يقولون في مكة المكرمة كلام الليل مدهون بزبدة إذا طلعت عليه الشمس ساح!، ويقول مثل عربي: كلام الليل يمحوه النهار، وكلا القولين يدل على رغبة في التنصل من موقف أو عهد أو وعد اتخذ أو قطع في لقاء ليلي، على أن يبدأ ما اتفق عليه في الليل، اعتبارا من صباح اليوم التالي، فإذا نكص طرف من أطراف الاتفاق على عقبيه وتنصل من الموقف الذي اتخذه ليلاً أو من الوعد أو العهد الذي قطعه على نفسه، استدعى أحد المثلين السابقين وقال لمن اتفق معه: كلام الليل مدهون بزبدة أو كلام الليل يمحوه النهار، هذا إن كان قادراً على المواجهة ووجه سميك مثل كفر «التريللا» لا يحمر ولا يصفر، أما إن كان في وجهه شيء من الحياء فإنه يحاول التملص والتنصل مما تم الاتفاق عليه أو وعد به عن طريق المراوغة وقطع وعود جديدة بأنه سوف يقوم بما وعد به وقد لا يجد الطرف الآخر أمامه سوى قبول الوعود الجديدة لعل وعسى مردداً بينه وبين نفسه: «خلينا نوصل الكذاب إلى حد الباب»! وعلى الرغم من أن عدم الالتزام بالوعود خصلة من خصال النفاق كما جاء في الحديث النبوي الشريف، فإن كثيرا من الناس في هذا الزمان باتوا لا يلتزمون بالوعود أو بالعقود، بل إنهم يعتبرون خلفها والتنصل منها دهاء وذكاء وشطارة وقد يستخدمون عبارات ركيكة للمفاخرة بخلفهم للوعود مثل قولهم: «جاءني فلان فوعدته ثم شممته كازاً!، أو وعدته ثم زحلقته»، فإذا تباهى الواحد منهم بهذه الخصلة من خصال النفاق وجد نظرات الإعجاب تلاحقه من أصدقائه زملائه، ولذلك فلا عجب أن يتكاثر المخلفون لوعودهم ويصبح الذين يفون بها نادرين وربما متهمين بالسذاجة وقلة الحيلة ولله في خلقه شؤون!!
مشاركة :