قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس إن المحادثات اقتربت من توسيع نطاق هدنة سورية حتى تشمل مدينة حلب الشمالية التي شهدت تصعيداً للعنف في الأسابيع الأخيرة مما أضر بمحادثات السلام وجعل وقف إطلاق النار في حالة يرثى لها. وزار كيري جنيف لإجراء محادثات مع مسؤولين كبار في محاولة لإنعاش أول وقف كبير لإطلاق النار في سورية منذ نشوب الحرب فيها قبل خمس سنوات. وبدأ سريان الهدنة بدعم روسي وأميركي في فبراير لكنها انهارت تقريبا. وأبدى كيري أمله امس في أن يتضح الموقف بشكل أكبر خلال يوم أو نحو ذلك فيما يتعلق باستئناف وقف إطلاق النار في سورية وقال للصحافيين في جنيف بعد محادثات مع ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية "ساهم الجانبان.. المعارضة والنظام.. في هذه الفوضى وسنعمل خلال الساعات المقبلة بشكل مكثف من أجل محاولة استعادة وقف الاقتتال". "اتفقت روسيا والولايات المتحدة على أن يعمل مزيد من الأفراد من هنا في جنيف بشكل يومي.. من أجل ضمان وجود فرصة أفضل لفرضه (وقف إطلاق النار)". وأعلن النظام السوري عن تهدئة محلية في مناطق أخرى الأسبوع الماضي لكنها لم تشمل حلب حتى الآن. وتتبادل القوات الحكومية ومقاتلو المعارضة القصف في المدينة مما أسفر عن مقتل مئات المدنيين خلال الأسبوع المنصرم وبينهم أكثر من 50 شخصا في مستشفى يقول مقاتلو المعارضة إنه استهدف عن عمد. وينذر القتال في حلب بتقويض أول محادثات سلام تشارك فيها الأطراف المتحاربة والتي من المقرر أن تستأنف في موعد لم يحدد بعد أن تعثرت في أبريل عندما انسحب وفد المعارضة غاضبا. وقال كيري في مستهل اجتماعه بنظيره السعودي عادل الجبير في جنيف "نقترب من نقطة تفاهم.. لكن لا يزال أمامنا بعض العمل.. وهذا سبب وجودنا هنا". وأودت الحرب الأهلية في سورية بحياة مئات الآلاف وشردت الملايين من منازلهم وأثارت أسوأ أزمة لجوء في العالم كما أتاحت لمتشددي تنظيم داعش فرصة السيطرة على أراض والانطلاق منها لشن هجمات في أماكن أخرى. وتسبب الصراع في تدخل قوى عالمية ودول إقليمية فيما فشلت كل الجهود الدبلوماسية لحله بسبب الخلاف على مصير الرئيس السوري بشار الأسد الذي يرفض مطالب المعارضة بتنحيه عن السلطة. وتقوم الولايات المتحدة وروسيا بأدوار رئيسية في المبادرة الدبلوماسية الأخيرة التي انطلقت بعد أن انضمت موسكو إلى الصراع العام الماضي وبدأت حملة جوية جعلت كفة ميزان القوة تميل لصالح الأسد حليفها. وأعلن النظام السوري حتى الآن عن "نظام تهدئة" أي هدنة محلية مؤقتة في ضاحية الغوطة الشرقية بدمشق وفي ريف اللاذقية الشمالي اعتبارا من صباح يوم السبت. وتستمر هدنة اللاذقية ثلاثة أيام فيما قررت دمشق تمديد هدنة الغوطة 48 ساعة أخرى بعد أن كانت مقررة لمدة 24 ساعة. وشهدت المنطقتان قتالا عنيفا لكن حلب لا تزال تمثل المكسب الأكبر بالنسبة للقوات الحكومية التي تأمل في استعادة سيطرتها الكاملة على المدينة. ويشمل ريف حلب آخر قطاع من الحدود السورية التركية لا يزال في قبضة مقاتلي المعارضة. وقال الجنرال سيرجي كورالينكو وهو مسؤول عسكري روسي إن المحادثات ما زالت جارية لتوسيع نظام التهدئة حتى يشمل حلب. مقتل مدنيين وتتهم المعارضة الحكومة بتعمد استهداف المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة في حلب لإخراجهم منها وتقول إن العالم يجب أن يفعل المزيد لإجبار دمشق على وقف غاراتها الجوية. ومن جانبها تقول الحكومة إن مقاتلي المعارضة يقصفون المناطق الخاضعة لسيطرتها بشدة مما يثبت أنهم يحصلون على أسلحة أكثر تعقيدا من داعميهم الأجانب ومن بينهم تركيا ودول عربية. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عشرات المدنيين قتلوا من الجانبين لكن العدد الأكبر من القتلى سقط في المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة. وقال التلفزيون الرسمي السوري امس إن صاروخا سقط في محيط مستشفى حلب الجامعي وإن عددا من المدنيين أصيبوا في هجمات بالمورتر نفذها معارضون مسلحون على حي جمعية الزهراء في غرب حلب. وأعلن المجلس المحلي لمدينة حلب الذي تسيطر عليه المعارضة حالة الطوارئ في المناطق التي يديرها نتيجة للقصف المكثف. ومن المعتقد أن ما يتراوح بين 350 ألفا و400 ألف شخص لا يزالون في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بالمدينة التي كان يبلغ عدد سكانها قبل الحرب مليوني نسمة. وقال محمد معاذ أبو صالح العضو البارز في مجلس محافظة حلب التابع للمعارضة إن السكان لا يغادرون مناطق المعارضة برغم القصف المكثف. وأضاف أن من كانوا يريدون مغادرة حلب قد رحلوا بالفعل وأن من بقوا فيها قرروا البقاء في ظل ظروف القصف والحصار. وقال ساكن بمنطقة صلاح الدين الخاضعة للمعارضة يدعى عمار العبسي إن القصف العنيف استمر طوال الليل وإن صاروخا سقط على مبنى خال من السكان في المنطقة فسواه بالأرض دون وقوع إصابات بشرية. وفي ريف حلب الشمالي تقاتل جماعات معارضة أخرى تنظيم داعش الذي لا يشمله وقف إطلاق النار. وقالت وكالة أعماق للأنباء التابعة للتنظيم إنه انتزع السيطرة على قرى دوديان وتل شعير وايكدة من جماعات معارضة مسلحة منافسة في شمال حلب قرب الحدود مع تركيا. وأضافت أن مقاتلي التنظيم تمكنوا من قطع طرق إمدادات لمقاتلين معارضين آخرين في المنطقة برغم القصف المدفعي التركي دعما للمعارضة التي تقاتل التنظيم. وقال المرصد السوري إن المتشددين قاموا بهجوم مضاد لاستعادة مناطق خسروها لصالح جماعات معارضة في معارك كر وفر لم يحقق فيها أي طرف مكاسب كبيرة. وقالت تركيا إنها قصفت مواقع للتنظيم عبر الحدود وهاجمته بطائرات دون طيار يوم الأحد فقتلت 34 متشددا ردا على هجمات للتنظيم عبر الحدود. ولم يتسن التحقق من عدد القتلى. وتشارك تركيا في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويشن ضربات جوية ضد داعش لكنها تعارض بشدة الجماعة الكردية المسلحة الرئيسية أقرب حلفاء واشنطن على الأرض. وأنقرة أحد الخصوم الرئيسيين للأسد والداعمين للمعارضة المسلحة في سورية.
مشاركة :