توطين الأحزان بمفردات الهذيان | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 5/3/2016
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

تَقول الفَيلسوفَة «كاترين بوندر»: (لقَد جَعَلَتْ مِنْكَ الأفكَار -التي كَانت تَدور في ذِهنك- الشَّخص الذي أَنتَ عَليه، وستَجْعَلَكَ الأفكَار التي تَدور في ذِهنك؛ مَا ستُصبح عَليه مِن الآن فصَاعِدًا)..! دَعونَا نَنطَلَق مِن هَذه المَقولَة، لنَشرح مَقَال اليَوم عَن عَلَاقة الأفكَار بالأفعَال. ولنُبسِّط الأَمر، خُذ هَذا المَثَل: إذَا قَال لَكَ أَحدُهم: #هيّا_تَعالَ، فإنَّ الصَّوت يُتَرجَم إلَى فِعل، وتَبدَأ خُطوَاتك تَحمل جَسدك إلَى مَن نَادَاك، وهَذا مَا نَقصده بالأفكَار، التي تَقود الإنسَان إلَى مَا يُفكِّر فِيهِ..! إنَّ المَرءَ الذي يَصف نَفسه بالغبَاء، سيَكون غَبيًّا مَع الوَقت، لأنَّ العَقل البَاطِن لَا يُفرِّق بَين الكَلَام الجَاد والكَلَام الهَزلي.. هَكَذَا الأَمر بكُلِّ بَسَاطَة. وإذَا قَال: أَنَا ذَكي، فإنَّ العَقل البَاطِن سيَتعَامل مَعه عَلَى أنَّه ذَكي..! إنَّني أَتألَّم حِين أَتجوَّل في «تويتر»، أَو «فيسبوك»، أو «المنتديات»، وأَجَد أَنَّ الألقَاب التي يَختَارها النَّاس -وبالذَّات النِّسَاء- كُلّها تَدلُّ عَلَى الانكِسَار واليَأس والإحبَاط، فمَثلًا تَجد أَسمَاء مُستَعَارَة مِثل: رَفيقة الأحزَان، دمُوع الحُزن، مُتعَبة الرّوح، عَايشَة ومَاني عَايشَة، جَسد بلَا روح، فَاقِدَة الأَمَل، بَقَايَا امرَأة، أَمَاني مُحطَّمة، إلَى آخره..! إنَّ كُلّ هَذه الألقَاب؛ عِندَما يَطلقها الإنسَان عَلى نَفسهِ، ستَكون جُزءًا مِن حيَاته، والدَّليل «جماعة الإيمو»، الذين يَستَدعون الحُزن، ويَرتدون أَدوَاته مِن اللّبَاس الأسوَد، ومَا هي إلَّا أيَّام، وتَتحوَّل هَذه الاستدعَاءَات إلَى وَقَائِع وأَحدَاث..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أَنْ نُشير إلَى خطُورة اللُّغَة، وأَهميّة التَّعامل مَعها بحَذَر، لأنَّ أفكَارك بالأَمس هي التي جَعلَتك عَلى هَذه الصُّورة الآَن، واللُّغة التي تَتعَامل بِهَا مَع نَفسك الآَن، ستَكون هي وَاقعك غَدًا..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :