تعد نذرة الموارد المائية من القضايا الحيوية التي تواجه المغرب في السنوات الأخيرة، حيث يعاني البلد من نقص حاد في هذه الموارد بفعل التغيرات المناخية، والجفاف المستمر، والاستهلاك المتزايد. فالوضع الحالي يشكل تحديًا كبيرًا ليس فقط على مستوى تلبية احتياجات السكان، بل أيضًا في تأمين مستقبل زراعي وصناعي مستدام.في مواجهة هذه التحديات، وقد أطلق المغرب مجموعة من المشاريع الطموحة، التي تهدف تعزيز قدرته على التكيف مع مشاكل ندرة المياه. ومن بين هذه المشاريع، تبرز جهود بناء السدود الكبرى لزيادة القدرة التخزينية للمياه، وإنشاء محطات تحلية مياه البحر في المناطق الساحلية، وتبني تقنيات الري الحديثة التي تعزز من كفاءة استخدام المياه في القطاع الزراعي. كما يعمل المغرب على تطوير محطات معالجة المياه العادمة بهدف إعادة استخدامها في الزراعة والري، مما يسهم في تقليل الضغط على الموارد المائية العذبة ضمن فقرة "ثلاثة أسئلة"، يُسلّط رضوان جخا، الخبير في السياسات العامة، الضوء على أهمية التوزيع الجغرافي للمشاريع المائية الكبرى في المغرب. ويشرح أهميتها الاستراتيجية في ضمان الأمن المائي وحماية الفرشة المائية من الاستنزاف، خاصة في ظل التغيرات المناخية التي يشهدها العالم والمغرب على حد سواء. إلى أي مدى تُعد السياسة الوطنية للماء في المغرب فعّالة في مواجهة تحديات الأمن المائي في ظل التغيرات المناخية؟ Advertisement End of ad break in 10 s You can close Ad in 5 s أعتقد بِأنّ السياسة الوطنية للماء في بلادنا بفضل الرؤية الملكية لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله تسير بوتيرة ودينامية جيدة، فجلالة الملك في خطاب العرش وَضع الأولويات الإستراتيجية في مجال السياسة الوطنية للماء عنوانها البارز أولا هو قيادة ملكية شخصية للموضوع باعتباره كما تضمنه بلاغ الديوان الملكي خلال جلسات العمل المكثفة التي ترأسها جلالة الملك أولوية استراتيجية ، لذلك فالسياسة الوطنية للماء مستقبلا لن تتغير بتغير الحكومات أو وزراء قطاع الماء، وثانيا حزم وصرامة لن تقبل مستقبلا أي تأخر في المشاريع المهيكلة للماء لأي اعتبار من الاعتبارات ، لذلك كما قلت فالرؤية واضحة برزنامة زمنية واضحة، مع التحيين والتقييم المتواصل للسياسة المائية، سواء على مستوى وتيرة بناء السدود الكبرى والمتوسطة والصغيرة مع التركيز كما قال جلالة الملك على المناطق التي تعرف تساقطات مطرية مهمة، وكذلك على مستوى نقل المياه بين السدود التّلّيّة حتى لا تضيع، تقريبا مليار متر مكعب تضيع وجب استثمارها، وصولا للورش الملكي الإستراتيجي المتعلق بتحلية مياه البحر بالمدن والحواضر الكبرى على غرار الدار البيضاء، أكادير، ومدن الشمال، وقد أكد جلالة الملك على أهمية استغلال الطاقات النظيفة، وإدماج وسائل التكنولوجيات الحديثة في هذا المجال أو ما يمكن تسميته بالصناعة المائية ، مع أهمية التكوين و دخول المقاولات والشركات الوطنية لهذا المجال الذي مازال متوسطا. ما هي أبرز التحديات التي تُواجه التوزيع الجغرافي للمشاريع المائية الكبرى في المغرب؟ و كيف يمكن تجاوز هذه التحديات؟ بخصوص التوزيع المجالي لهذه الأوراش أعتقد بأنّه منطقي ومتوازن، فبخصوص ورش تحلية مياه البحر فهو مرتبطة بالمدن التي تطلّ على البحر، بل إنّ هذا الورش تستفيد منه مدن وأقاليم متعددة، أما توزيع السدود مجاليا خصوصا الكبرى فهو أمر مهم جدا آملين مستقبلا أن يتم إضافة البعض منها خصوصا بالجنوب الشرقي للمملكة، فالتساقطات المطرية الأخيرة التي مازالت مستمرة كانت مُبشرة لتشييد سدود متوسطة، خصوصا الصغرى بالوسط القروي ستُمكّن من الاستفادة بنسب عالية من تلك التساقطات، وبالتالي تفادي ضياع المياه المتنقلة بين الوديان الكبرى، لا ننسى كذلك النتائج التي حققها البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027 الذي ركّز ضِمن أولوياته على البعد المجالي في تشييد السدود الصغيرة بالوسط القروي وهذا كان له أثر إيجابي ، عموما التوطين المجالي لهذه البرامج منطقي ومتوازن سيكون له نتائج جيدة في المستقبل القريب، خصوصا مع التساقطات المطرية التي حبانا بها الله تعالى خلال هذه الفترة، والتي ستُمكّن من الرفع من حقينة السدود، وانتعاشة الفرشة المائية. كيف يمكن تعزيز إشراك المجتمعات المحلية بشكل فعال في تنفيذ و متابعة المشاريع المائية الكبرى؟ أعتقد بأنّ إشراك المجتمعات المحلية بالخصوص الجمعيات والمقاولات المحلية في مواكبة تنفيذ هذه المشاريع مهم جدا لأنه من جهة أولى سيساهم في ترسيخ المقاربة التشاركية خصوصا خلال عمليات التوطين المجالي وتشخيص الخصاص والتحديات عبر فتح نقاش عمومي مع الفعاليات المدنية النشيطة في مجال السياسة المائية، لأنها بالتأكيد ستُفيد بمقترحاتها وتوصياتها، أما المقاولات المحلية خصوصا الصغرى والمتوسطة فإشراكها في تنزيل هذه المشاريع سَيُساهم لا محالة في تشجيعها على دخول هذا المجال بكثافة، وبالتالي تحفيز التكوين كذلك في قطاع السياسة الوطنية للماء، وهذا ما يدعوا إليه جلالة الملك في مجموعة من الخطب الملكية خصوصا في الوسط القروي، لذلك فإشراك المجتمعات المحلية بكافة أشكالها،؛ جمعيات، تعاونيات، مقاولات، شركات في وضع و تنزيل وتتبع السياسات العمومية المرتبطة بالماء هو أمر جوهري لإنجاحها. وبالتالي يمكن إشراك هذه الفعاليات بطرق متنوعة وفق اختصاصات كل واحدة منها : الجمعيات المحلية عبر فتح آليات التشاور العمومي للإنصات لمقترحاتها ومذكراتها الترافعية التشخيصية والاستشرافية، في حين يمكن إشراك المقاولات والشركات المحلية من خلال تشجيع انخراطها في مجال السياسة المائية عبر مبادرات تحفيزية خاصة بها، تُمكّنها مِن المساهمة في تنزيل المشاريع المهيكلة للماء.
مشاركة :