فرض تصاعد الصراعات السياسية في لبنان أجندته على وسائل الإعلام المرئي لتدخل العديد منها في حروب واتهامات بألفاظ نابية تغيب عنها المهنية كما حدث بين قناتي “أم.تي.في” و”الجديد”، اللتين أثارتا موجة استياء واسعة لما وصل إليه وضع الإعلام. بيروت - دخلت قنوات تلفزيونية لبنانية في اشتباك إعلامي مع هجوم قناة “أم.تي.في” على قناتي “الجديد” و”أل.بي.سي.أي”، حيث عرضت في نشرتها الإخبارية الثلاثاء تقريرا اتهمت فيه شركة “ميب” التي يملكها تحسين خياط وشركاؤه باختلاس 38 مليون دولار على أساس صيانة معامل إنتاج الكهرباء دون صرف أي جزء من المبلغ، وتجديد العقد بالتراضي، فيما اللبنانيون يعانون العتمة. وجاء في مقدمة نشرة قناة “أم.تي.في”، “ابتزاز وتشبيح، وإطفاء معامل منذ سنتين و38 مليون دولار طارت”. وقد قامت في تقريرها بتسمية كل من تحسين الخياط وولديه كريم وكرمى الخياط. وردت قناة “الجديد” على تقرير المحطة المنافسة في بيان شديد اللهجة نشرته على صفحتها على منصة أكس، وقالت “هي الـ’أم.تي.في’ في الظاهر قناة تلفزيونية، أما لدى الحفر في الباطن فتظهر كنوز الفساد الصلب المبني على فتح السوق لمن باع ومن اشترى وبالمزاد الإعلامي المفتوح على كل احتمال، لم يترك صنعة إلا وامتهنها ميشال المر الأصغر، وعندما وجد جعبته قد أفرغت، تعاون مع التيار الوطني الحر على تشويه سمعة الجديد”. وأضافت القناة موجهة الاتهامات إلى أكثر من جهة “اتفق التيار و’أم.تي.في’ على نشر أكاذيب أول ما تدين التيار نفسه لأنه الولي الوصي على وزارة الطاقة منذ ستة عشر عاما. ‘أم.تي.في’ نبع المفسدين بالأرض وجدت نفسها أمام عملية ابتزاز جديدة لكنها هنا.. أمام الجديد المحطة التي لا تخضع لأي ترهيب منذ تأسيسها وعلى مواقفها شهود بينهم مؤسس أل.أم.تي.في غبريال المر نفسه”. وغلب على الطرفين تبادل الاتهامات والشتائم بطريقة لا تمت للمهنية بصلة فيما ظهرت الخلافات والصراعات السياسية من خلف التصريحات النارية، حيث شنت مديرة قناة “الجديد” مريم البسام هجوما عنيفا على “أم.تي.في” دون أن يسلم التيار من حملتها، وكتبت تدوينة على صفحتها على منصة إكس، جاء ضمنها: ودخل رواد مواقع التواصل الاجتماعي على خط النقاش والاتهامات فيما دان الناشطون اللغة الخطابية لوسائل الإعلام والقائمين عليها، وجاء في تعليق: وجاء في تعليق: فيما رد متابعون على تغريدة البسام: وجاء في تعلق: MajdolineLahham@ تقرير الزميل نخلة عضيمي حول فساد MEP لأصحابه آل خياط، مدعّم بقرار قضائي صادر عن محكمة المطبوعات في آذار 2019 عندما تمكنت قناة “أم.تي.في” من إبراز أدلة منتجة وذات أسس جدية تستدعي إفادتهم من البراءة، وتشكك بصفقتكم. وقد طلبت محكمة المطبوعات، حينها تدريك الجهة المدعية MEP – الفاسدة – النفقات القانونيّة كافة. الشتم والتشهير والردح لا يعني أنك محقة يا مريم القسّام، هدئي من روعك. وفي ظل عدم تنفيذ قانون “حق الوصول إلى المعلومات” في لبنان من الصعب الوصول إلى ملفات تحيط بها شبهات فساد، واكتشاف حقيقة الاتهامات المتبادلة بشأن قضية مثل التي تتهم بها قناة الجديد لاسيما مع محاولات الاستثمار السياسي في إطار المنافسة الإعلامية، لذلك يتم إحالة الموضوع إلى وسيلة إعلامية تنشره تحت مزاعم وثائق، تصريحات، اتصالات، مقابلات، صورة، تسريبات، مصادر ليتحول إلى بلاغ برسم النيابة العامة، وقضية رأي عام. وعلى خلفية الاشتباك العنيف بين قناة “أم.تي.في” ومديرة الأخبار والبرامج السياسية في محطة “الجديد” مريم البسام، أصدرت قناة المر بيانا أعلنت فيه نيتها لمقاضاة البسام. ◙ رواد مواقع التواصل الاجتماعي دخلوا على خط النقاش والاتهامات وأدانوا اللغة الخطابية لوسائل الإعلام والقائمين عليها وجاء في بيان “أم.تي.في” الصادر باسم المحامي مارك حبقة وكيل القناة ورئيس مجلس إدارتها ميشال المرّ “إنّ الهستيريا والهجوم بالشخصي على السيد ميشال المرّ ومحطة أم.تي.في يؤكد صوابية تقريرها وردّنا سيكون في القضاء”. ويؤكد المتابعون أن تصاعد الصراعات السياسية في لبنان، فرض أجندته على الإعلام المرئي. وتحولت القنوات التلفزيونية إلى سلاح تحريضي، حتى بات لكل شاشة مشاهدوها وممولوها وطائفتها الخاصة بها، ما أوجد هشاشة في العلاقة بين هذه القنوات وحيرة لدى المشاهد أمام ما يشاهده من تراشق كلامي وصل إلى مستوى “الردح” بين الضيوف والإعلاميين وحتى أصحابها كما حدث في حالة “الجديد” و”أم.تي.في”، وامتد إلى البرامج التي تسعى كلها لتحقيق هدف واحد: جذب المشاهد ورفع مستوى المشاهدة وتصدر الترند، الأمر الذي غيّر صورة الإعلام المرئي المعاصر، وشرّع التنافس المتفلت من القيود والذي يصب عمليا في مصلحة المعلن قبل المشاهد. وتجمع غالبية آراء المشاهدين على أهمية الارتقاء بالصورة الإعلامية المحلية، وأكدوا عدم موافقتهم على المشادات التي تحصل، مشيرين إلى أن المنافسة مشتعلة، لكنها مشروعة، ولا تدخل في إطار الحروب فيما بينهم، فخيوط التواصل بين أصحاب المحطات والعاملين بها قائمة، لكن مصلحة التقدم المهني تفرض شروطا أخرى. وينتقد الكثيرون بعض البرامج التي تحولت إلى “فضائحية” بدل أن تكون اجتماعية، ويقولون إن تعزيز الوضع المادي للمحطات ربما يساهم في أن تهدئ من روعها وتتوجه أكثر نحو الأعمال الإبداعية. ويتساءل البعض عن دور وزارة الإعلام والمجلس الوطني للإعلام، فإذا كان دور وزارة الإعلام أن تحمي المحطات من الإقفال فهي لم تلعب هذا الدور، وإذا كان دورها منع بث برامج تحرض على الفتنة وتخرب الأمن القومي فلا يبدو أي أثر لهذا الدور، إذ تظهر الحاجة ماسة إلى قيود لمنع الفوضى فيما الخلافات السياسية بين المحطات يجب أن تبقى ضمن الأطر القانونية وخلف الكواليس.
مشاركة :