بعد أن ركد تقاذف الرؤية السعودية بين مدح مبالغ فيه وخوف يضع الحواجز والسدود أمامها، نقول إننا لم نكن نحتاج إلى المديح المبالغ فيه، ولا إلى التسطيح المثبط للعزيمة، كل ما تمنيناه بعد إعلان ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رؤية المملكة للعام 2030، كثير من الهدوء، وما يعين على قراءتها وفهمها والتوقعات المرجوة منها. نشدد على أننا لم نكن نحتاج إلى البرامج التي جعلت من الحدث وكأننا أول من أطلق مركبة فضائية إلى القمر. ولم نكن نرغب بأن نسمع لأولئك المثبطين وكأن الأمر يخص انتزاع أرامكو من البلاد والعباد!. ندرك أنه مشروع طموح متوثب نحسبه بإذن الله سيدفعنا إلى كثير من التغيير الايجابي، ونتوقعه إذا ما أسست أركانه وحددت ملامحه وما سيواكبه من تغيير وتطوير بعيدا عن المتنفعين المتكسبين سيحدث رقيا وازدهارا.. لكن أن نجزم بأننا بلغنا عصر الفضاء ولامسنا السماء بمجرد إعلان هذا الأمر فتلك مبالغة في الأصل لا تخدم المشروع الطموح ولا تساعد على تنفيذه. من جهتي، استبشرت خيرا وتمنيت أن تفرد وسائل الإعلام صفحاتها وقنواتها ليس للمادحين بل للخبراء القادرين، كنت أتمنى أن يخرج أحدهم ليقرأ علينا -من منطلق الخبير المطلع- لماذا تأخرنا كثيرا بإعلانها، ويطلعنا على الرؤيات السابقة، ولماذا لم تثمر؟ أردنا أن نقرأ ماضينا بكل سلبياته وايجابياته؛ كي يتسنى أن نحسن العمل على رؤيتنا المستقبلية الجديدة، نعرف هل فشلت المشاريع السابقة؟ هل وئدت؟ أم هل انتزعت؟!. نقرأ ماضينا مع الرؤيات السابقة لكي يكون لنا مفهومنا الخاص وفق احتياجاتنا وما نريد، وإمكانياتنا وما يدعمنا لتفعيل الرؤية وجعلها حقيقة، ولا بأس ان استفدنا من تجارب المتفوقين الماليزي والكوري وحتى الخليجي الذي ارتقى. لنا خصائص كبلد ضخم يملك الثروة، وقد تجعلنا في موقع انطلاق أفضل. تلك أماني ولا أشك أنها قائمة ومعمول بها لمن يريد أن ينطلق نحو المستقبل.. ولكن ولأننا معنيون بخصوصية فيها من الحساسية والتحفظ الشيء الكثير وأحسبها معيقة لكل تقدم، كنت أتمنى أن يكون أول سؤال يطرح في المؤتمر الصحفي، أو حتى ما سبقه مع الزميل تركي الدخيل على قناة العربية هو: ما التقدم الذي نريده؟ وما هو الثمن الذي سندفعه مقابل هذا التقدم؟. نعم، هو السؤال المهم الذي يجب أن نبدأ به، بحيث إن لا رؤية مفيدة إذا لم يكن أساسها ترسيخ العلاقات، والمبادئ الإنسانية للمعنيين بنيل الفائدة من الرؤية، ولا بأس هنا أن أكون أكثر جرأة بالقول إننا كبلد مجتمعه متدين ولديه تطلعات كبرى يفرضها التسارع التحديثي للعالم، نحتاج إلى بحث وتحديد العلاقة بين الدين والمجتمع وكيفية توافقها مع الرؤية والتنمية المصاحبة لها، ونحتاج الى تحديد أين موقع المرأة في هذه الرؤية وهل سيطالها التغيير والتطور؟! أيضا أن ندرك أن أي رؤية تحتاج إلى إصلاح المنظومة التعليمية التربوية، ولنقرأ ماليزيا وكوريا وسنغافورة وكل بلد نال التفوق أن انطلاقته بدأت بتطوير وتحسين التعليم، وبمعنى آخر التخلص من التعليم البالي، الذي لا يصنع مبدعين كما هو العزيز تعليمنا.. نشدد على ذلك باعتبار المنظومة التربوية هي المنطلق الحقيقي للاجتماعي والثقافي والاقتصادي والتنموي. منتهى القول إننا إذا أردنا تميزا؛ فعلينا أن نقرأ حالنا الآن بصدق وواقعية، ولنحدد ما الذي يحتاج إلى التغيير أو التطوير؛ لكي يكون مواكبا ومعينا لرؤية 2030؟!.
مشاركة :