«بيت ديكسون» دار أول معتمد بريطاني في الكويت

  • 9/3/2024
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في الجزء السابع من مشروع موسوعة معالم مدينة الكويت القديمة، الذي أصدره مؤخراً مركز البحوث والدراسات الكويتية بإشراف د. عبدالله الغنيم، يكشف الفريق البحثي القائم على إعداد الدراسة اللثام عن صور نادرة ومعلومات قيمة تتعلق بمجموعة من الفرجان والأحياء القديمة والمعالم التراثية، تشمل فريج ابن الرومي (الشملان) ومحلة العصفور والعسعوسي والنصف، ومحلة مسجد أحمد العبدالله، وفريج البحارنة، إلى جانب محلة براحة المجيبل والميدان. وفي مقدمة الإصدار، يقول د. الغنيم إن مركز البحوث يقدم في هذا الجزء من المشروع المتكامل المعتمد على الوثائق الرسمية للملكية، صورة الجغرافية التاريخية للبلاد بأبعادها السكانية والعمرانية وتوزيع الأنشطة المختلفة المتعلقة بحياة الناس كواقع الأسواق والمؤسسات الحكومية، إلى جانب أسماء السكان والسكك المختلفة، والساحات بين المنازل (البرايح) فضلاً عن تعريف بمصطلحات ذلك العصر. ويمنح هذا المشروع، وفقاً للفريق البحثي، الأجيال الحالية والقادمة ممن لم يرَ مدينة الكويت القديمة، الحق في أن تتعرف على المكان الذي عاش فيه الآباء والأجداد وتفهم طرق معيشتهم وما تكبدوه من ضنك العيش والسعي في طلب الرزق، خصوصاً في مدينة مثل الكويت التي لها جذور تاريخية تمتد لأكثر من ثلاثة قرون... وفيما يلي قطوف مما تضمنه هذا الإصدار يلقي أغلبها الضوء على «بيت ديكسون». مقر المعتمدية البريطانية المشهور بـ «بيت ديكسون» العقار عبارة عن قسمين، القسم (أ) - الشرقي - عبارة عن بيت ملك أسرة بن زيد، حيث تملكه مبارك بن سعيد بن زيد بالشراء من محمد بن ياقوت، بشهادة نصف بن بدر وأحمد بن عمر وجاسم إلياس ومحمد بن غانم، وذلك بموجب الوثيقة المؤرخة 9 صفر 1279هـ (6/ 8/ 1862م). ومساحة هذا البيت 1062.5م2، وتم تثمينه من قبل الدولة بمبلغ 2619565 ديناراً كويتياً بموجب الوثيقة رقم 1140/1978م. رسالة من هارولد ديكسون الوكيل السياسي في الكويت إلى عبدالله الحمد الصقر بخصوص تصليح جدار بيتهم رسالة من هارولد ديكسون الوكيل السياسي في الكويت إلى عبدالله الحمد الصقر بخصوص تصليح جدار بيتهم القسم (ب) - الغربي - عبارة عن ديوان ملك الطواش محمد بن علي بن موسى العصفور. يذكر المرحوم سيف الشملان أن «الديوان الذي كان يجلس فيه الطواش محمد العصفور أصبح دار الاعتماد البريطاني، حيث وضعت بريطانيا عام 1904م أول معتمد سياسي لها في الكويت، وهو الكولونيل نوكس، فأسكنه الشيخ مبارك في ديوان ابن عصفور، ثم ضُم إلى الديوان بيت آخر (بيت أسرة ابن زيد) المجاور له، ويقع في الجهة الشرقية مقابل بيوت العسعوسي، وأدخله على دار الاعتماد البريطاني، وهما الآن بيت ديكسون، وتقيم فيه زوجته قرب وزارة الصحة». كتب الأستاذ خالد العبدالمغني: «تم اختيار الضابط الإنكليزي الميجر نوكس Knox لمنصب المعتمد السياسي في الكويت، وهو قائد سابق في الجيش الهندي، وقد وصل الكويت من بوشهر في 7 أغسطس 1904م. وقد سكن الميجر نوكس عندما وصل إلى الكويت في أحد المنازل التي تعود للشيخ مبارك الصباح لمدة 26 يوماً، وقد اصطحبه الشيخ مبارك، في صباح اليوم الأول، بجولة حول البيت الذي اختاره له للعيش فيه، وقد وجده غير ملائم للسكن، ومن ثم قام بفحص بيت آخر أوسع يقيم فيه وكيل شركة جري بول وشركاهم Gray Paul and Co (وكيل شركة الهند البريطانية للملاحة)، لكن بالرغم من أنه أكثر اتساعا ومغلق من جهاته الأربع، فقد وجد أنه يحتاج إلى الكثير من التعديلات المكلفة قبل إعداده ليكون ملائماً لدار اعتماد سياسي. وكان المعتمد السياسي الجديد الميجر نوكس يبحث عن بيت تتوافر فيه أجنحة للكتبة والحراس والخدم، وكذلك عن موقع لصيدلية ومكتب تلغراف ومكتب بريد، وإسطبل، وعلى الساحل، وعن مكان لقارب قريب من البحر، وقد وجد بيتا فيه هذه المواصفات، وعلى امتداده أرض مسورة - أي حوطة - ملك لأحد التجار، فسعى المعتمد إلى الإيعاز لحكومة الهند البريطانية لشرائها، أي تملّكها، وذلك لبناء بيت مناسب لإقامة المعتمد. وثيقة شراء بيت مبارك بن سعيد بن زيد الذي ضُم إلى مبنى المعتمدية البريطانية وثيقة شراء بيت مبارك بن سعيد بن زيد الذي ضُم إلى مبنى المعتمدية البريطانية وقد اختار الشيخ مبارك الصباح للمعتمد السياسي موقعا آخر غير الموقع الذي اختاره أولا، ويعود البيت الجديد إلى أحد التجار هو محمد بن علي العصفور، وقام ابنه جاسم بن محمد العصفور بالإمضاء على عقد الإيجار عن عائلته، وقام بترتيب عقد الإيجار الشيخ مبارك الصباح، وقد جاءت شروطه مناسبة جدا، مقابل إيجار شهري قدره عشرون روبية، (وهو مبلغ قليل جدا حسبما وجده نوكس) - ويقع المنزل الذي يطل على البحر قبالة قصر السيف (مقر الحاكم) ناحية الشمال، وبناؤه مشيّد من الطين شأنه شأن أغلب البيوت في ذلك الوقت، وهو عبارة عن دور أرضي به عدد من الدور (جمع دار، وهي التي تكون في الدور الأرضي)، ويعلو سطحه غرف وباكدير مبنية عند حافة السطح، لتسمح بمرور النسيم البارد مساء، وبينها مساحة مفتوحة تستعمل مكانا للنوم صيفا، وفي الخلف توجد بئر ماء وحوش واسع ممتد به عدد من الغرف كانت تستخدم مخازن، أو حظائر لتربية الأغنام والماشية. الميجر نوكس سكن في أحد المنازل التي تعود للشيخ مبارك الصباح مدة 26 يوماً تفويض بالإصلاح وقد باشر الميجر نوكس عمل بعض الإصلاحات والتعديلات في السكن قبل إقرار العقد من قبل الحكومة الهندية وأخذ الموافقة منها بقيمة تكلفة الإصلاحات الضرورية، ليلبي المقر المتطلبات التي تلائم وتليق بمكتب المعتمد السياسي والسكن الخاص به، وتليق بمكان مناسب تقدم فيه الخدمات الإدارية والصحية والبريدية، على أن البيت بعد إتمام تعميره سيحتوي على أربع غرف كبيرة مع أخرى كبيرة ومخزن في الطابق الأرضي، وفي الدور الأول ستكون هناك ثلاث غرف، ومن الغرف التي في الطابق الأرضي هناك غرفتان كبيرتان ستستعمل إحداهما بصورة حصرية للجمهور، والأخرى ستستخدم مكتباً وغرفة ضيافة للزائرين، وإحدى الغرف في الدور الأول ستكون المكتب الخاص للمعتمد، أما بقية الدار فتستخدم للشؤون الخاصة بالسكن للمعتمد وخدمه. وقد صرف المعتمد نوكس مبلغاً يعادل 650 روبية هندية، وكان المقدر أن يصل المجموع مع بقية المصروفات المتوقعة على البيت إلى 1000 روبية، ويعتبر المبلغ المصروف للإصلاحات جزءاً من الإيجار المستحق، كما نص العقد صراحة على تفويض نوكس في إصلاح البيت إذا ما رأى ذلك مناسبا وبأي مصروفات يتم خصمها من الإيجار، وأن مالك المنزل سيتقاضى الربح المتمثل «في التحسينات» التي يدخلها المستأجر على المنزل. وقد لحقه الطبيب داود الرحمن فيما بعد بتاريخ 30 أكتوبر 1904م، من أجل افتتاح العيادة الصحية والصيدلية، بهدف تقديم الخدمة الصحية لأعضاء دار الاعتماد وكذلك للسكان الكويتيين، وكانت الخدمة الصحية تقدّم للمرضى الزوار من المواطنين بالمجان، وفي حال انتقال الطبيب لزيارة المريض في منزله، فعلى المريض أن يدفع أجرة العلاج. نوكس أجرى عدة تعديلات بالسكن قبل إقرار الحكومة الهندية العقد وموافقتها على تكلفة الإصلاحات الضرورية خدمة صحية وبريدية وطالما وصل داود الرحمن الذي اختير في السابق للإشراف على الخدمة البريدية، إلى جانب عمله الأساسي طبيباً، فهذا يعني أن مقر المعتمد قد باشر بتقديم الخدمة البريدية مع الخدمة الصحية في آن واحد، وقد قررت له منحة قدرها مئة روبية أجرة مضافة لمرتبه الشهري نظير الإشراف على الخدمة البريدية، أما عامل البريد الهندي المرافق فكان يتقاضى راتبا شهريا قدره عشرون روبية، وأما المعتمد نوكس فيعد المسؤول المباشر عن الشؤون البريدية». ويقول السيد سيف مرزوق الشملان: «الكولونيل شكسبير، وهو الضابط البريطاني المعروف والبحاثة والمصور أيضاً، والذي قتل في معركة جراب بنجد سنة 1915م، هو الذي بنى الطابق الأول لسكنه واستقبال ضيوفه، وهو المكان الذي كانت تسكنه أم سعود وزوجها (هارولد ديكسون)، كما بنى ملحقا آخر لسكن ضيوف القنصلية». البيت شُيِّد عام 1858 على الطراز العربي المعتاد ومناسب لسكن البريطانيين ملاحظات على المبنى جاء بتقرير أعده عبدالوهاب، المرؤوس الأعلى، موجّه إلى المهندس التنفيذي، قسم الخليج العربي، يحمل رقم 80 ومؤرخ في 3/ 5/ 1928م الآتي: «يسرني إبلاغكم بأنني قمت بفحص مبنى الوكالة في الكويت، ولديّ الملاحظات التالية: وقد تم تشييد المبنى منذ حوالي سبعين عاماً (أي عام 1858م) على الطراز العربي المعتاد، ومناسب لسكن البريطانيين، وقد كانت تجرى عليه الإضافات والتعديلات من وقت لآخر. ويتكون الطابق الأرضي من المكتب الرئيسي، والمكتب العمومي، والمخازن، والمطبخ، بينما يتكون الدور الأول من مكتب الوكيل السياسي، والجزء المخصص لسكنه. ويوجد داخل المجمع دار ضيافة، وبيوت خارجية، وأماكن مخصصة للخدم، ومكتب البريد. تمت تكسية أرضيات المكتب الرئيسي والمكتب العمومي بطبقة أسمنتية، لكن الحالة العامة للمبنى سيئة للغاية، خاصة أرضيات المطبخ والشرفة المواجهة له، والشرفة القريبة من المكتب. لا يوجد أي من الجدران مستقيمة. إن عدم وجود قاعدة وطبقة مقاومة للرطوبة يسمح للرطوبة الأرضية بالتغلغل في الجدران إلى ارتفاع 3 أو 4 أقدام من مستوى الأرض، مما يساعد على تدهور الكتلة الطينية. تم إصلاح ذلك عن طريق التثبيت وطبقة من الجص، ولكن لم تتحسن الحالة، حيث إن الجص أو الجتش (Gutch) لديه انجذاب كبير للمياه، مما أدى إلى التبخر، ومن ثم تفتت الملاط، فأصبحت الجدران مجوفة، مما زاد من قبح المبنى. إن المناخ الجاف في الكويت هو الوحيد الذي يجب على المرء أن يعزو فيه سبب وجود المبنى وعمره الطويل. وهذا لا يعني أن المبنى سيصمد لفترة طويلة. البيت ضُم عام 1990 إلى «الوطني للثقافة» وأصبح متحفاً باسم «مركز ديكسون الثقافي» الطابق الأول، باستثناء الشرفة الأمامية، المرصوف بآجر البصرة المربع المهترئ، في حالة جيدة، حيث ظل دائما قيد الإصلاح. حالة المنزل الخارجي ليست سيئة للغاية، وتتطلب أرضية بيت الضيافة عمل طبقة أسمنتية وجصًا للجدار الخلفي. جميع الأبواب والنوافذ (الخشبية) تتطلب الدهان (وارنيش). أما مكتب البريد فحالته سيئة، وإذا كان مكتب البريد سيبقى في نفس المبنى، فيجب تجديد الطابق على الأقل. جميع إطارات (شراشيب) أبواب المبنى الرئيسي مائلة ومنفخة، مما يدل على أن المبنى في حالة انهيار بطيء، بسبب تفتت وتساقط الملاط. وهذا أيضًا يفسر الشقوق الصغيرة في جميع أنحاء المبنى. جميع العيوب والشقوق السيئة التي أشرت إليها قام بإصلاحها الوكيل السياسي، ولكن كل هذا لا يضمن بأي حال من الأحوال عمر المبنى لأكثر من 6 أو 7 سنوات... إلخ ما جاء بالتقرير». عقب وفاة ديكسون عام 1959 بالكويت ظلت زوجته تستأجر البيت حتى وقوع الغزو عام 1990 مركز ديكسون الثقافي وقد اشتهر بتسميته بيت ديكسون لأن آخر من سكنه هو الوكيل السياسي البريطاني في الكويت هارولد ريتشارد ديكسون (Harold Richard Patrick Dickson) (1881 - 1959م)، والذي شغل منصب الوكيل بالكويت عام 1929م حتى تقاعده من العمل 1936م، وعُيّن ممثلا محليا أعلى لشركة نفط الكويت، وبعد وفاته سنة 1959م في الكويت، ظلت زوجته فيوليت (أم سعود - مواليد 1896م) مستأجرة هذا البيت حتى الغزو العراقي للكويت عام 1990م، حيث غادرت الكويت إلى بريطانيا، وتوفيت هناك، وبعد وفاتها في يناير 1991م ضم البيت إلى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وتم تحويله إلى متحف تحت اسم «مركز ديكسون الثقافي». أما تاريخ بناء هذا الديوان، فقد أشارت وثيقة شراء بيت أسرة ابن زيد المؤرخة سنة 1279هـ الموافق 1862م أن الحد القبلي له «البراحة»، مما يدل على أن الديوان لم يكن قائما في ذلك الوقت، فيكون بناؤه بعد هذا التاريخ. أما بيوت ورثة علي بن موسى العصفور فتقع بالجهة الجنوبية منه. وتبلغ مساحة البيت (بقسميه أ/ب) طبقا للوثيقة رقم 3918/ 1963م 1772.500م2. حديقة وإسطبل دار المعتمدية البريطانية جاء في الكتاب نقلاً عن الأستاذ محمد عبدالهادي جمال أنه يقع شرق بركة الماء إسطبل وحديقة القنصلية البريطانية التي تقابل سكن القنصل، المعـروف بـ «بيت ديكسون». وكـان الكولونيل ديكسون (القنصل البريطاني آنذاك) وزوجته (أم سعـود) يحتفظان بحصانين لتنقلاتهما داخل مدينة الكويت وخارجها. وقد تم نقل ذلك الاصطبل فـيـمـا بعـد إلـى موقع آخـر داخل أرض القنصلية. ويذكر أن حديقة القنصلية، المطلة على البحر، كـانت تضم قاعدة اسمنتية كبيرة رفعت عليها سارية ضخمة تحمل العلم البريطاني، ويشار إليها بـ «البنديرة». وكان يعلق مصباح خاص أثناء الليل أعلى تلك البنديرة لإرشاد السفن». ويروي السيد سيف مرزوق الشملان: «أذكر حديقة القنصلية الواقعة على ساحل البحر مباشرة أمام القنصلية عبر شارع السيف (شارع الخليج العربي)، كانت في الحديقة بعض أشجار الأثل، وكانت مفتوحة من جهة البحر، ولها درج من الصخور والأسمنت للصعود إلى أرض الحديقة ثم إلى القنصلية، وكنا ونحن أطفال ننظر إلى الطيور في فصل الربيع التي على شجر الأثل، دون أن يقترب منها أحد أبداً أبداً». الفريق البحثي القائم على الإصدار • م. صلاح علي الفاضل مستشار بمركز البحوث والدراسات الكويتية نائب رئيس الإدارة العامة للخبراء لشؤون خبراء محافظة الفروانية بوزارة العدل (سابقاً) • فهد علي الشعلة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية وزير الدولة لشؤون البلدية وزير الدولة لشؤون الاتصالات ومدير نزع الملكية (سابقاً) • د. وليد عبد الله المنيس قسم الجغرافيا بجامعة الكويت • د. فيصل عادل الوزان مستشار بمركز البحوث والدراسات الكويتية وأستاذ بقسم التاريخ والآثار في جامعة الكويت • فهد غازي العبدالجليل باحث في التراث والتاريخ الكويتي • م. أحمد محمد العدواني باحث في التراث والتاريخ الكويتي • الإشراف العام د. عبدالله يوسف الغنيم رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية

مشاركة :