«النخلة».. رمز الخير وشاهد على تراث الأجداد

  • 8/29/2024
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ظلت النخلة منذ القدم إلى يومنا هذا شامخة وحاضرة في التراث الإماراتي، وشاهدة على عراقة وأصالة الماضي، فهي تشكل رمزاً للكرم والحفاوة، وإرثاً ممتداً ينتقل من الأجداد إلى الأحفاد حاملاً معه الكثير من المشاعر للأبناء. وللنخلة حكاية في قلب كل إماراتي، سواء على صعيد التاريخ، أو على صعيد تحقيق الرفاه الاقتصادي، فهي ثروة وطنية لها تأثيرها القوي في الماضي والحاضر، وهي ليست مصدراً للغذاء فقط، بل دخلت في جوانب الحياة المختلفة، فبنيت البيوت من سعفها، ودخلت في الزينة وصناعات مختلفة. وحظيت زراعة النخيل بالاهتمام على أعلى المستويات، إذ تم تخصيص مؤسسات وهيئات لدعمها بتوجيهات من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عندما قال: «أعطني زراعة أضمن لك حضارة»، حيث كانت النخلة أساساً لمشروعه الزراعي والبيئي. بالإضافة إلى إقامة المهرجانات والمعارض المتخصصة التي تشجع المواطن على فتح قنوات تسويقية لدعم منتجات التمور المحلية، وتهدف إلى بذل الجهود المتواصلة لتوعية المزارع بأساليب الزراعة والإنتاج الحديثة، لتوفير أجود أنواع الرطب بمذاق رائع وجودة عالمية. يقول راشد مهير الكتبي رئيس لجنة الفرز والتقييم لمهرجان الذيد للرطب: توجد عدة أصناف للنخيل، منها القديم ومنها الحديث ومنها المبكر ومنها المتأخر، ومن أصناف الرطب القديمة والتي ما زالت موجودة في دولة الإمارات: «النغال» و«أبو كيبال» و«الخنيزي» و«اللولو والخصاب»، وبفضل تشجيع الحكومة تم إضافة أصناف حديثة منها «الخلاص» و«البرحي» و«الشيشي» وغيرها، كما حضرت أصناف جديدة مع تبادل النخيل مع دول أخرى. ويضيف: خطت دولة الإمارات خطوات متقدمة نحو الاستفادة من التقنيات الحديثة في مجال زراعة النخيل، من خلال توظيف التكنولوجيا بصورة مثالية، انعكست على الأداء في هذا القطاع الحيوي، فقد اهتمت باستنساخ بعض أنواع النخيل النسيجية ذات الجودة العالية لإكثارها، ومن هذه الأصناف «حلوة دبي»، «أم الدهن»، «غندة»، «خلاص الإمارات»، «نوادر»، «شمشولة»، «ثمود» وغيرها من الأصناف الأخرى التي تعد من أجود أنواع الرطب. ويشيد الكتبي بجهود القيادة الرشيدة لترسيخ المكانة التاريخية للنخيل الذي يحتل مكانة كبيرة في التراث الإماراتي قائلاً: في كل عام تقام مهرجانات تشجيعية على مستوى الدولة لمزاينة الرطب وإكثار النخيل ذي الجودة العالية، وهي مهرجان ليوا للرطب، مهرجان الذيد، مهرجان دبي للرطب، مهرجان عجمان للرطب. غرس وعناية ويتحدث مطر بن مفتاح الشامسي من العين وهو خبير في زراعة النخيل ومن أبرز المشاركين في المهرجانات على مستوى الدولة: يتم غرس النخيل في الإمارات في أشهر مايو وأغسطس وسبتمبر وأكتوبر، حيث تتم زراعة الفسائل حسب الصنف ثم العناية بها وتسميدها، مع مراعاة ترك مسافة من 5 إلى 6 أمتار بين النخلة والأخرى، وعادة ما تبدأ بالإنتاج بعد 3 سنوات من غرسها. وعن العناية بالنخيل يقول الشامسي: يجب أن تكون مستمرة على مدار العام، إذ لها تأثير مباشر على المواصفات الكمية والإنتاجية للمواسم القادمة، وتبدأ ما بعد جني الثمار في الموسم السابق بالتنظيف وهي إزالة السعف والعذوق الميتة والتعشيب والتكريب، ثم تسميد الأشجار لتجهيزها للموسم القادم. ويضيف: يتم جني الثمار على مراحل: المرحلة الأولى (التلقيح) أو (التنبيت) تكون من بداية شهر فبراير إلى وسط مارس يتم فيها خف العذوق حتى يخف الحمل على النخلة ونضمن جودة عالية للثمار، بينما المرحلة الثانية تسمى (الخلال) أو (البسر) تكون من بداية شهر أبريل إلى أواخر مايو تبدأ فيها الثمار بالظهور على العذوق وهنا تتم عملية التفريد، وتظهر تباشير الرطب من بداية يونيو إلى بداية يوليو وتسمى رطب «النغال». حيث يبدأ موسم جني رطب الخرائف حتى منتصف أغسطس. ويطلق اسم الخرائف على التمور الإماراتية المحلية مثل «الخلاص» و«أبو معان» و«الخنيزي» و«السلطانة» و«الفرض» و«الزاملي» وغيرها، ولكل صنف من هذه التمور طعم ومذاق. شجرة مباركة ويقول خليفة راشد بن حمود الطنيجي، عضو لجنة مهرجان الرطب بالذيد: النخلة شجرة مباركة لذكرها في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ولتعدد فوائدها، وهي من أشهر الأشجار في منطقة الخليج العربي، وتشكل ثقافة مهمة تعلق بها أبناء الجزيرة العربية، فوجودها بالنسبة لهم إرث حضاري وغذاء يستمدون منها قوتهم وطاقتهم البدنية. وبالنسبة للمجتمع الإماراتي، اهتم الكثير من المواطنين بزراعتها، حيث نرى فرحة الأهالي بعودة أيام المقيض لإطفاء حر الصيف بمياه «الشريعة» وهي أفلاج المياه القديمة الموجودة في واحات النخيل، حيث يتلهفون لملاقاة بشرة الموسم، والتي كانت مقترنة بداية بنضج النغال في الإمارات الشمالية والعين، والدباس في المنطقة الغربية. وهنا ننوه أن هذين النوعين لم يعودا حكراً فيما بعد على منطقة معينة نتيجة تبادل الخبرات ضمن الدولة.ط ويضيف: ترسخ المهرجانات أهمية النخلة كجزء من الهوية الوطنية للإماراتيين، فهي تقدم الفرصة للحرفيين لعرض صناعاتهم التي تدخل فيها منتجات النخيل، كما تسعى إلى إشراك الأطفال في المسابقات، لنقل هذه الثقافة للأجيال القادمة. حيث تشجع هذه المهرجانات على الاهتمام بالنخلة التي تمثل موروث الأجداد.ط ويوضح، قائلاً: دخلت منتجات النخيل منذ القدم في صناعة عدد كبير من المنتجات الحرفية فقد استخدمت جذوعها في صنع الأعمدة والزينة، وسعفها في بعض الأدوات المنزلية التي اشتهر بها آباؤنا وأجدادنا منها «السفافة»، و«المندبان» و«السيّم» و«الدعن» و«المشب» و«الصراريد» وغيرها. كذلك استخدم سعف النخيل في بناء بيوت العريش والخيمة والمظلة والمباني السكنية القديمة في الماضي، والتي أصبح وجودها في الحاضر ضرورياً في المتاحف وعند الاحتفال بالأيام التراثية لإبراز الجانب الثقافي للإمارات. Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :