بقلم الكاتبة: بشائر الحمراني هل الإنسان يعيش ليكتشف نفسه أم ليخلقها؟ وإن كان يخلقها، فهل يمكن اعتبار هذه العملية سعيًا لتحقيق الذات أم هروبًا من حقيقتها؟ وإذا كان يكتشفها، فهل هذه المعرفة تمنحه حرية الاختيار أم تقيّده بحدود طبيعته؟ سؤال يدور في ذهني وبحاجة إلى جواب يشبع فضولي كباحثة عن معنى لوجودي كإنسان هي فرصة لفتح باب الحوار بيني وبيني. إن عملية اكتشاف الذات تعني التنقيب في أعماق الروح والبحث عن المعاني العميقة التي تشكل هويتنا. قد تكون هذه المعرفة نعمة تفتح لنا آفاقًا جديدة وتمنحنا حرية في الاختيار، ولكنها أيضًا قد تعني التقييد ضمن حدود معينة، تلك التي يحددها إطارنا النفسي والعقلي. قد يكون فهمنا لذواتنا محاطًا بأطر محددة تجعلنا نعيد تقييم أهدافنا ورغباتنا ضمن سياق محدود، لكنه في ذات الوقت يوفر لنا بوصلة تقودنا في رحلة الحياة. من جهة أخرى، خلق الذات هو عملية من التحول والتشكيل المستمرين، حيث نقوم بفرض إرادتنا ونبني هويتنا بناءً على تجاربنا واختياراتنا. قد يكون هذا السعي لتحقيق الذات محركًا قويًا نحو التغيير والنمو، ولكنه أيضًا قد يتسبب في إبعادنا عن حقيقة طبيعتنا الأصيلة، مما يجعلنا نعيش في صراع دائم بين ما نطمح لأن نكونه وما نحن عليه بالفعل. في هذا الحوار الداخلي، يصبح من الضروري أن نتسائل عن المدى الذي نكون فيه صادقين مع أنفسنا. هل نحن نبحث عن الحقيقة التي تعكس جوهرنا العميق، أم أننا نبتكر نسخًا من أنفسنا تتناسب مع طموحاتنا ومعتقداتنا؟ قد تكون الإجابة في النهاية مزيجًا من الاكتشاف والخلق، حيث ندمج بين فهمنا لذواتنا وإعادة تشكيلها بطرق تتيح لنا التكيف والنمو. وفي ختام هذا التساؤل، فإن رحلة اكتشاف الذات وخلقها هي مسار طويل ومعقد، مليء بالتحديات والفرص. ربما يكون الأهم هو أن نتقبل هذا الصراع الداخلي كجزء من نموّنا وتطورنا، ونستمر في البحث عن توازن يعكس حقيقتنا ويتيح لنا الفرصة لتحقيق الذات بأفضل شكل ممكن.
مشاركة :