لن يكون يوم 30 إبريل/ نيسان 2016 عادياً في تاريخ كرة الإمارات، لن يكون مجرد ورقة في روزنامة التاريخ لكرة ستدخل ابتداء من اليوم فجراً جديداً. فجر جديد أشرق على كرة الإمارات، بعدما شهدت انتخابات اتحاد الكرة الإطاحة بالحرس القديم من قبل أعضاء العمومية، واستبدالهم بجيل جديد قد يحمل معه البشرى لكرة الإمارات. ماذا حصل؟ ربما لم تعرف كرة الإمارات في تاريخها أحداثاً ومشاهد كتلك التي حصلت طوال الساعات ال24 الأخيرة، كان كل أبناء أسرة الكرة الإماراتية يدركون أنهم على موعد غير عادي، وأنهم أمام أصعب وأهم اختبار إداري في تاريخ الكرة محلياً. ليل العاصمة أبوظبي، تحول إلى نهار عند المرشحين، لم ينم أي منهم مبكراً، كانت خطوط الهواتف واللقاءات السرية منها والعلنية تدور في أروقة مقر الإقامات ما بين الفنادق وصولاً إلى المقاهي، دون نسيان الاتصالات الدولية التي نالها بعض من المرشحين. قبل أن يسدل الليل، كان الخطر قد دق باب رئيس الاتحاد السابق يوسف السركال، الذي سرع من وتيرة الاتصالات، وقام بمحاولات لجذب بعض الأصوات، بعدما شعر بنوع من القلق والخوف على المصير. اتصالات ساعات الليل، حاولت أن تبدل سير ووجهة أصوات بعضهم، بعدما نزلت الوعود الانتخابية على الطاولات، حتى وصل الأمر إلى مسؤول لعقد اجتماع موسع في أحد الفنادق، ليسهم في إقناع بعض الأندية في التصويت لصالح السركال. كلام الليل الموعود، أعاد البسمة إلى وجه السركال، الذي حضر إلى مركز الأرشيف الوطني بثقة وصلت إلى درجة الاطمئنان على أن العودة إلى الخوانيج، حيث مقر الاتحاد ليست سوى مسألة وقت حتى يعلن محمد العامري رئيس لجنة الانتخابات فوزه الموعود. طموحات بويعقوب لم تكن كذلك في صناديق الانتخاب، فذابت ثلوج الوعود في الصناديق باختيار الأندية لبداية عصر جديد... عصر اسمه زمن مروان بن غليطة على رأس هرم كرة الإمارات. ثورة التغيير أما مروان بن غليطة، الذي سرق عقول وقلوب أعضاء الجمعية العمومية من خلال البرامج التي تقدم بها، والوعود التي أطلقها فقد أسهمت في وصوله إلى سدة الرئاسة. لم يكن مروان بن غليطة اليد الواحدة التي تصفق، بل وجد دعماً ومساندة من بعض المفاتيح الانتخابية التي مهدت له الطريق، وأسهمت في فتح الأبواب له حتى يدخل بيوت كل الأندية، ويطرح آراء الإصلاح والتغيير، بما يضمن وصول اللعبة إلى المكانة التي يأمل بها كل إماراتي. وشكل وعد ابن غليطة وفكره المتطور بمنح أندية الدرجة الأولى 25% من ميزانية اتحاد الكرة كلمة السر، مما حفز أندية المظاليم على شراء الوعد على وعود السركال بتأمين إيرادات بقيمة 35 مليون درهم. لقاء وضحكة وقبلات... وسبحة في باحة مركز الأرشيف الوطني، التقى يوسف السركال ومروان بن غليطة فكان اللقاء، ومن ثم الضحكات والقبلات، قبل أن يتمنى السركال في تصريح إعلامي لو ترشح مروان إلى منصب نائب الرئيس حتى يكتسب الخبرات. ضحكات السركال ومروان أمام عدسات الإعلاميين وتحت أنظارهم، تحولت إلى لحظات من القلق والخوف عند تصويت أعضاء العمومية، قبل أن ترتفع دقات القلوب لكل منهما، حتى كاد أن يسمعها كل الأعضاء. العيون امتلأت بالدموع.. مع ذكر اسم المرشح في كل مرة كان ينطق به لسان العامري رئيس لجنة الانتخابات، الأصوات والأرقام تلاعبت بالأعصاب.. لم تترك أحداً إلا وقد حرك يديه تفاعلاً مع السباق الانتخابي.. مروان يتقدم 2-صفر، والسركال يعادل 2-2.. ليتقدم 4-2.. تظهر نصف ابتسامة على وجه بويعقوب، فقد اقترب حلم التجديد.. السعادة تنتقل إلى وجه مروان بن غليطة.. حين تتعادل الأرقام 4-4، ليعود ويتقدم 6-5.. 7-7، كانت المرة الأخيرة التي تتساوى بها الأرقام، بعدها بدأ العداد يشتغل لصالح ممثل نادي النصر، فتقدم 11-8، و13-11، و16-12. عندها أرخى السركال ظهره إلى الخلف.. بدا كمن أدرك أنه قد آن الأوان لتسليم الراية.. وصل مروان بن غليطة إلى الرقم 17.. وضحت الابتسامة الكبيرة على وجه بو محمد قبل أن تنفجر القاعة احتفالاً وتصفيقاً مع الإعلان الرسمي عن فوز ابن غليطة. نهض السركال.. قاوم مرارة الهزيمة القاسية.. بل ربما واجه الضربة القاضية في مشواره الرياضي، توجه بالتهنئة إلى الرئيس الجديد، عاد ليجلس على الكرسي الأحمر.. مسك السبحة.. حركها رويداً رويداً.. ثم سرع حركة الأصابع.. حتى كادت حبات السبحة أن تصرخ أرجوك ارحمني. صعد مروان بن غليطة فوق مقعد الرئيس.. بدأت عملية التصويت والاقتراع لمنصب نائبي الرئيس.. فاز سعيد الطنيجي وعبد الله ناصر الجنيبي. تلقى نائبا الرئيس التهنئة، خرج السركال من القاعة.. خرج من الباب الخلفي.. ليغلق الباب على مسيرة عامرة من العطاء، ومن منا لا يذكر فضل بويعقوب وتضحياته. خرج، ربما قبل أن تخرج الدمعة من عيونه أمام الملأ.. وهو من عرف طعم حلاوة النجاح ومرارة الفشل. الفشل في الثلاثين من إبريل السركالي، أعاد إلى الذاكرة المشهد الثاني من مايو/أيار 2013، حين خسر بويعقوب معركة منصب رئيس الاتحاد القاري أمام الشيخ سلمان بن إبراهيم بفارق 33 صوتاً مقابل 6 أصوات. في كوالالمبور.. استطاع السركال أن ينهض.. أن يخرج من القاعة.. أن يخاطب الإعلام بجرأة وشجاعة.. أما في أبوظبي، فقد فضل الخروج من الباب الخلفي.. ربما فضل معه أن يغلق الباب، وأن يسدل الستار على مشوار طويل بدأه في نادي الشباب.. وأنهاه وهو يحمل على صدره اسم وعلامة نادي الشباب.
مشاركة :