كشف مصدر في «فيلق القدس» المكلف بالعمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني، أن الاجتماع الأخير الذي جرى السبت الماضي بين الرئيس مسعود بزشكيان وقادة «الحرس»، شهد تحذيرات من «الحرس» للرئيس الجديد من تمرد حلفاء إيران في المنطقة في حال مضي إيران بسياسة عدم الرد على إسرائيل. وفيما بدا أنه رد على تحذيرات «الحرس»، قال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي إنه يجوز التراجع تكتيكياً أمام العدو في كل المجالات إذا اقتضت الحاجة بما في ذلك بالمجالين السياسي والعسكري. وكان خامنئي أطلق سابقاً تصريحات يجيز فيها «التراجع التكتيكي» وأخرى سمح فيها بالتعامل مع العدو. من ناحيته، قال بزشكيان في تغريدة أمس إن «قدرات إيران العسكرية يجب أن تكون في خدمة الشعب الإيراني، وفي خدمة إيران فقط». وذكر المصدر القيادي في «فيلق القدس»، لـ «الجريدة»، أن قائد الحرس حسين سلامي أبلغ بزشكيان أن حلفاء إيران يعتقدون أنه مع اقتراب ذكرى مرور عام على عملية «طوفان الأقصى» التي شنتها حركة حماس في 7 أكتوبر الماضي بات واضحاً أن واشنطن ليست جادة في ممارسة أي ضغط على تل أبيب، وأنه حتى في حال نجحت ضغوطات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في انتزاع وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، فإن حكومة بنيامين نتنياهو ستتجه عندها إلى الشمال وتشن حرباً كبيرة ضد «حزب الله»، وربما تتحرك باتجاهات أخرى في المنطقة وصولاً إلى طهران نفسها، وبالتالي فإنه من الأجدى لـ «جبهة المقاومة» التي تقودها طهران، أن تبادر هي بضربة استباقية بدلاً من انتظار الضربات الإسرائيلية المقبلة لا محالة. وأشار المصدر إلى أن سلامي أكد لبزشيكان أن «الحرس» يؤيد هذه التقييمات ويدعم شن ضربة على إسرائيل من عدة جبهات تكون بمنزلة هجوم «طوفان الأقصى 2» بشكل موسع، يفرض على واشنطن وتل أبيب «السلام بالقوة» ليس فقط في الأراضي الفلسطينية بل في كل المنطقة. وحسب المصدر، لفت سلامي إلى وجود اعتبارات مختلفة وراء دعم «الحرس» لهذه الخطوة، منها أن الجانب الإيراني يتخوف من أن يبادر أي من الفصائل المتحالفة مع طهران، بما فيها «حزب الله» اللبناني، إلى القيام بمفاجأة مثل تلك التي أقدمت عليها «حماس» في 7 أكتوبر دون إبلاغ طهران التي ستجد نفسها في تلك الحالة أمام وضع ليست هي التي تسيطر عليه، وبالتالي فإن «الحرس» يعتقد أنه إذا كان أي هجوم على إسرائيل تحت سيطرة وإدارة إيران فإن المفاوضات ومعها المكاسب السياسية أيضاً سوف تكون تحت سيطرتها وإدارتها، لكن إذا ما قام أحد حلفاء إيران بأي عملية دون تنسيق فإن إدارة المعركة والمفاوضات سوف تكون خارج قبضة طهران. وذكر المصدر أن سلامي عبّر عن أسفه كون فريق السياسة الخارجية لبزشكيان ومنهم ظريف ووزير الخارجية الحالي عباس عراقجي يعارضون تقييم «الحرس» هذا، مشدداً على أنه شخصياً يستغرب كيف أن ظريف لا يزال يراهن على حسن نوايا الغرب للتوصل إلى اتفاق يحترم مصالح إيران، وأن الظروف أثبتت أن السبيل الوحيد لهكذا اتفاق هو فرضه على الغرب في الميدان لا على طاولات المفاوضات، وبالتالي فإن الحرب في غزة ولبنان واليمن تقدم فرصة ذهبية لطهران لانتزاع اتفاق بشروطها من الغرب. وبحسب المصدر، فإن بزشكيان الذي سيزور غداً العراق في أول زيارة خارجية له منذ توليه الرئاسة، قال لسلامي إنه سيناقش هذه الأفكار مع فريقه وسيستشير المرشد الأعلى علي خامنئي، قبل أن يبلغه موقف الحكومة. ويبدو أن تصريحات خامنئي وبزشكيان أمس هي رد ضمني على تقييمات «الحرس». في تطور مرتبط، وبعد قرار المجلس الأعلى للأمن القومي برئاسة بزشكيان منع «الحرس» من إرسال قوات أو أسلحة إلى روسيا، على خلفية تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الداعمة لإقامة ممر نزغزور بين أذربيجان وجمهورية نخجوان الحدودية مع تركيا عبر الأراضي الأرمينية، وهو القرار الذي انفردت «الجريدة» بكشفه، ذكر المصدر نفسه لـ «الجريدة» أن هناك اتفاقاً بين «الحرس» والروس بأن يزود الجانب الإيراني موسكو بكل ما تحتاج له من صواريخ ومسيرات مقابل تزويد القوات الإيرانية في سورية بصواريخ أرض ـ بحر وأرض ـ جو، وأن يتم تبادل الأسلحة عبر «حزب الله» اللبناني. وفي وقت امتنعت طهران عن الرد على اغتيال إسماعيل هنية في طهران الذي تحل ذكرى الأربعين لمقتله اليوم، شنت إسرائيل سلسلة غارات على مواقع مرتبطة بإيران في سورية، أدت إلى مقتل 25 شخصاً، ووصفها المرصد السوري بأنها الأوسع منذ سنوات. ودانت طهران الغارات ونفت صحة تقارير تفيد بأن إحداها استهدفت مختبراً للأسلحة الكيماوية يعمل فيه خبراء إيرانيون.
مشاركة :