من التصرفات التي يلجأ إليها بعض المهزومين، البحث عن مبررات تربط أسباب هزيمتهم بالآخرين، تبرئة للذات من أن يكون سبب الهزيمة قصور فيها وعجز منها. وهذه الطريقة في علم النفس، تعد واحدة من الحيل اللا شعورية التي يلجأ إليها الإنسان ليريح نفسه من اللوم، كأن يربط الطالب سبب رسوبه في الاختبار بصعوبة الأسئلة أو ضيق الوقت، أو يربط المتأخر سبب تأخره عن الموعد المضروب بالزحام في الطريق، أو غير ذلك من أسباب تلصق الفشل بعوامل بعيدة عن الذات. وعلى هذا المنوال، حين تتفوق المرأة على الرجل في تنافس بينهما، غالبا يعمد الرجل إلى تبرير تفوق المرأة عليه بسبب الاختلاف النوعي بينهما فيجعل من (الأنوثة) مبررا لتفوق المرأة، ليس اعترافا منه بجدارة الأنثى وإنما ادعاء بأن (الأنوثة) في حد ذاتها عامل ييسر التفوق والبروز للمرأة. هناك أمثلة كثيرة فنحن لا نعدم من حين لآخر أن نجد من يقول إن (فلانة) نالت الجائزة ليس لكونها تستحقها وإنما لأن لجنة الجائزة كانت تبحث عن (أنثى) لتمنحها الفوز. أو أن (فلانة) حصلت على المكانة الأولى في التنافس على الوظيفة، ليس لأنها الأجدر بها، وإنما بفعل تأثيرها الأنثوي، أو أن (فلانة) نجحت دون زملائها في الاختبار ليس لأنها كانت أكفأهم وإنما (رأفة) بها لأنها امرأة، وأذكر أن صديقة لي كانت تشكو بحرقة من أن زملاءها في الدراسة كانوا يكررون على سمعها أنهم يغبطونها لأنها ليست في حاجة إلى أن تبذل جهدا كبيرا في التعلم مثلهم، فنجاحها في الاختبار مضمون لكون لجنة الاختبار (تتسامح) مع البنات !! عندما تتفوق المرأة على الرجل في تنافس عام قائم، لا يمكن أن ينسب تفوقها إلى الجدارة، وسرعان ما يدرج عامل الاختلاف النوعي سببا رئيسيا للتفوق. وهذا عين ما يفعله ترامب في تنافسه مع هيلاري كلينتون، فهو يردد أن نجاح هيلاري كلينتون ليس لكفاءتها، وإنما لكونها أول امرأة تسعى إلى الرئاسة، وأنها لو كانت (رجلا) لما حصلت على أكثر من (5%) من الأصوات التي حصلت عليها الآن، بمعنى أن هيلاري لا تملك أية مزايا تدفع الناس إلى اختيارها!! هكذا بكل بساطة يبرر ترامب تفوق هيلاري!! يمحو كل مزاياها لينسب التفوق إلى عامل الاختلاف النوعي بينهما فحسب !!
مشاركة :