قوبل تمرير الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم (الأربعاء) قرارا غير ملزم يطالب إسرائيل بمغادرة الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال عام، بأغلبية ساحقة، بترحيب فلسطيني ورفض إسرائيلي. وتم تبني القرار بأغلبية 124 صوتا مؤيدا مقابل 14 صوتا معارضا وامتناع 43، وذلك خلال الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة للنظر في الإجراءات الإسرائيلية في القدس الشرقية المحتلة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقدمت دولة فلسطين الثلاثاء مشروع قرار يطالب إسرائيل بالامتثال لجميع التزاماتها القانونية بموجب القانون الدولي، من بينها الآراء الاستشارية الصادرة عن محكمة العدل الدولية، وشارك في رعايته أكثر من 24 دولة. واعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن حصول مشروع القرار الفلسطيني على تصويت ثلثي أعضاء الجمعية العامة، إجماع دولي على عدالة القضية الفلسطينية وانتصار لحق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة. وأكد عباس في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أهمية القرار، الذي استند إلى القانون الدولي وفتوى محكمة العدل الدولية، وهي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة. واحتلت إسرائيل الضفة الغربية في العام 1967 وأقامت عليها المستوطنات، التي تعتبر مخالفة للقانون الدولي، ويعد الاستيطان الإسرائيلي من أبرز ملفات الخلاف بين الفلسطينيين وإسرائيل في ظل توقف مفاوضات السلام بينهما منذ العام 2014. بدوره اعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ أن اعتماد الجمعية العامة القرار بمثابة انتصار للعدالة الدولية وحقوق الشعب الفلسطيني الساعي لإقامة دولته كبقية الشعوب. وشدد الشيخ في بيان على أن اعتماد القرار في هذا التوقيت شكل بارقة أمل للشعب الفلسطيني وقضيته التي تمر في منعطف خطير مع استمرار الحرب على غزة والتصعيد بالضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية المحتلة. من جهته اعتبر رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح أن الزخم الدولي خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال، داعيا المجتمع الدولي للتعامل بشكل عملي مع القرارات الأممية التي تدعم القضية الفلسطينية وأن لا تفضل "رهينة لأرشيف" الأمم المتحدة. ودعا فتوح في بيان إلى اتخاذ خطوات عملية لإنهاء الحرب في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، ومحاسبة إسرائيل على "انتهاكاتها" المستمرة للقانون الدولي، والعمل على تحقيق السلام العادل والشامل المبني على قرارات الشرعية الدولية. وقدمت دولة فلسطين لأول مرة في التاريخ في الأمم المتحدة مشروع القرار بناء على فتوى طلبتها الجمعية العامة من محكمة العدل الدولية بشأن الآثار القانونية لسياسات إسرائيل وممارستها في فلسطين. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن رفع مكانة دولة فلسطين في الأمم المتحدة جاء نتيجة تراكم نضالي كبير وتضحيات جسيمة من قبل الشعب الفلسطيني خلال السنوات الطويلة الماضية. واعتبر مجدلاني أن رفع مستوى دولة فلسطين يمكنها من ممارسة دور أكثر فاعلية في مؤسسات الأمم المتحدة ويؤكد من جهة أخرى أحقيتها بأن يكون لها مقعد دائم كما هو الحال مع بقية دول العالم، وتأكيدا منها أنها ملتزمة بالقانون الدولية والشرعية الدولية وأنها دولة محبة للسلام وساعية لدعم الأمن والاستقرار في العالم. ويطلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرتش أن يقدم إلى الجمعية العامة، خلال 3 أشهر، تقريرا عن تنفيذ هذا القرار. وقال مساعد وزير الخارجية للأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة عمر عوض الله لـ ((شينخوا)) إن اعتماد قرار محكمة العدل الدولية سيصبح لحظة فارقة في تاريخ القضية الفلسطينية وفي تاريخ القانون الدولي في الوقت نفسه. وأضاف أن القرار يعكس بعدين اثنين أولهما هو أن فلسطين أخذت مكانها ما بين الدول، وقرارها الوطني المستقل تنفذه بنفسها رغم شكرها لكل الجهات الدولية التي دعمت وقدمت قرارات فلسطين. واعتبر عوض الله أن تصويت الجمعية العامة على القرار مهم لأنه يتحدث عن فتوى قانونية صدرت عن محكمة العدل الدولية، وثانيا بأن هذه الدول التي صوتت مع القرار تريد أن تسهم في إنهاء الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي. ومن المقرر أن يلقي الرئيس عباس كلمة في 26 سبتمبر الجاري في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيما سيشغل مقعد دولة فلسطين لأول مرة في تاريخ المؤسسة الأممية. وكان مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور تسلم قبل أيام مقعدا باسم دولة فلسطين وتم إدخاله إلى قاعة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وقال مجدلاني إن الولايات المتحدة عطلت في مايو الماضي عبر استخدام حق النقض "الفيتو" انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة بعضوية كاملة فذهبت إلى الجمعية العامة وأخذت قرارا برفع مستوى مكانتها كدولة مراقب. ولأول مرة منذ بدء هذه الدورة فلسطين تجلس على مقاعد الأمم المتحدة حسب الترتيب الأبجدي للدول وتتمتع بمميزات الدول كاملة العضوية من حيث مشاريع القرارات وأسئلة للنقاش وتقديم المقترحات، وفق مجدلاني. وجاء تبني مشروع القرار تزامنا مع شن إسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضي حربا واسعة النطاق ضد حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في قطاع غزة تحت اسم "السيوف الحديدية" أدت إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص ودمار هائل في المنازل والبنية التحتية، وذلك بعد أن شنت حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسمته "طوفان الأقصى"، أودى، وفق السلطات الإسرائيلية، بحياة أكثر من 1200 إسرائيلي. في المقابل أدان مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة داني دانون تبين القرار، بحسب ما نشرت الإذاعة العبرية العامة. واعتبر دانون أن القرار دعم "الإرهاب" الدبلوماسي الذي تمارسه السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة تتعاون مع السلطة التي تدعم حماس، بدلا من أن تدين الحركة وتدعو إلى الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين. ويطالب الفلسطينيون بتحقيق دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل على كامل الأراضي الفلسطينية التي سيطرت عليها إسرائيل عام 1967 بما يشمل الضفة الغربية كاملة وقطاع غزة وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية.
مشاركة :