نشر موقع "ساينتفيك أميركان" تقريرًا سلط فيه الضوء على المخاطر والشكوك المحيطة بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي في اتخاذ قرارات استثمارية هامة. التقرير أشار إلى أن العديد من الصناديق الاستثمارية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي فشلت في تحقيق العوائد المتوقعة، ما يبرز نقاط الضعف العميقة في هذه التكنولوجيا التي يراها البعض مبالغًا في قدراتها. وأوضح الكاتبان سام وايت وجاري ن. سميث أنه منذ إطلاق "شات جي بي تي" في نوفمبر 2022، وانتشار روبوتات الدردشة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، شهد العالم ردود فعل مليئة بالدهشة والإعجاب. ووصف رائد الأعمال مارك أندريسن هذه التكنولوجيا بأنها "سحر خالص"، فيما اعتبرها بيل غيتس بأنها توازي في أهميتها الحاسوب الشخصي والإنترنت، كما أضاف سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة "غوغل"، أن الذكاء الاصطناعي يمثل أعمق تقنية عملت عليها البشرية، في حين شبهها جيفري هينتون، الحائز على جائزة تورينج، بالثورة الصناعية من حيث تأثيرها. ولكن وعلى الرغم من هذه الإشادات الكبيرة، أشار التقرير إلى أن الذكاء الاصطناعي، وعلى مدى 70 عامًا، لم يحقق الكثير من وعوده المبالغ فيها، حيث أظهرت التجربة أن نماذج التعلم الآلي مثل "شات جي بي تي" ليست بالذكاء الحقيقي الذي يمكن الاعتماد عليه في اتخاذ قرارات حاسمة مثل التوظيف، وإصدار الأحكام القضائية، ومنح القروض، والاستثمار. وتطرق التقرير إلى تجربة الصناديق الاستثمارية التي تعتمد بشكل كامل أو جزئي على الذكاء الاصطناعي، ففي عام 2017، أطلقت منصة "إيكوبوت" أول صندوق استثمار متداول في البورصة يعتمد بالكامل على الذكاء الاصطناعي، وحمل رمز التداول "آيك". ورغم الوعود الكبيرة التي رافقت إطلاق هذا الصندوق، مثل القدرة على محاكاة جيش من المحللين وإزالة الخطأ البشري، فإن النتائج لم تكن على قدر التوقعات. كما أطلقت شركة "هورايزنز"، التي أصبحت الآن "غلوبال إكس"، صندوق "مايند" الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات الاستثمارية، ورغم الحماس الكبير لهذه التقنيات، لم تحقق هذه الصناديق الأداء المرجو، حيث كان عائد "آيك" أقل بكثير من مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، فيما أغلق صندوق "مايند" أبوابه في عام 2022 بعد أداء ضعيف. وأجرى الكاتبان تحليلًا شاملًا للصناديق الاستثمارية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وأظهرت النتائج أن معظم هذه الصناديق لم تحقق الأداء المطلوب مقارنةً بمؤشر "ستاندرد آند بورز 500". وتوصلا إلى أن الصناديق التي تعتمد بشكل كامل على الذكاء الاصطناعي حققت أداء أقل بكثير من نظيراتها التقليدية، حيث خسر معظمها أموال المستثمرين، وقد أغلقت العديد من هذه الصناديق أبوابها بعد فترة قصيرة من إطلاقها. أكد التقرير على أن نقطة الضعف الأساسية في أنظمة الذكاء الاصطناعي تكمن في عدم قدرتها على تقييم مدى منطقية الأنماط الإحصائية التي تكتشفها، فالخوارزميات قد تعتمد على علاقات غير منطقية بين البيانات لاتخاذ قرارات استثمارية، مثل الربط بين أسعار الأسهم ودرجات الحرارة في مدينة معينة، وهو ما حدث بالفعل في إحدى الحالات. واختتم الكاتبان التقرير بالتحذير من الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات المهمة، خاصة في مجال الاستثمار، مؤكدين على ضرورة تطوير هذه الأنظمة لتفهم معنى الكلمات وكيفية ارتباطها بالعالم الحقيقي قبل أن تصبح قادرة على اتخاذ قرارات موثوقة.
مشاركة :