هل نجت منطقة اليورو من الأزمة الاقتصادية التي عصفت بها منذ فترة بعيدة؟ سؤال يطرحه كثير من المراقبين والمتابعين لأسواق القارة العجوز، الذين تباينت آراؤهم ووجهات نظرهم إزاء التطورات التي شهدتها المنطقة منذ عام 2008 وإلى الآن، فمنهم من يرى أن العملة التي وحدت 19 بلداً قد تجاوزت محنتها، وبدأت تستعيد توازنها وقيمتها التي كانت عليها سابقاً، فيما لا زال آخرون يشككون في جدوى الإجراءات التي تم اتخاذها لاسيما بعد شهور طوال من سياسة التحفيز الكمي التي تبناها البنك المركزي الأوروبي ورئيسه ماريو دراغي, بحسب تقرير نشرته نيو يورك تايمز. محللون غربييون عدة باتوا يعتقدون أن الأزمة الاقتصادية التي أثرت في عدد من الدول الأوروبية سابقاً ربما تكون قد انتهت، ودعموا موقفهم بالنتائج الأخيرة التي توضح الانتعاش الذي شهدته بعض القطاعات الاقتصادية المفصلية لا سيما البيانات التي نشرها الاتحاد الأوروبي الجمعة، التي أظهرت أن معدل النمو الاقتصادي في جميع البلدان التي تستخدم العملة الموحدة قد ارتفع بنسبة 0.6% خلال الربع الأول من العام الجاري، مقارنة مع الأشهر الثلاثة التي سبقتها، مانحة أسهم الشركات الأوروبية دفعة كبرى، حققت من خلالها مكاسب جديدة. وبالنظر إلى نسبة النمو هذه، التي في حال استمرت خلال الأرباع المالية المتبقية من هذا العام، فإنها ستحقق معدل نمو سنوي يقارب 2.2%، وبه سيكون الناتج المحلي الإجمالي السنوي من السلع والخدمات التي تنتجها منطقة اليورو، الأعلى للمرة الأولى منذ عام 2008، الذي شهد الأزمة المالية، وأدى إلى حدوث ركود اقتصادي عام في معظم القارة. إيان بيغ، الباحث في معهد لندن للدراسات الاقتصادية، يرى بأن الانتعاش الاقتصادي الأوروبي، الذي طال انتظاره حدث أخيراً وبشكل يدعو للتفاؤل، مع النتائج الأخيرة التي أعلن عنها البنك المركزي الأوروبي والبيانات القادمة من هنا وهناك التي تشير إلى تحسن أداء القطاعات الاقتصادية الرئيسية في معظم بلدان اليورو. وفي المقابل لا زال عدد من المتابعين متشائمين وينظرون إلى النتائج الأخيرة على أنها مؤقتة، ولن تصمد طويلاً في ظل ما تشهده الساحة العالمية من تطورات، ويرى بعضهم أن التفاؤل بعودة الاقتصاد الأوروبي إلى مساره الذي كان عليه قبل الأزمة المالية سابق لأوانه، خاصة وأن بيانات تقرير البطالة الذي صدر الجمعة تظهر بأن النسبة للعاطلين عن العمل في منطقة اليورو، لا زالت أكثر من 10%، أي أكثر من ضعف نسبة العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي دفع الخبير الاقتصادي والمحاضر في جامعة كولومبيا ستيف ستيغليتز إلى القول إن تقرير البطالة يعد دليلاً واضحاً على فشل السياسات الاقتصادية التي يتبعها البنك المركزي الأوروبي منذ شهور عدة، مضيفاً أن على المسؤولين الأوروبيين أن يشطبوا هذا العقد من تاريخهم، لأنهم لم ينجزوا فيه أي شيء يذكر. نيويورك تايمز
مشاركة :