في الرابع من سبتمبر/أيلول، دعا رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلى عقد مؤتمر صحفي لوسائل الإعلام الأجنبية من أجل شرح إصراره العنيد على إبقاء القوات الإسرائيلية في محور فيلادلفيا في غزة، حتى على حساب صفقة المحتجزين. وإلى جانب ادعائه بأن الحدود بين غزة ومصر كانت تاريخياً «مليئة بالثغرات» لتهريب الأسلحة، أضاف نتنياهو حجة جديدة بأنه إذا لم يكن الجيش الإسرائيلي مسيطراً على المنطقة، فيمكن لحماس تهريب المحتجزين بسهولة إلى سيناء ومن هناك إلى إيران أو اليمن. بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحفي – وسائل إعلام إسرائيلية في اليوم التالي، نشرت صحيفة «جويش كرونيكل»، أقدم صحيفة يهودية في بريطانيا، تقريرا حصريا أعاد تقديم مزاعم نتنياهو، بحسب مجلة « +972 » الإسرائيلية. وبالرجوع إلى نص التقرير على الصحيفة البريطانية تبين حذفه من الموقع الإلكتروني. وزعم التقرير أنه يكشف عن أدلة من «مصادر استخباراتية» إسرائيلية تثبت أن زعيم حركة حماس، يحيى السنوار، كان يعتزم تهريب المحتجزين المتبقين عبر محور فيلادلفيا إلى إيران، بل أدعى أيضا أن السنوار وبقية قادة حماس سوف يذهبون معهم. وبحسب التقرير، فإن مثل هذه الخطة «تم الكشف عنها أثناء استجواب مسؤول كبير في حماس تم القبض عليه، فضلاً عن المعلومات التي تم الحصول عليها من وثائق تم الاستيلاء عليها يوم الخميس 29 أغسطس/آب، وهو اليوم الذي تم فيه استعادة جثث المحتجزين الستة»، متابعا: «بالنسبة لسنوار، تبين أن محور فيلادلفيا هو الخيار الوحيد المتاح لتحقيق خطته». وأوضحت مجلة «+972» أن قصة صحيفة «جويش كرونيكل» اكتسبت زخمًا سريعًا وتم التقاطها وتضخيمها من قبل عدد كبير من وسائل الإعلام الإسرائيلية اليمينية والمؤثرين، بما في ذلك نجل نتنياهو، يائير. كذلك زوجة نتنياهو، سارة ، التي إلتقت في 9 سبتمبر/أيلول بأهالي المحتجزين وقالت لهم :«لا يوجد خيار مع ممر فيلادلفيا.. هناك تقارير تفيد بأن حماس ستفر إلى إيران مع المحتجزين»، الأمر الذي أثار استياءا بالغا لدى أسر المحتجزين. قصة مختلقة وأكدت «+972»، أن هناك مشكلة واحدة فقط في تلك الرواية التي قدمتها الصحيفة اليهودية البريطانية، وهي أن القصة «مختلقة بالكامل». في اليوم التالي لنشر تلك القصة، نفت القناة 12 الإسرائيلية صحة تلك المزاعم، ونقل عن مصادر ذات الصلة في المؤسسة الأمنية أنه «لا علم لهو بالمعلومات الاستخباراتية المزعومة»، سواء من استجواب أو وثيقة مكتوبة. النفق الذي يزعم الاحتلال أ،ه عثر به على جثث المحتجزين الستة – رويترز وبعد يومين، نقل الصحفي بجريدة يديعوت آحرونوت، رونين بيرجمان، عن أربعة مصادر استخباراتية ومن لجنة المحتجزين والمفقودين في الجيش الإسرائيلي، وصفهم لادعاءات «كرونيكل» بأنها «اختلاق جامح»، مؤكدين أنه لا توجد مثل هذه الوثيقة. ووصفها آخر بأنها «أكاذيب 100%»، كما نفى المتحدث باسم جيش الاحتلال، دانييل هاغاري، القصة رسميًا ووصفها بأنها لا أساس لها من الصحة . وثيقة بصحيفة ألمانية ولم يكن هذا التقرير الوحيد الذي أثار علامات استفهام الأسبوع الماضي بشأن انتشار معلومات استخباراتية إسرائيلية وهمية. ففي السادس من سبتمبر/أيلول، زعم تقرير في صحيفة « بيلد » اليومية الألمانية الكشف عن محتويات وثيقة سرية عُثر عليها على الحاسوب الشخصي للسنوار في غزة في وقت سابق من هذا العام، وتحتوي هذه الوثيقة على استراتيجية حماس فيما يتصل بمفاوضات المحتجزين، مدعية أنها تظهر تلاعب الحركة واستغلال الضغط النفسي على المجتمع الإسرائيلي وسعهيا إلى إعادة التسلح. وبحسب «+972»، فإن الأمر اللافت للنظر أن هذه القصة ــ التي رددها نتنياهو في اجتماع لمجلس الوزراء اليوم التالي ــ كانت تستند إلى حد كبير إلى التلفيق. وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية لصحيفة « يديعوت أحرونوت » إن الجيش اكتشف وثيقة في غزة في وقت سابق من هذا العام تشبه إلى حد ما الوثيقة التي وصفتها الصحيفة الألمانية، لكنها كانت مجرد اقتراح صاغه عميل صغير. وعلى النقيض من ادعاءات «بيلد»، لم تكن وثيقة استراتيجية رسمية، ولم يكتبها السنوار أو أي زعيم كبير آخر في حماس. أما بالنسبة للسطر الذي يتحدث عن استعداد حماس لإطالة المفاوضات.. فلم يظهر ذلك في الوثيقة الحقيقية على الإطلاق. الجيش يحقق ويبدو أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يتعامل مع التقريرين المنشورين في صحيفتي «كرونيكل» و«بيلد» باعتبارهما متصلين، وقد فتح تحقيقا داخليا لمحاولة العثور على مصدر التسريبات والاختلاقات. ووفقا لبيرجمان بصحيفة يديعوت، فإن الجيش يشتبه في أن المسؤول عن ذلك يسعى إلى التأثير على الرأي العام الإسرائيلي لصالح نتنياهو، الذي تهدد الاحتجاجات الجماعية من أجل التوصل لصفقة لإعادة المحتجزين بإفشال محاولاته لإبقاء الحرب مستعرة. وقال مسؤول عسكري مطلع على تحقيقات الجيش لبيرجمان بشكل قاطع: «هذه حملة للتأثير على الجمهور الإسرائيلي، ونحن عازمون على العثور على الشخص أو الكيان الذي يقف وراءها». المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاغاري من أمام فتحة نفق بمحور فيلادلفيا بجنوب قطاع غزة – رويترز ويشير البعض في إسرائيل بأصابع الاتهام مباشرة إلى نتنياهو نفسه. ومن المتصور على نطاق واسع أن نتنياهو كان يسرب المعلومات بشكل انتقائي لوسائل الإعلام الإسرائيلية منذ أشهر تحت ستار «مسؤول بارز»، وأكدت «+972» أن هذا من شأنه أن يمثل مرحلة جديدة في محاولاته لخداع الجمهور. كما تم توثيق الانقسامات في الأشهر الأخيرة بين نتنياهو والمؤسسة الأمنية ، بما في ذلك قضية محور فيلادلفيا. وفي منشور للصحفي الإسرائيلي المخضرم شلومي إلدار على تويتر ، قال: «هذا كان تسريبًا من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يتلاعب بالصحافة الأجنبية لمزيد من تمزيق المجتمع الإسرائيلي المنقسم وإنقاذ نتنياهو من الاحتجاجات المتزايدةز. والخلاصة المحزنة هي أن هذه حملة جاءت في الوقت المناسب ضد عائلات المحتجزين». كاتب مشكوك في هويته وألقت مجلة «+972» الضوء على ناشر المقال الذي نشرته صحيفة «جويش كرونيكل»، ويدعى إيلون بيري، والذي نشر سلسلة من التقارير الإخبارية في الصحيفة منذ بدء الحرب بما في ذلك الكشف عن تفاصيل جديدة حول اغتيال القائد العسكري لحماس، محمد ضيف، الذي نفت حماس اغتياله، وعن رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، في طهران. وتشير السيرة الذاتية لبيري على موقع «جويش كرونيكل» إلى أنه خدم كجندي كوماندوز في لواء غولاني الإسرائيلي لمدة 28 عاما، وأنه يتمتع بخبرة 25 عاما في الصحافة، وأنه يلقي محاضرات عن الشرق الأوسط في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ويزعم موقعه على الإنترنت أيضًا أنه كان أثناء خدمته العسكرية جزءًا من وحدة من المستعربين، وأنه شارك أيضًا في عملية «عنتيبي» الإسرائيلية عام 1976 على طائرة ركاب اختطفها مسلحون فلسطينيون. كما يدعي بيري أنه مؤلف كتابين، ووصفه ناشر الكتاب الثاني، الذي صدر في أبريل من هذا العام، بأنه كان أستاذًا في جامعة تل أبيب لأكثر من 15 عامًا. ولكن لا شيء من هذا صحيح تقريبا، فقد كشف تحقيق أجرته قناة 13 الإسرائيلية في التاسع من سبتمبر/أيلول أن بيري لم يسجل أي عمل في جامعة تل أبيب، كما لم يشارك في عنتيبي. وعلاوة على ذلك، فإن الصورة المنشورة على موقعه على الإنترنت والتي تزعم أنه يظهر متخفيا في احتجاج مرتدياً زي فلسطيني، والتي وصفها بأنها تعود إلى عام 1992، التقطت في الواقع في عام 2015. في ما يبدو أنه مقابلة لاذعة، تحدى مراسل إذاعة «هاتسينور» بيري بشأن كل هذه التناقضات، وتحت الضغط، أنكر بيري أنه كان عميلاً سريًا، على الرغم من ظهور هذا الادعاء أيضًا في كتابه الثاني، كما نفى أنه عمل في جامعة تل أبيب، قائلاً «ربما أخطأ الناشر»، وأيضا نفى مشاركته في عنتيبي. وعندما سُئل عن سبب ادعاء موقعه الإلكتروني بخلاف ذلك، أجاب بيري: «أنا لا أزور موقعي الإلكتروني. لم أتحقق منه». «فضحية».. والصحيفة تتنصل وأمس، نشرت « جويش كورنيكل » نتائج تحقيق داخلي أجرته بشأن إيلون بيري، والذي بدأ بعد توجيه اتهامات حول جوانب من سجله. وجاء في نتائج نشرتها الصحيفة على موقعها الإلكتروني: «رغم أننا ندرك أنه خدم في الجيش الإسرائيلي، إلا أننا لم نكن راضين عن بعض ادعاءاته. ولذلك فقد قمنا بإزالة قصصه من موقعنا على الإنترنت وأنهينا أي ارتباط بالسيد بيري». وأعربت الصحيفة عن أسفها الشديد لسلسلة التقارير التي نشرها بير، متابعة: «نعتذر لقرائنا الأوفياء وقمنا بمراجعة عملياتنا الداخلية حتى لا يتكرر هذا الأمر». ــــــــــــــــــ شاهد | البث المباشر لقناة الغد
مشاركة :