواطن، كما حدث مع أمانة المنطقة الشمالية ومديريات التعليم ووزارة الصحة، وأخيراً مع مسؤولي العبور في جسر الملك فهد. هذا الصدام مع الجهات الحكومية قد يكون مبرراً في بعض الحالات التي تكون فيها "الهيئة" قد أنجزت واجباتها بطريقة صحيحة من حيث إبلاغ الجهة بالمخالفة وطلب الرد عليها والاجتماع بها والخروج بإجابات شافية أو الرفع للجهات ذات العلاقة، خصوصاً أن "الهيئة" ليست لها صلاحيات عقابية أو قضائية، لكن استمرارها في المناوشات والصدامات الإعلامية بشكل يومي، يفقدها جزءاً من حصانتها، ويسمح للكل بالقدح في مصداقيتها أو احترافية منسوبيها، وهما عنصران أساسيان في عمل الهيئة. فلماذا تستمر الهيئة في هذا النهج؟ هل هو محاولة لإثبات أنها تعمل؟ قد يكون هذا نوعاً من الفساد!
مشاركة :